يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

حزب «التحرير» السوري.. نموذج محاكاة للفكر الداعشي

الأربعاء 24/أكتوبر/2018 - 10:49 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة

ربما كان حزب التحرير الإسلامي، (تأسس 1953م على يد تقي الدين النبهاني) أول من فكر في الأعوام الأخيرة في «خلافة» على أرض سوريا، ربما حتى قبل تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، فقبل خروج التظاهرات في سوريا في 2011، أصدر حزب التحرير بيانًا قال فيه: إنه يتوقع امتداد احتجاجات ما عرف بـ«الربيع العربي» إلى سوريا؛ ومن ثم يتثنى له الفرصة لتأسيس حلمه في إقامة دولة الخلافة.

في 2013، لم يكف الحزب عن ترديد طموحاته، إذ ظهر المتحدث باسمه، ويدعى «هشام الباب»، عبر موقع «الجزيرة نت» ليقول إن الأرضية أصبحت خصبة ومهيأة للبدء في التحضير لقيام دولة الخلافة الإسلامية.

وإن كانت الفصائل تتجهز فعلًا للحلم الذي طالما ما منّوا أنفسهم به، فكانت أقصى تحضيرات «التحرير» هو توزيع منشورات بمدينة حلب، تخبر الناس بأن «شمس الخلافة ستسطع من جديد».

المنشورات التي وزعها الحزب ويصنفها مراقبون على أنها ضعيفة ولم تتواكب مع المشهد السوري الذي كان في 2013، قد وصل إلى قمة العنف المسلح، لم تكن وحدها، إذ اقتصر نشاط الحزب في المشهد على رفع رايات سوداء، والدعوة إلى مظاهرات غالبًا ما يستجيب لها عدد محدود.

ولم يكتفِ الحزب بذلك إذ كرر في أكثر من مرة دعوات تطالب عناصر «داعش» و«القاعدة» بتسليمه المساحات التي يسيطروا عليها ليتولى هو إدارتها.

 ويتفق ذلك مع معتقد الحزب الديني بأن إقامة الخلافة يكون عبر خطوتين الأولى العمل العسكري، وهو في حالة سوريا تقوم به الفصائل المسلحة، والثانية تكون عبر الإدارة من قبل سياسيين.

وإن كانت كافة الأطروحات المقدمة عن حزب التحرير تؤكد ضعفه، وإن كان ذلك يتسق مع تحركاته التي كان يسعى للحضور عبرها داخل المشهد السوري، ولم تخرج عن سياق البيانات، فما هو الهدف الذي كان يحرك حزب التحرير؟ 


حزب «التحرير» السوري..

اقتناص الفرص

الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، هشام النجار، يعلق على ذلك، إذ قال لـ«المرجع» إن حزب التحرير يدرك وزنه المحدود سواء داخل سوريا أو خارجها، مشيرًا إلى أنه لمعرفته الجيدة بذلك يحاول اقتناص الفرص عبر الصعود على الأحداث، لافتًا إلى أن تعاطي الحزب مع الحرب السورية، كان من هذا المنطلق، وهو محاولة استغلال الأحداث لإثبات وجود ليس أكثر.

وأشار إلى أن الحزب على علم بأن تحركاته لن ترقى إلى تأسيس خلافة أو غيره، منوهًا إلى أن أقصى طموحه من هذه التحركات كان مجرد الحضور.

وفسر «النجار» بذلك موقف الحزب من اتفاق «سوتشي» الذي وقعته روسيا وتركيا، منتصف الشهر الماضي، وتوصلا فيه إلى إقامة منطقة عازلة بعمق 15: 20 كيلو مترا، تفصل بين قوات النظام السوري والفصائل المسلحة، إلى جانب نقل الفصائل لسلاحها الثقيل إلى الشمال.

 وكان موقف حزب التحرير رافضًا للاتفاق رغم موافقة أغلب الفصائل بما فيها ما يعرف بـ«هيئة تحرير الشام»، وعن ذلك قال «النجار» إن التحرير حاول عبر هذا الموقف المزايدة على الموافقين لإقناعهم ومن ثم يبقى هو الجهة الرافضة للتنازلات، مشددًا  على أن الحزب يتعمد من هذا أيضًا، الصعود على الحدث، حتى لو كان المشهد بالكامل لم يعطه أهمية.

ولفت إلى أن حزب التحرير يبقى خارج الحسابات السياسية، مشيرًا إلى أنه سيتجه نحو الكف عن الظهور في الإعلام فور استقرار الأمور للنظام السوري بشكل كامل، وحينما تخلو الساحة من الفصائل.

وحزب التحرير هو نتاج حقبة سياسيَّة، بدأت في 1924، عندما سقطت الخلافة العثمانيَّة؛ ليمرَّ معها المسلمون بمحنة العيش لأول مرة خارج إطار ديني سياسي جامع.

 الفراغ الذي خلَّفه سقوط الخلافة كان دافعًا لظهور عشرات الأطروحات الدينيَّة التي وضعت تصورات لكيفية إعادة الخلافة، من بين هذه التصوُّرات كان ما قدَّمه حسن البنَّا، وأسس عليه جماعة الإخوان بمصر عام 1928، وتقي الدين النبهاني، الذي أَسَّسَ حزب التحرير الإسلامي في 1953.

بالرجوع إلى المرجعيَّة الفكريَّة التي أسَّس «النبهاني» عليها حزبه، لا توجد اختلافات واسعة بين «التحرير» و«داعش»؛ حتى إن بعض المراقبين للجماعات الدينيَّة قالوا إن حزب التحرير يصلح لأن يكون ذراعًا سياسيَّة لـ«داعش»، مفسرين ذلك بأن الحزب مُتشدِّد في أحكامه، ويُكفِّر الحاكم والمحكوم، ولا يتورَّع في تسمية رئيسه بـالأمير والدول العربية بـالولايات، تمامًا كما يفعل «داعش».

للمزيد..حزب التحرير.. السير على خُطى الإخوان بأقنعة سياسية

"