قراءة في حادث المنيا.. ودلالات فشل الإرهاب في زعزعة استقرار مصر

في 11 أغسطس 2018 فجر إرهابي نفسه بحزام ناسف في كنيسة السيدة العذراء بمنطقة مسطرد التابعة لمحافظة القليوبية في مصر، واليوم يستهدف إرهابيون حافلة تُقل أقباطًا من محافظة سوهاج على طريق دير الأنبا صموئيل في المنيا، وفتحوا عليهم النيران؛ ما أسفر عن وقوع شهداء ومصابين في حصيلة غير نهائية بلغ 27 ضحية، ما بين قتيل وجريح.
حادثان يحملان من الدلالات ما يكفي للقول إن الإرهاب لن يكف عن تهديد استقرار مصر وأمنها، وأن الحرب ممتدة ولم تنتهِ، حيث تخوض مصر معركتها بكل شرف ونضال حقيقي ضد صناع الموت ومن يمولون الإرهاب، ويوفرون لعناصره الدعم والتمويل والمأوى، فلن تستطيع جماعة أو تنظيم أن يكسر إرادة الشعب المصري أو يمزق نسيجه الوطني.
للمزيد سقوط شهداء ومصابين في هجوم مسلح على حافلة تقل أقباطًا بالمنيا
حتى الآن لم تعلن الأجهزة الأمنية عن منفذي الهجوم الإرهابي الذي استهدف الأقباط في طريق المينا، ولكن هناك ذيول الإرهاب والخلايا النائمة التي تشير إلي تورط جماعات إرهابية، وهي خلايا «داعش»، وخاصة خلية ما يعرف بـ«خلية تفجير الكنائس»، وخلايا جماعة المرابطين التابعة لتنظيم «القاعدة»، أو خلايا الإخوان التي تنفذ عمليات إرهابية.
للمزيد «خلية تفجير الكنائس».. مراحل التكوين وأبرز العمليات الإجرامية

«خلية تفجير الكنائس»
خلال السنوات الماضية ومنذ سقوط نظام الإخوان، وارتفعت وتيرة العمليات الإرهابيَّة في مصر، وكانت الكنائس والأقباط ضمن أهداف الجماعات الإرهابية، وتبني تنظيم «داعش» غالبية العمليات الإرهابية التي استهدفت مسيحيي مصر، التي كان آخرها هجوم كنيسة مسطرد في 11 أغسطس الماضي، قبل حادث اليوم.
و«خلية تفجير الكنائس» يقودها الإرهابي «عمرو سعد عباس إبراهيم»، الذي أعلنت وزارة الداخلية- وقت تنفيذ هجوم مسطرد- أنه العقل المدبر وزعيم الخلية الإرهابية التي نفذت عمليات تفجير استهدفت الكنائس والأكمنة خلال الفترة الماضية.
والخلية المذكورة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي المتهم الأول في عملية استهداف أتوبيس أقباط دير الأنبا صموئيل بالمنيا، وهي تكرار لعملية إرهابية سابقة أعلن التنظيم عن تبنيه لها وهي عملية استهداف أتوبيس للأقباط في مايو 2017 وأدى إلى استشهاد 40 من أقباط مصر.
وظهر اسم «خلية تفجير الكنائس » في ديسمبر 2017، حينما كشفت مصادر أمنية أن نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة، تجري تحقيقاتها مع الخلية التي ضبطت في نطاق محافظات الإسكندرية، والقليوبية، والوادي الجديد، وخططت لتنفيذ سلسلة من التفجيرات تستهدف الكنائس المصرية في احتفالات أعياد الميلاد المجيدة.
واستهدفت «خلية تفجير الكنائس » عدة كنائس مصرية بتفجيرات أغلبها كان بحزام ناسف، كان أولها، في محافظة القاهرة، بتفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية يوم 11 ديسمبر 2016، ما أسفر عن مقتل 29 شخصًا وإصابة 31 آخرين، وكذلك استهداف كنيسة «مار جرجس» في طنطا بمحافظة الغربية، و«مار مرقس» في الإسكندرية، في أبريل 2017 وعرفت إعلاميا باسم تفجيرات «أحد السعف»، ووقعت العمليتان بالتتابع في اليوم نفسه ما أسفر عن مقتل 44 شخصًا وإصابة نحو 126 آخرين، وهجوم دير الأنبا صموئيل بالمنيا، في مايو 2017 وأدى إلى استشهاد 40 من أقباط مصر.
للمزيد «السوابق».. دلائل تورط «داعش» في استهداف «كنيسة مسطرد»

