مع انطلاق «أبطال النصر الثانية».. «الباتريوت» الأمريكي داخل المشهد الأمنى العراقى
على مسار إكمال عملية «إرادة النصر» التي انطلقت أولى مراحلها الثمانية في 7 يوليو 2019، أطلقت القوات الأمنية العراقية، الجمعة 10 أبريل 2020، عملية «أبطال النصر الثانية»؛ بغرض تأمين الحدود "العراقية – الأردنية" حتى الحدود السعودية، بالتوازي مع بدء نصب بطاريات صواريخ باتريوت أمريكية لحماية القواعد العسكرية التابعة لواشنطن من الهجمات الصاروخية الإيرانية، ما يفتح المزيد من التساؤلات عن مستقبل القوات الأمريكية في بلاد الرافدين.
وذكر بيان لخلية
الإعلام الأمني أن العملية تهدف إلى ملاحقة بقايا
عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، وإلقاء القبض على المطلوبين والتحقق من هويات جميع الأسر الساكنة
هذه المناطق لتعزيز الأمن والاستقرار فيها.
فيما قال قائد
العمليات "قاسم مصلح" بحسب موقع «أخبار العراق» إن العملية انطلقت في أربعة محاور رئيسية
بهدف أساسى، هو تأمين الحدود العراقية والصحراء الممتدة من الحدود "العراقية ــ الأردنية" نزولًا إلى المملكة العربية السعودية؛ إذ تعول التنظيمات الإرهابية على هذه المناطق
لشن هجمات ضد نقاط الأمن، مشيرًا إلى أن تلك العملية تستهدف أيضًا المناطق التي شهدت
تحركات من الإرهابيين خلال الأيام الماضية.
الباتريوت في المشهد العراقى
تأتي تلك العملية بالتزامن مع تأكيدات سياسي عراقي مقرب من الإدارة الأمريكية، السبت 11 أبريل، أن القوات الأمريكية نصبت أنظمة باتريوت دفاعية في العراق؛ لحماية قواعدها العسكرية من صواريخ ميليشيات إيران، وهى القواعد التي تعرضت لهجمات سابقًا أودت بحياة جنود من قوات التحالف الدولي المناهض لتنظيم «داعش».
ويذكر أن القواعد العسكرية الأمريكية في العراق تعرضت لهجمات صاروخية من قبل فصائل مرتبطة بإيران، وعقب هجمة أودت بحياة أمريكي في قاعدة عسكرية، أواخر عام 2019، ردت الولايات المتحدة في 3 يناير 2020 بقتلها «قاسم سليماني» قائد فيلق القدس بالحرس الثورى الإيرانى في استهداف لسيارته قرب مطار بغداد، ثم ردت طهران بإطلاق صواريخ على قاعدة «عين الأسد» العسكرية الأمريكية في محافظة الأنبار غربي العراق، دون إيقاع ضحايا، وتواصلت الهجمات الإيرانية ضد القواعد الأمريكية.
عقب ذلك تبنى البرلمان العراقي قرارًا يدعو الحكومة إلى إخراج القوات الأجنبية من البلاد، لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تشبث بالبقاء وهدد بغداد بعقوبات قاسية في حال إصرارها على الرحيل.
وفي 30 يناير 2020 أعلن الجيش العراقي، أنه استأنف عملياته بالتعاون مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، وهى التي توقفت في أعقاب مقتل «سليماني».
الغموض سيد الموقف
يلف الغموض مستقبل القوات الأمريكية في العراق؛ إذ صرحت مصادر عراقية لموقع «روسيا اليوم» في يناير الماضي، بأن هناك تواصلًا بين الحكومتين العراقية والأمريكية حول مستقبل القوات، وأن واحدة من الطروحات الموجودة، هي أن يوجد حلف الناتو في العراق ويكون وجود القوات الأمريكية ضمن هذا الحلف.
وأشارت المصادر تلك إلى أن مسؤولين حكوميين عراقيين، أكدوا لنظرائهم الأمريكيين حاجتهم لوجود قواعد أمريكية في العراق.
وفي 7 فبراير 2020، أكد المتحدث باسم التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، مايلز كاكينز، في حوار مع شبكة «رووداو» الإعلامية العراقية أن التنظيم ينشط في عدد من مناطق العراق، وبيّن أن هدف التحالف الرئيسي هو تقديم المساعدة للعراق في سبيل القضاء على تنظيم داعش، مؤكدًا أن التنسيق بين قوات البيشمركة والقوات العراقية يقلل من خطر داعش.
تزامن التوقيت
ويقول أسامة الهتيمي، الباحث في الشأن الإيرانى، إن عملية "أبطال النصر الثانية" تأتي في سياق سلسلة من العمليات الأمنية التي يقوم بها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في محاربة تنظيم «داعش» الذي تبين أنه وعلى الرغم من كل الهزائم التي لحقت به مؤخرًا في كل من العراق وسوريا، استطاع أن ينشط في بعض المناطق في كلا البلدين وعلى الحدود المشتركة مع بعض دول المنطقة، إذ نجح في شن العشرات من الهجمات وعمليات الاختطاف في الفترة الأخيرة.
وأضاف في تصريح لـ«المرجع» أن ما يميز تلك العملية عن العمليات السابقة أنها تتزامن مع تصاعد حالة التوتر بين القوات الأمريكية الموجودة في العراق، والتي استعادت وجودها عام 2014 بعد انسحاب أمريكي جزئي في 2011 للمشاركة في تحالف دولي لمحاربة تنظيم "داعش"، من جهة ، وبين الميليشيات العراقية الموالية لإيران، التي تعد المكون الأساسي لقوات الحشد الشعبي الذي يعول العراق عليه باعتباره فاعلًا أساسيًّا في محاربة التنظيم، من جهة أخرى.
ويضيف أن هذا التوتر تزايدت حدته بعد أن تمكنت القوات الأمريكية في العراق من قتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ليعقب ذلك توجيه ضربات عدة بإتجاه القوات الأمريكية ما دفعها إلى أن تنشر مؤخرًا بطاريات باتريوت لحماية قواتها في العراق، فضلًا عن أن هذا التوتر صاحبه حدوث تراجع نسبي في دور القوات الأمريكية بشأن المبرر الأساسي لوجودها.
وأكد الباحث في الشأن الايرانى، أن ما سبق لا يعني صحة ما ذهب إليه البعض بإيذان انسحاب القوات الأمريكية من العراق مستندين إلى مطالبة البرلمان العراقي للقوات الأمريكية بذلك بشكل صريح؛ إذ جاءت التصريحات الأمريكية على ألسنة العديد من المسؤولين الأمريكيين وأبرزهم دونالد ترامب نفسه، ووزير الدفاع مارك إسبر، نافية صحة ما تردد حول ذلك، مؤكدين أنه ما كان لواشنطن أن تنسحب في الوقت الحالي، إذ أن هذا الانسحاب مشروط بدفع العراق لتكاليف إنشاء القواعد الأمريكية الموجودة هناك.
للمزيد.. محلل سياسي مصري: العراقيون قادرون على وقف تمدد نفوذ واشنطن وطهران (حوار)





