يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«التراجع الأوروبي» يعمق جراح إيران بعد عقوبات «ترامب»

الجمعة 02/نوفمبر/2018 - 04:13 م
المرجع
محمد شعت
طباعة

تواجه إيران مأزقًا حقيقيًّا خلال الفترة الحالية، خاصةً مع اقتراب تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، والتي تستهدف قطاع النفط الذي يمثل أهم موارد الاقتصاد الإيراني، ويزداد الأمر تعقيدًا بعد مؤشرات تغير الموقف الأوروبي من طهران، خاصة بعد الإجراءات التي اتخذتها الدنمارك ضد طهران بعد الكشف عن محاولة اغتيال نشطاء أحوازيين على الأراضي الدنماركية.


الزلزال الذي أحدثته الدنمارك باستدعاء سفيرها لدى طهران، كشف عن تغير في الموقف الأوروبي، خاصة بعدما أعلنت الدنمارك تواصلها مع دول الاتحاد الأوروبي كلها لاتخاذ إجراءات ضد إيران، وهو الأمر الذي يضع النظام الإيراني في مأزق جديد، خاصة أنه كان يستند إلى الدعم الأوروبي في مواجهة العقوبات الأمريكية، التي اعترف مسؤولون إيرانيون بتأثيرها على الاقتصاد.

للمزيد.. بعد تحرك الدنمارك ضد إيران.. العالم يحاصر «إرهاب الملالي»

«التراجع الأوروبي»

تراجع أوروبي محتمل

لاشك أن الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران والمقرر تطبيقها بعد 3 أيام تقريبًا، ستكون الأقسى على الاقتصاد الإيراني؛ كونها تتعلق بالنفط الذي يمثل أكثر من 50% من الدخل الإيراني؛ الأمر الذي سيزيد حدة معاناة الإيرانيين الذين يعانون بالأساس من مشكلات اقتصادية متفاقمة، اتضح أثرها في رد الفعل الشعبي الذي شهده الشارع الإيراني طيلة الشهور الأخيرة، وتجسد في احتجاجات وإضرابات فئوية وعمالية شملت كل المحافظات تقريبًا، ووصلت إلى حد أن أقالت الحكومة وزيرين بها، فضلًا عن الضغط على اثنين آخرين قدما استقالتيهما.


ومن المؤكد أيضًا أن يزيد تراجع الموقف الأوروبي عن وعوده التي قدمها لطهران منذ التهديد الأمريكي بالانسحاب من الملف النووي الإيراني؛ إذ فشل الاتحاد الأوروبي حتى الآن في تأسيس كيان اقتصادي يمكن عبره التحايل على العقوبات الأمريكية، واستمرار النشاط التجاري بين أوروبا وإيران، وهو ما سيكون له نتيجتان مهمّتان؛ الأولى أن تزداد معاناة إيران؛ كون أن أوروبا تستورد نحو 20% من النفط الإيراني، والثانية أن يكون ضربة قاصمة للتيار أو الجناح الذي يدعم فكرة البقاء بالالتزام بالاتفاق النووي، الذي تم توقيعه في عام 2015.

للمزيد..«الملالي» يترنح.. انهيار إيراني قبل تنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات

 أسامة الهتيمي
أسامة الهتيمي

 محاولات للالتفاف

الباحث في الشأن الإيراني، أسامة الهتيمي، رأى أنه من المرجح أن تمارس إيران شكلًا من الضغوط على أوروبا؛ من أجل الإسراع في اتخاذ إجراءات ذات فاعلية لتخفيف حدة العقوبات، وهو ما سيجد تجاوبًا أوروبيًّا لأسباب كثيرة، من بينها القلق الأوروبي من أن تعاود إيران أنشطتها النووية؛ ما سيسبب إزعاجًا للعالم كله، خاصةً أن أوروبا ترى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا تردك خطورة سياساتها التي ستحدث حالة من فقدان المصداقية.


وأكد «الهتيمي» في تصريح لـ«المرجع»، أنه لا يمكن تجاهل ما تم تداوله أخيرًا على لسان بعض المسؤولين الأمريكيين، من أن إدارة «ترامب» تدرس منح 8 دول إعفاءات فيما يخص هذه العقوبات، ومن ثم فإن هذه الاستثناءات يمكن أن تتسع إلى حد لا يمكن معه أن تضبط أمريكا الأمور وفق ما تشتهي، وهو ما يمكن أن يفرغ العقوبات من مضمونها، ولو بعد وقت من تطبيقها، وعليه فإن الوعي الإيراني يدرك أن المسالة ربما تحتاج إلى بعض الصمود في زخم البداية.


الباحث في الشأن الإيراني، أوضح أن هناك الكثير من الوسائل والآليات التي أصبح لدى إيران خبرة كبيرة فيها للتحايل على مسألة العقوبات؛ حيث إن «الدولة الخمينية» تعاني من العقوبات منذ سنوات طويلة، واستطاعت خلال هذه العقوبات التي كانت دولية وليست أمريكية فقط، أن تُحدث الكثير من الثغرات، ومن ثمّ لم تستطع العقوبات أن تحقق الهدف منها، بل على العكس ربما كانت لها نتائج سلبية؛ إذ توثقت العلاقة بين الجماهير والقيادة الإيرانية، مشيرًا إلى أن العلاقة توترت بشكل لافت حينما تم رفع العقوبات، وثبت لدى الشارع الإيراني أن تردي الأوضاع الاقتصادية ناجم عن الفساد والفشل والظلم الذي تعانيه البلاد.

 

"