«العضاضة وزواج القاصرات».. تقرير دولي يوثق جرائم داعش ضد النساء بسوريا
تعمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا التابعة للأمم المتحدة، على توفير الأدلة الخاصة بالجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش، من خلال زيارات ميدانية ولقاءات مع الناجين والناجيات من إرهاب التنظيم، الذي روَّع الآلاف طوال سنوات عديدة.
وفي مارس أعلنت قوات سوريا الديمقراطية تحرير قرية الباغوز من مقاتلي داعش، آخر معقل لتنظيم الإرهابي في سوريا.
وأعدت اللجنة الدولية المكونة من خبراء في جرائم الحرب، تقريرًا أسبوعيًّا ضمن سلسلة من التقارير الدورية التي تسجل شهادات الناجيات من عنف داعش، إذ منذ ظهوره في أبريل 2013، فرض التنظيم الإرهابي قواعد صارمة على النساء والفتيات في المناطق الواقعة تحت سيطرته؛ ما وضعهن تحت سلطة الأقارب من الذكور، وأبعدهم عن الحياة العامة- بحسب التقرير.
وأكد التقرير، أنه تم منع النساء والفتيات من التعليم والعمل، ومن تتجرأ على مخالفة هذه القواعد تتعرض لعقوبات وحشية، وفي عام 2016 ألقت شرطة الحسبة- وهي ذراع داعش الأمنية في المناطق التي سيطر عليها- القبض على امرأة حامل في شهرها السابع في مدينة الرقة، لقيامها بالتحدث مع بائع كانت تشتري منه قفازات، وفي الاحتجاز تم استجوابها وضربها بعنف شديد بواسطة عصا خشبية.
كما تعرضت طفلة تبلغ من العمر 12 عامًا للضرب المبرح في الشارع من قبل شرطة الحسبة، بعد أن قبضت عليها وهي تشتري مساحيق تجميل لأختها الكبرى التي كانت على وشك الزواج في ذلك اليوم.
وفرض التنظيم الإرهابي قواعد صارمة على الملابس التي يرتديها كل من الرجال والنساء، لكن بحسب شهادات الناجيات فإن النساء كانت تتكرر معاقبتهم أكثر من الرجال، في حال عدم الامتثال لهذه القواعد.
وكان تنظيم داعش يمنع النساء والفتيات فوق سن العاشرة من الظهور والتنقل في الأماكن العامة، إلا إذا قمن بتغطية أنفسهن بشكل كامل بملابس طويلة سوداء تُخفي ما تحتها، كما كان ممنوعًا عليهن التنقل أو السفر إلا بصحبة أحد أقاربهن الذكور من الدرجة الأولى.
وكانت عقوبة انتهاك هذه القواعد دفع غرامة أو الجلد، وكانت العقوبة الأخيرة هي الأكثر استخدامًا من قِبل مقاتلي التنظيم، وكانت هناك وحدة نسائية في شرطة الحسبة، وتسمى «كتائب الخنساء»، وكانت مسؤوليتها رصد امتثال النساء لقواعد الملبس، بما في ذلك التأكد من أن النساء والفتيات لا يقفن عند حد تغطية أجسادهن ووجوههن فقط، بل وأيضًا يقمن بتغطية أيديهن وأقدامهن بشكل كامل.
كثيرة هي القصص التي يتداولها سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم عن عقوبات الجلد على سبيل المثال، وفي إحدى الحوادث الموثقة تم جلد إحدى المدرسات في مدينة الرقة على مرأى ومسمع من الجميع في أكتوبر 2013، بسبب عدم ارتدائها الحجاب.
وذكر التقرير عدة حوادث تتسم بوحشية أكبر، فعوقبت النساء مثلاً على وجود أقارب ذكور في البيت عند غياب الزوج عنه، لكن أبشع ما ذكر كانت واقعة حدثت عام 2015، عندما استخدمت عضوات كتائب الخنساء أداة تُسمى العضاضة، لمعاقبة المتهمات بخرق القواعد، ووصفت أحد الناجيات هذه الأداة أنها مثل طقم أسنان حديدي ترتديه نساء التنظيم وتتولى نهش أجساد النساء به.
وفي بعض الحالات، كانت تستخدم هذه الأداة لإحداث كدمات في منطقة الصدر، وفي حالات أخرى، كانت توضع الأداة على الثدي الأيسر للمرأة حتى تخترق أحد أوعية الدم الرئيسية، وتظل في مكانها لكي تنزف المرأة حتى الموت.
وكان مقاتلو داعش ينظرون إلى النساء غير المتزوجات والفتيات فوق سن البلوغ على أنهن فتنة، ونتيجة لذلك كانوا يقومون بالزواج القسري من الفتيات والنساء اللواتي يعشن في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، النسبة الأقل من هذه النساء بالغات، والأغلبية العظمى من الحالات الموثقة أظهرت أن ضحايا الزواج القسري هن من الفتيات ما بين سن الثانية عشر والسادسة عشر عاما.
وكانت معظم الأسر توافق على هذا الزواج خوفًا من عواقب الرفض، خاصة أن مقاتلي التنظيم كانوا يصلون مسلحين إلى مكان إقامة العروس؛ بهدف الضغط على الآباء للموافقة على عرض الزواج، وفي الحالات الأكثر تطرفًا، أُخذت الفتيات بالقوة.
وقالت سيدة في لقائها مع خبراء اللجنة الدولية: «أرغمت على إرسال بناتي القاصرات الثلاث (12-13-17) عامًا بعيدًا، خوفًا عليهن من رجال التنظيم»، وهرّبت أسر أخرى بناتها بعيدًا؛ حيث تم توثيق الكثير من الحالات التي أُرسلت فيها فتيات صغيرات دون سن الرابعة عشرة من دون أي مرافق في طرق التهريب الخطرة خارج محافظتي الرقة ودير الزور.
وحاولت بعض الأسر تجنب تزويج بناتهم لمقاتلي داعش، بقيامهم بتزويج الفتيات الصغيرات لمتقدمين آخرين؛ ما أدى بصورة مباشرة إلى ارتفاع نسبة زواج الأطفال، وغالبًا ما كان ينتهي هذا النوع من الزواج بعد فترة قصيرة إما عن طريق الطلاق، وفي هذه الحالات كن يعدن إلى بيت الأسرة أو ينتهي بوفاة الزوج المقاتل، وهنا تنتقل الزوجة تلقائيًّا إلى مقاتل آخر.
وكان الأزواج يحددون من هو الوارث لزوجاتهم، فيقولون للعروس على سبيل المثال «لو متُ فإنك سوف تتزوجين من فلان»، ولتسهيل إمكانية نقل المرأة إلى مقاتل آخر ينتظر في الصف، ألغت قيادة التنظيم الإرهابي فترة الحداد، وتم تناقل الكثير من النساء إلى العديد من مقاتلي داعش، ووصل في بعض الحالات عدد مرات نقل الزوجة إلى ست أو سبع مرات في غضون سنتين.





