يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

إيران بين شقي الرحى.. التراجع أو السقوط في الهاوية

السبت 12/مايو/2018 - 01:37 م
المرجع
شيماء حفظي
طباعة
يبدو الأمر في طهران مستقرًّا، لكن وضع الأزمة تحت الميكروسكوب يجعل تفاصيل «الكارثة» التي تنتظر طهران واضحة وضوح الشمس، فالرجل الذي وقف يهدد باستئناف «تخصيب اليورانيوم»، قد يلجأ إلى طاولة الحوار رغمًا عنه؛ لتفادي أزمات داخلية، أو يصبح مسؤولًا في دولة تواجه سيناريوهات «السقوط الأبدي».

الرئيس الإيراني حسن روحاني، في خطابه للرد على انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الإيراني، قال: «القرار حرب نفسية وضغط اقتصادي، ولن نسمح لترامب بالانتصار في الحرب النفسية والضغط الاقتصادي على الشعب الإيراني»، لكن مؤشرات الوضع الداخلي تضع هذا التحدي في مصاف الأمور الخاسرة لطهران.

يقول علاء السعيد الباحث في الشأن الإيراني: إن انسحاب الولايات المتحدة له تأثيرات جانبية بإعادة فرض العقوبات على إيران، والضغط على الشركات الأوروبية، ومن ثم ستزداد مشكلات الداخل الإيراني الاقتصادية، خاصة انخفاض الدخل الأسري للأفراد.

ويؤكد «السعيد» أن هناك ضغطًا داخليًّا سيحدث مع ارتفاع سعر الدولار إلى 70 ألف ريال إيراني، والذي يعني انهيار الاقتصاد الإيراني، ونقص السلع من الأسواق، وارتفاع نسبة الفقر، وهذا حدث قبل ذلك، لكنه لم يكن بما هو متوقع، أن يزداد خلال الفترة المقبلة مع بدء تنفيذ العقوبات؛ ولذا تحاول «طهران» السيطرة على الأوضاع الداخلية، من خلال مواجهة أي اضطرابات أو حركات احتجاجية، كما أنها ستمنع نشر أي حراك قد يحدث في الشارع الإيراني، باتجاهها إلى زيادة الرقابة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع خروج مظاهرات في عدد من المناطق.

ويضيف الباحث في الشأن الإيراني، أنه في حال تطبيق العقوبات الأمريكية، ستظهر فئة من المواطنين ينادون بتحسين الأوضاع الاجتماعية، وزيادة الرواتب؛ لمواجهة التضخم الذي قد تعانيه إيران؛ ما يحتم على الحكومة الإيرانية البحث عن سبل للخروج من الأزمة.

سيناريوهات الدعم والتراجع 
وتعول الحكومة الإيرانية على دعم الدول الأوروبية للاتفاق النووي، وهو ما برز في تصريحات «روحاني»، الذي قال إنه «اعتبارًا من هذه اللحظة فإن الاتفاق النووي هو بين إيران وخمس دول»، لكن هذه الدول «قد لا يطول دعمها».

ورغم تصريحات «روحاني» الواثقة في الدعم الأوروبي، ظهر الخلاف المتعمق في الإدارة الإيرانية بين الحرس الثوري والحكومة، متمثلًا في تصريحات حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري، الذي قال: «إن الدول الأوروبية عاجزة عن إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب منه، وإن أوروبا لا يمكنها التحرك بشكل مستقل فيما يتعلق بالاتفاق النووي».

فيرى الباحث علاء السعيد، أن الدول الأوروبية ستكون حاضرة في المشهد، حتى في حال لم تستطع الالتزام بالاتفاق النووي، لكنها في هذه الحالة ستضغط على إيران؛ للدخول في مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة، بشأن برنامجها النووي.

