رعب إسلاميي المغرب العربي من «طوفان الكرامة».. قراءة في مزاعم «النهضة» و«مجتمع السلم»
الجمعة 12/أبريل/2019 - 03:53 م

سارة رشاد
لا يمكن فصل بيانات الإدانة الصادرة عن جماعات الإسلامي الحركي في المغرب العربي، للتحرك العسكري الذي بدأه الجيش الليبي، قبل أسبوع، باتجاه العاصمة طرابلس، لتطهيرها من الميليشيات الإرهابية، بمعزل عن الواقع الجيد لهذه الجماعات في بلدانها ووصول بعضها إلى حقائب وزارية وقيادة حكومات.

وعلى عكس المشرق العربي، ووفقًا لدراسات بحثية، يتمتع الإسلام الحركي في المغرب بحالة من الاستقرار، الأمر الذي جعل هذه الجماعات تنظر إلى تجربتها في المغرب كما ولو أنها الضمانة الوحيدة لبقائها، ما يوضح دفاعها المستميت عن مكتسباتها في المغرب العربى.
وفي خضم هذه الأثناء؛ جاءت تحركات الجيش الوطنى الليبي باتجاه العاصمة طرابلس، للقضاء على الميليشيات المعبّرة عن جماعات الإسلام الحركي التي تسيطر على العاصمة، تحت إشراف من حكومة الوفاق، لتعبّر جماعات الإسلام الحركي في دول الجوار، وتحديدًا في تونس والجزائر عن إدانتها لتحركات الجيش، الأمر الذي قد يوضع في سياق تخوف الإسلاميين في المغرب العربي على مكتسباتهم وفقدهم لدولة مثل ليبيا حال ما فقدوا السيطرة على العاصمة.
وكانت حركة النهضة الإسلامية، امتداد جماعة الإخوان في تونس، قد أصدرت بيانًا، مطلع الأسبوع الجاري، مذيلًا بإمضاء رئيسها راشد الغنوشي، أدانت فيه تحركات الجيش الليبي، واعتبرته "تحرك غاشم".
وبينما كان البيان موجهًا إلى الخارج، جاءت أصداؤه كبيرة داخل تونس، إذ اتهم نشطاء تونسيون، "النهضة" بمخالفة الدستور التونسي، بتعليقها على أوضاع دول أخرى، فيما يعتبر هذا الأمر من مهام الدولة التونسية ومؤسساتها فقط.
وفي أثناء الضجة التي سببها البيان، جاء تعليق زعيم حركة مجتمع السلم «حمس»، امتداد جماعة الإخوان في الجزائر، عبدالرزاق مقري الذي ندد بتحركات الجيش الليبي في المنطقة الغربية من ليبيا، معتبرًا إياه عملًا إستفزازيًا لبلاده، وزعم "مقري" أن تحرك الجيش الليبي في المنطقة الغربية هو نوع من الضغط على المؤسسة العسكرية في بلاده لتسير في ركب الأجندات.
وأضاف في مؤتمر صحفي عبر قناة «الحياة» الفضائية الجزائرية أن ما وصفه بـ«تقدم حفتر تجاه الحدود الشرقية للجزائر» مجازفة بنفسه وباستقرار المنطقة ككل، معتبرًا أن في هذا التقدم استهزاء بتلاحم الشعب الجزائري في الدفاع عن بلاده، على حد قوله.
وربط مراقبون بين موقف إسلاميي المغرب العربي من تطورات ليبيا وخوفهم على مستقبل تجربتهم هناك، إذ اعتبروا أن إحداث أي تغيير في الخريطة السياسية بليبيا وإخراج الإسلاميين من المشهد من شأنه أن يكون له مردود على جيرانهم الإسلاميين بتونس والجزائر والمغرب.
ويدعم هذا الربط الأجواء السياسية التي تعيشها كل من تونس والجزائر، إذ تستعد الأولى لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، نهاية العام الجاري، وتراهن "النهضة" على تحقيق نتائج جيدة فيها، ما يشير إلى تخوفها من تأثرها بالأوضاع في تونس.
وجزائريًّا أيضًا مرت البلاد بمرحلة انتقالية تسعى فيها حركة "مجتمع السلم" للخروج بمكاسب في فترة تبدو حساسة.
ويدعم المُحلل السياسي الليبي، عبدالحكيم فنوش، هذا الاحتمال، إذ فسّر بيانات "النهضة" و"حركة السلم" بخوف على مستقبل نفوذهم في بلدانهم، معتبرًا أنهم يرون أن المغرب العربي كيان واحد، وستؤثر الأوضاع في ليبيا على مستوى شعبيتهم في الشارع.
وفي الوقت نفسه، قال الباحث الليبي، محمد الزبيدي، إن الإسلاميين في ليبيا لم يحظوا بشعبية لكنهم فُرضوا على المشهد الليبي، مشيرًا إلى أن وجودهم في ليبيا كان لإكمال المشهد المغاربي الذي يحظى فيه الإسلاميون بنفوذ، لافتًا إلى أن خروج ليبيا من تحت سيطرة الإسلاميين يعني أنها ستلحق بالمعسكر الشرقي الذي تخلص من سطوة الجماعات الدينية.
يشار إلى أن جماعات الإسلام الحركى تخوض تحديًا جديدًا في تونس والجزائر، إذ تعتبر الانتخابات المرتقب إقامتها في الأولى والمرحلة الانتقالية في الثانية، مؤشرًا إما على استمرار مسلسل فشل الإسلام السياسي، أو إعادته للمشهد.