«مرابطين» عشماوي
المتهم الثاني في استهداف أتوبيس دير الأنبا صموئيل بالمنيا، هو ما يعرف بتنظيم المرابطين الذي أسسه الإرهابي هشام عشماوي، وكان خبراء ومراقبون قد حذروا من رد فعل من قبل التنظيم الذي يقوده عشماوي ومن تنفيذ عمليات إرهابية في الداخل المصري عقب اعتقاله في درنة الليبية.
وليست مصادفة أن اللجان الإخوانية قد بثت مساء أمس الخميس (أي قبل الحادث بساعات) فيلمًا وثائقيًّا عن حادث «الواحات البحرية» والذي وقع عند منطقة الكيلو 135 بطريق الواحات بالصحرء الغربية، في 20 أكتوبر2017، وراح ضحيته 16 ضابطًا من قيادات الأمن الوطني والعمليات الخاصة، ونفذه تنظيم المرابطون بقيادة هشام عشماوي.
وكانت أبرز رسائل الفيلم هو التأكيد على وجود عدد من الخلايا النائمة التابعة لـ«عشماوي»، تنتشر داخل نطاق القاهرة الكبرى، ومنطقة الوادي، تهدد الأمن المصري وتنفذ عمليات ضد المؤسسات المصرية.
وقوف خلايا «عشماوي» وراء عملية استهداف أقباط مصر، وارد جدًا في ظل توقع رد فعل عنيف من تنظيم «المرابطون» على اعتقال قائدهم وزعيمهم، وكذلك ترجمة سريعة لتوقيت عرض الفيلم الذي حمل عنوان «الكمين القاتل».
للمزيد.. «عشماوي».. من الصاعقة إلى أخطر إرهابي في مصر
خلايا الإخوان المسلحة
الطرف الثالث والذي يكون وراء العملية الإرهابية لاستهداف أتوبيس دير الأنبا صموئيل بالمنيا، وهو «خلايا الإخوان الإرهابية» التي تتشكل من ما يسمى حركتي «حسم» و«لواء الثورة» الإرهابيتين، اللتين تستهدفان الدولة المصرية ونسيجها الاجتماعي خاصة الاقباط، حيث شهدت كنائس المنيا وبني سويف وأسيوط وغيرها اعتداءات من قبل عناصر الإخوان بعد عزل مرسي في 3 يوليو 2013.
وكشفت اعترافات المتهمين التي أدلى بها 52 متهمًا من المقبوض عليهم بشأن ضلوعهم في عمليات إرهابية ارتكبها حركتا «حسم» و«لواء الثورة» الإرهابيتان، والبالغ إجمالي المتهمين فيها 278 شخصًا، أمام نيابة أمن الدولة العليا، أن بناء الحركتين الإرهابيتين ينقسم إلى مجموعات نوعية تضطلع بمهام مختلفة، منها مجموعة «التدريب والتصنيع»، والتي تضطلع بتدريب عناصر التنظيم على استخدام الأسلحة المختلفة وأساليب إعداد العبوات المفرقعة، وتسليمها لمجموعات التنفيذ لاستخدامها في تنفيذ الاغتيالات والعمليات.
للمزيد «حسم» و«لواء الثورة».. مصر تقطع أذرع «الإرهابية»
جانبه قال هشام النجار، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بالأهرام، إن استهداف المنيا، يشير الدلائل إلى أن المتهم الأول هو تنظيم داعش، و«خلية تفجير الكنائس» التي يقودها الإرهابي «عمرو سعد عباس إبراهيم»،والذي نصب أميرا لداعش في جنوب مصر، فاسلوب الخلايا العنقودية الصغيرة التي تختبئ في كهوف الجبال هو أسلوب خلايا«عمرو سعد».
وأضاف النجار في تصريح خاص لـ«المرجع» أن عمرو سعد يرتكز في تحركاته على خلايا عنقودية صغيرة في تنفيذ عملياته الإرهابية، كامنة بسلاحها وعتادها بمناطق الظهير الصحراوي لمحافظات الصعيد، والتي تتميز بالوعورة الشديدة وصعوبة المطاردات والملاحقات الأمنية، والخلية الواحدة لا يتعدى عدد عناصرها عشرة أفراد، وبنفس درجة التسليح وسبل الإعاشة والاستعداد للمواجهة أو الانتحار باستخدام أحزمة ناسفة، والحرص على عدم الوقوع في قبضة الشرطة.
وأوضح أن عمرو سعد يخشى- بعد النجاحات المتلاحقة للأجهزة الأمنية وضرباتها القوية للإرهاب ومعاقله- أن تكون المبادرة في يد الأمن ما يؤدي إلى القضاء على التنظيم واعتقاله هو شخصيًا، فكانت عملية استهداف أتوبيس الأقباط بالمنيا، من أجل التأكيد على قوته ولكن المؤشرات تشير إلى أن تنظيم عمرو سعد في الرمق الأخير.