وقال «السعيد»: إن إيران أقرب للعودة إلى التفاوض مع أمريكا، لكن هذه المرة سيكون الأمر مختلفًا؛ لأن التفاوض سيكون بشروط أمريكية، مشيرًا إلى خطة أمريكا في الانسحاب من الاتفاق النووي جاءت بناء على تحركات دبلوماسية عربية خاصة السعودية، حتى توقف إيران التمدد في المنطقة العربية، ووقف دعمها الجماعات المتطرفة في البحرين، والحوثيين في اليمن.

وفسر، ترجيحه لعودة إيران لطاولة المفاوضات مرة أخرى، بأن «ترامب» خلال إلقاء خطابه، كان واثقًا من تغيير الشركاء الأوروبيين موقفهم تجاه إيران، وأنهم سيخضعون في الأخير، لموقف أمريكا حرصًا على مصالحهم معها، في حين كان «روحاني» مضطربًا ومتناقضًا في رده، وكان يحيط به أعضاء مفاوضات البرنامج النووي مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وهذه تعد «إشارة استعداد».

إيران في المواجهة 
بعد يومين من إعلان دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست، فرضت واشنطن عقوبات على أفراد وكيانات اتهمتهم بتمويل «الحرس الثوري» الإيراني؛ ما يعكس وجهة نظر البيت الأبيض في النظام الحاكم في إيران.

ويقول الباحث في الشأن الإيراني، علاء السعيد، إنه في حال قرر النظام الإيراني استمرار تخصيب اليورانيوم، فإنه لن يواجه فقط حصارًا اقتصاديًّا، لكن ترامب هدد بتغيير نظام الملالي الحاكم في إيران، خاصة بعدما وصفه بأنه نظام يعادي أمريكا ومستبد وإرهابي يُصَدِّر الإرهاب للعالم والمنطقة، وفي حال صدق ترامب، ونجحت أمريكا في إسقاط نظام الملالي فإنه سيكون هناك أكثر من سيناريو، بحسب الباحث:

الأول، أن يساعد الغرب مجاهدي خلق، المعروفين بـ«المد الثوري» على الوصول إلى الحكم، وهؤلاء لا يختلفون كثيرًا عن الملالي؛ لأنهم يتمسكون بقوميتهم الفارسية، لكنهم أقل تشددًا لصالح التشيع.

السيناريو الثاني، في حالة سقوط النظام دون وجود حاكم، ستعود الدول التي احتلتها إيران مستقلة، وتتفكك إيران إلى دولة الأحواز العربية التي تملك 90 % من المقدرات الاقتصادية لإيران، إضافة إلى دولة للبلوش، ودولة للتركمان والأكراد، ودولة للجزء الجنوبي من أذربيجان، الذي احتلته من قبل.

محاولة توحيد الصف
«الاتفاق النووي لم يكن مرغوبًا به في البلاد»، كان تصريح رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد باقري، وهكذا بدأ الخطاب الإيراني، يعتمد بشكل كبير على نكران مصلحة إيران في الاتفاق النووي، إضافة إلى «شيطنة» أمريكا لكسب دعم المواطنين.

في حين ظهرت محاولة حشد الشعب الإيراني لدعم النظام ضد قرار ترامب، في خطبة صلاة الجمعة لخطيب إيران الأول أحمد خاتمي بقوله: «إن انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي ومزاعم «ترامب» حول إيران، مسألة قدمت لنا دروسًا وعِبَرًا، منها أنه يجب عدم الثقة بالأعداء، وأن أعداء إيران لا يحترمون أي قانون ومعاهدة؛ لذلك يجب أن يتحلى الشعب الايراني باليقظة والحذر؛ لأن الأعداء كلهم من فصيلة واحدة».

ويقول الباحث في الشأن الإيراني: إن النظام سيعمل على تنحية الخلافات الداخلية جانبًا، خاصةً بين الحرس الثوري، والرئيس روحاني، والمرشد خامنئي؛ لمواجهة الرياح التي تهدد النظام بأكمله.
"