كيف وظّف «القاعدة» هجوم نيوزيلندا لخدمة أهدافه؟
من بين تنظيمات متطرفة كثيرة حاولت توظيف الحادث الإرهابي الأخير الذي استهدف مسجدين في نيوزيلندا، الجمعة 15 مارس 2019، كان تنظيم «القاعدة»، الذي بثّ سريعًا، كلمة عبر أدواته الإعلامية الإلكترونية، عنونها بـ«الرد الحكيم على قتل الكافر اللئيم للمصلين في نيوزيلندا».
واستند التنظيم في الكلمة المدونة بقلم شخص يُدعى «أبوعبدالكريم الغربي»، إلى الحادث الذي أدى لمقتل 50 من مُرتادي المسجدين؛ لإثبات حجة أفكاره، فيما حرّض في جزء منها أتباعه في أوروبا على حمل السلاح، وتنفيذ عمليات إرهابية ضد المؤسسات الاقتصادية والعسكرية.
ولا تعتبر هذه هي المرة
الأولى التي يقدم فيها «القاعدة» نفسه وصيًّا أو متحدّثًا باسم المسلمين، فيما يأتي
ذلك في سياق محاولات التنظيم المتكررة لاستعادة عافيته، خاصة بعد خفوت نجم تنظيم
«داعش» الذي حاول هو الآخر استغلال الحادث لإطلاق التحريضات.
عودة «القاعدة»
في تحذيرات جديدة تعود
لشهر فبراير 2019، تحدّث مدير المخابرات البريطانية، أليكس يانجر، فيما يشبه
الإقرار بعودة تنظيم «القاعدة».
وعلى هامش مؤتمر ميونخ
للأمن، قال يانجر: «القاعدة التي كانت دائمًا في حالة خصومة مع داعش.. عاودت الظهور
بدرجة ما؛ نتيجة تراجع داعش».
تنبؤية
ولا يعتبر الحديث عن هذه
العودة جديدًا؛ إذ توقع مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء
المصرية، في دراسة تنبؤية تعود لديسمبر 2017، أن يكون عام 2018، هو عام العودة
التدريجية لتنظيم القاعدة.
واستند في ذلك على انهيار تنظيم
«داعش» المنافس الأول لـ«القاعدة»، مشيرًا إلى أن تنظيم القاعدة يحتفظ بعناصر
له في أفغانستان واليمن والصومال واليمن وغرب أفريقيا، وأنه من المحتمل أن يلتحق
به بعض عناصر «داعش» الفارُّون من العراق وسوريا، وقد يصطدم به بعض
العناصر الآخرون في مزيج من التحالف والمواجهة.
الفرضية نفسها عززها الظهور المتكرر لنجل أسامة بن
لادن «حمزة»؛ إذ تواترت تحليلات تشدد على أن ظهور «حمزة» هدفه تحضيره
لقيادة «القاعدة» الذي فقد بريقه بمقتل والده، وعزز هذا الأمر اعتماد النجل
المقرب لوالده، بحسب تقارير استخباراتية، على كاريزما مؤسس تنظيم «القاعدة» بن
لادن؛ إذ قال باحثون: إن الابن يراهن على كونه امتدادًا لوالده، ليطيح بالزعيم الحالي
للتنظيم، أيمن الظواهري.
في ضوء ذلك، يعتبر تنظيم «القاعدة»
الأبرز حاليًّا مقارنةً بباقي التنظيمات المتطرفة، في دول ما يُعرف بـ«الربيع العربي»؛
إذ يُعَدّ المسيطر الأول على مناطق نفوذ الميليشيات المسلحة في سوريا، لاسيما الوضع
التاريخي الذي يحتفظ به في اليمن والمغرب العربي.
أفريقيا هي الأخرى ساحة مهمة لتنظيم القاعدة؛ إذ ينشط فيها
التنظيم عبر كيانات مسلحة أفريقية، أبرزها «حركة الشباب» الصومالية.
للمزيد: «الشباب
الصوماليَّة».. حركة محلية تُدوِّلها «القاعدة»
من جانبه لم يتفق الكاتب السياسي، محمد فرّاج أبوالنور، مع الفرضية القائلة بالعودة القوية للقاعدة، قائلًا: إن هذه العودة ستكون
تحت أعين الدول الكبرى، أي بحدود ترتضيها هذه الدول للتنظيم الإرهابي، معتبرًا أن العواصم الكبرى ترسم للتنظيم حدوده؛ بحيث تكون عودته محسوبة ولا يستعيد
جُلّ عافيته التي أهّلته لتهديد الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001.
ولفت إلى أن الغرض من هذه العودة هو احتواء
الإرهاب الدولي، ووضعه تحت أعين أجهزة المخابرات، مع إتاحة الفرصة له للظهور عبر عملية هنا أو هناك ليس أكثر، مشددًا على أن «القاعدة» من جانبه يستميت ليستعيد قوته
كاملة، وذلك يظهر في وقائع مثل واقعة حادث المسجدين التي علق «القاعدة»
عليها، وحاول استخدامها لصالحه.
للمزيد: مرصد الإفتاء: الفكر
«الداعشي» في الغرب وجرائم «الإسلاموفوبيا» وجهان لعملة واحدة





