الدواعش في سجون سوريا والعراق.. بين محاولة كسر الجدران واستمرار التجنيد
الأحد 31/مارس/2019 - 08:39 م
أحمد سلطان
داخل حجرة رطبة مظلمة، تكدس العشرات من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق، بعد إلقاء القبض عليهم في عمليات متنوعة، وفي الجانب الآخر من الحدود السورية، التي كان التنظيم الإرهابي يسيطر عليها يومًا ما، فيما مكث آخرون في سجون قوات سوريا الديمقراطية «قسد».
تكرر هذا المشهد كثيرًا، بعد إعلان القضاء على آخر جيوب «داعش» في قرية الباغوز فوقاني السورية، حين استسلم الآلاف من أعضاء التنظيم وعوائلهم لـ«قسد»، حتى يجري نقلهم إلى مقرات احتجاز لم تُعدَّ لتكون سجونًا دائمة.
في وقت سابق، قدرت منظمة هيومان رايتس ووتش أعداد الدواعش في سجون العراق بنحو 20 ألف سجين، بينما تشير تقديرات «صوفان جروب» للخدمات الاستخبارية إلى وجود عدد مماثل في السجون الكردية داخل سوريا.
أبوبكر البغدادي
السجون مقرات للتجنيد
ويشير تقرير صادر عن «صوفان جروب» إلى احتمال تحول مقرات اعتقال الدواعش الحالية إلى «مقرات تجنيد» كبيرة للإرهابيين، تمامًا كما كان سجن «بوكا» الذي تخرج منه أبوبكر البغدادي وقادة الصف الأول في تنظيم داعش.
وبحسب تصريح سابق لـ«أسوشيتد برس» في مارس الماضي، قال مسؤول عراقي داخل سجن الناصرية، 320 كيلومترًا جنوب شرق بغداد وهو أكبر مقر لاحتجاز عناصر التنظيم الإرهابي في العراق: «إن إدارات السجون لا تستطيع فصل الدواعش عن بعضهم نظرًا لاكتظاظ السجون بالمعتقلين، مضيفًا أن عناصر التنظيم ينشرون أفكارهم، ويقومون بعمليات التجنيد داخل السجن».
كسر الجدران
داخل السجون تكونت مجموعات كاملة تابعة لتنظيم داعش في العراق؛ من بينها مجموعة القيادة التي ضمت «أبوبكر البغدادي»، زعيم التنظيم الإرهابي، و«أبومحمد العدناني» المتحدث السابق باسم التنظيم ومخطط العمليات الإرهابية في الدول الأوروبية، و«أبوعبدالرحمن البيلاوي»، العقيد السابق في الجيش العراقي والمخطط الأول للتمدد الداعشي في العراق والسيطرة على مدينة الموصل، وغيرها.
اتفقت «مجموعة القيادة» على مواصلة العمل الإرهابي بعد خروجهم من سجن «بوكا»، وهو ما دفع «البغدادي» لتهديد حراس السجن الأمريكيين لدى الإفراج عنه قائلًا: «نلتقي في نيويورك يا شباب»، بحسب تصريح سابق للجنرال «كينيث كينج» مدير السجن في تلك الفترة.
فيما شن التنظيم الإرهابي عددًا من العمليات العسكرية بعنوان «كسر الجدران» على السجون العراقية التي ضمت عناصره منذ عام 2011، وأسفرت تلك الحملة عن تهريب المئات من العناصر الداعشية.
ومن جديد، عاد التنظيم ليلمح إلى إمكانية شن حملة مماثلة عبر صحيفته الأسبوعية النبأ، التي أوردت قصة أبوعمر الشامي أحد عناصر التنظيم الذين اعتقلوا في العراق لمدة 6 سنوات قبل أن يهرب لاحقًا أثناء هجوم للتنظيم على سجن أبوغريب.
ودعا التنظيم عبر عدده الأخير من «النبأ» وغيرها من الإصدارات المرئية التابعة لمكاتبه الإعلامية، أعضاءه في السجون إلى الصبر ومواصلة العمل الدؤوب، والاستعداد للحظة «كسر الجدران»، وتهريبهم من داخل السجون.
الفساد المالي وعمليات الهروب
لم تكن «كسر الجدران» الطريقة الوحيدة لتخليص الدواعش من السجون العراقية، فهناك طرق أخرى يتبعها التنظيم، مثل دفع الأموال للعناصر الفاسدة داخل الأجهزة الأمنية لتهريب عناصر التنظيم، أو مبادلتهم بأفراد آخرين يجري اختطافهم.
ووفقًا لحوار سابق أجرته النبأ الداعشية، في عددها الـ78، مع ما يُعرف بأمير هيئة الأسرى والشهداء، فإن تلك الجهة تدفع أموالًا لقيادات عراقية أو كردية فاسدة مقابل تسهيل تهريب عناصر داعشية من السجون.
وعلى صعيد متصل، ألمح القيادي الداعشي «أبومحمد الهاشمي»، في كتابه «كفوا الأيادي عن بيعة البغدادي»، إلى أن: «التنظيم يسعى لتهريب جميع المحتجزين في السجون العراقية أو الكردية بأي طريقة، موضحًا أن ذلك يتوقف على وضع السجن، ومدى فساد القيادات الأمنية القائمة عليه».
مؤكدًا: «أن التنظيم دفع رشوة مقدارها 32 ألف دولار لأحد القيادات الأمنية للإفراج عن أقارب عضو باللجنة المفوضة لإدارة تنظيم داعش».
«قسد» تمنع السجناء من التواصل
داخل سجن ديريك المركزي المخصص للدواعش في سوريا، فرضت الإدارة الكردية المدعومة أمريكيًّا، السجناء من التواصل مع بعضهم البعض؛ لمنعهم من التخطيط للهروب.
ووضعت إدارة السجن برنامجًا للقابعين داخله تمنعهم من الالتقاء داخل ساحة التريض التي يرتادونها لمدة ساعة ونصف يوميًّا، أو أثناء تناول الطعام خلال الوجبات الثلاث.
ووفقًا لمسؤول من مكافحة الإرهاب داخل الإدارة الكردية، رفض نشر اسمه في حديث لـ«المونيتور»، فإن «قسد» اتخذت تلك التدابير الاحترازية لخوفهم من هروب الدواعش.
تحول السجون لـ«بوكا» جديد
من جانبها، حذرت صوفان جروب للخدمات الاستخبارية من تحول السجون الحالية لمعسكرات تجنيد جديدة للدواعش، على غرار ما حدث في سجن بوكا، مضيفةً أن بقاء الوضع الحالي يهدد بعودة جديدة للتنظيم الإرهابي.
وأشارت المجموعة، التي يديرها علي صوفان- عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق المسؤول عن ملف القاعدة- إلى أن الإدارة الكردية تفكر في ترحيل محتجزين لديها من سوريا إلى العراق، رغم فشل الإدارة العراقية في التعامل مع ملف سجناء داعش حتى الآن.
وذكرت «صوفان جروب» أن الوضع داخل السجون الحالية يشبه إلى حد كبير الوضع في «سجن بوكا» من قبل، وهو ما يخدم تنظيم داعش الذي يسوق نفسه كحامٍ لأهل السنة في العراق.





