ad a b
ad ad ad

هجوم نيوزيلاندا.. هل يمنح قُبْلةَ الحياة لـ«داعش»؟

السبت 16/مارس/2019 - 01:06 م
المرجع
أحمد سلطان
طباعة

كعادتهم في نهاية كل أسبوع، توجه «مسلمو نيوزلاندا» إلى المساجد الواقعة في ضاحية كرايست تشيرش لأداء صلاة الجمعة، لكنهم لم يعلموا أنها ستكون «الصلاة الأخيرة »، خلال انشغالهم بالصلاة دخل إرهابي يحمل الجنسية الأسترالية، إلى داخل المسجد حاملًا سلاحًا وكاميرا يوثق بها جريمته فى بث مباشر على الهواء، وبدأ بإطلاق النار تجاه المصلين، ثم غادر «مصلى الرجال»؛ ليواصل مجزرته فى «مصلى السيدات». 


هجوم نيوزيلاندا..

لم يكن منفذ الهجوم مريضًا نفسيًا، بل متطرفا مؤمن بـ«العنف ضد المسلمين» وهو ما أظهرته كتابته التي نُشرت بعد الحادث بالإضافة لأداة الجريمة التي دون عليها تاريخ المعارك الحربية بين المسلمين والمسيحيين في أوروبا.


«الفسططة»

كان هذا هو المصطلح الذي استخدمه مؤسس تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، بعد هجمات 11 سبتمبر، حين خرج في أحد خطاباته المشهورة قائلًا: «هذه الأحداث قسمت العالم بأسره إلى فسطاطين: فسطاط إيمانٍ لا نفاق فيه، وفسطاط كُفْرٍ- أعاذنا الله وإيّاكم منه -، فينبغي على كلّ مسلم، أنْ يهبّ لنصرة دينه».


حاول «بن لادن» في هذا الحوار إثارة مشاعر المسلمين، وحثَّهم على الدخول في «معسكر القاعدة»، الذي اعتبره معسكر المؤمنين الراغبين في التصدي لما وصفه بالحملة الصليبية العالمية، التي تستهدف المسلمين.


وعلى نفس الفكرة، لكن بتشدد أكثر، سار أحمد الخلايلة المشهور بـ«أبو مصعب الزرقاوي»، الذي اعتبر أن «الطائفية» ستجبر المسلمين إلى الانضمام لمعسكر «أهل الإيمان» في مواجهة ما وصفه بـ«الحملة الصليبية - الشيعية» ضد المسلمين.


كان «الزرقاوي» ينتمى لما يعرف بـ«الجيل الثاني للقاعدة»، وهو أكثر عدائيةً وتطرفًا من «جيل المؤسسين»، بالرغم من أنه في بداية مسيرته داخل العراق لم يكن تابعًا لتنظيم القاعدة، أو مواليا لزعيمه «بن لادن».


في رمضان من العام 2004، أي بعد عام واحد من إنشاء جماعة الزرقاوي المعروفة بـ«التوحيد والجهاد»، أعلن «الزرقاوي» بيعته وولاءه لتنظيم «القاعدة» وزعيمه أسامة بن لادن، لكن وفق شروط محددة وضعها الأول.


تضمنت الشروط التي أقرَّ بها «بن لادن»، تأييد تنظيمه للعمليات التي يقوم بها «الزرقاوي» في العراق ضد الشيعة، باعتبار أن تلك العمليات ستؤدي لزيادة الهجمات التي تشنها المليشيات الشيعية ضد «سنة العراق»، فيلجئون للدخول في تحالف مع «القاعدة في بلاد الرافدين»؛ بحيث تتحقق فكرة الفسططة، وهي إما أن تكون مع «معسكر أهل الإسلام» أو «معسكر أهل الصليب والأوثان»، بحسب أدبيات تنظيم القاعدة.


ورغم أن «بن لادن» بقي متحفظًا على «وصفة الزرقاوي»، إلا أنه اضطر لقبولها بل وتأييدها في وقت لاحق؛ لضمان ولاء «الفرع العراقي» الذي كان بمثابة رأس الحربة القاعدية في ذلك الوقت، وفي بيانه الذي أصدره بمناسبة موت «الزرقاوي»، اعتبر مؤسس «القاعدة» أن أفعال «الزرقاوي» جاءت ردًّا على الطائفية الشيعية واستهداف أهل السنة في العراق.


بعد تمدده الواسع في العراق وسوريا، ومحاولة انتشاره الفاشلة داخل مصر والفلبين وغيرهما من الدول، حاول تنظيم «داعش» تطبيق وصفة الزرقاوي القديمة، التي أثبتت فاعليتها سابقًا في العراق، فسعى لاستهداف المسيحيين في عدد من المحافظات المصرية ومدينة مارواي الفليبينية إضافةً لدعوة المتحدث السابق باسم التنظيم «أبو محمد العدناني» أنصار التنظيم في الغرب؛ لاستهداف من وصفهم بـ«الصليبين» داخل عقر دارهم؛ حتى يخاف الجار من جاره والصديق من صديقه، فتتحقق بذلك فكرة الانقسام التي ستساهم في انحياز مسلمي الغرب لتنظيم داعش باعتبار أنه يسوق نفسه كـ«حامٍ للإسلام والمسلمين» تحت ما يُعرَف بـ«سلطان الخلافة» المزعومة.


وبالرغم من نجاح التنظيم في شن هجمات دموية في الولايات المتحدة والبلدان الغربية لكن «وصفة الزرقاوي»، لم تؤت ثمارها كما تصور التنظيم في أي من الدول التي حاول تطبيقها داخلها. 


هجوم نيوزيلاندا..

يمينى يتطوع بنشر فكر «داعش»

جاء هجوم نيوزلاندا الإرهابي؛ ليعطي «داعش» «قبلة حياة»، في وقت يعاني فيه التنظيم من هزائم متتالية، وحصار خانق يتعرض له في الجيب الأخير له داخل معقله الأخير في قرية «الباغوز فوقاني» السورية.


وبالرغم من حصاره وانحساره لم يفوت التنظيم الفرصة في تحريض المسلمين في الغرب على «الردِّ العنيف» في وجه ما وصفه بـ«الحملة الصليبية»، التي تستهدف إبادة المسلمين في الغرب، وسارعت المنصات التابعة والمناصرة للتنظيم لدعوة المسلمين في الغرب لشن هجمات إرهابية ضد «مسيحي الغرب»، ردًّا على هجوم نيوزلاندا الإرهابي، فيما توعدت منصات التنظيم الإعلامية بإعادة الرعب إلى قلب أوروبا وشن هجمات انتقامية على خلفية الهجوم الإرهابي الأخير. 


بينما نشر أحد مقاتلي التنظيم المحاصرين داخل قرية «الباغوز» صورةً لسلاحه الآلي بعد أن حفر عليه تاريخ الهجوم الإرهابي في نيوزلاندا، وعبارات تحريضية تمامًا كما فعل الإرهابي منفذ هجوم نيوزلاندا، وبحسب الصورة المنشورة كتب الداعشي: «صبرً نيوزيلاند فالأيام دول والجروح قصاص، مزيلًا كلماته بعبارة «الرد قادم»».

"