«العائدون».. مشروع قانون يعيد الجدل للساحة الكندية
عاود الجدال السياسي احتدامه مجددًا في كندا، فيما يتعلق بإشكالية التعامل مع مواطني الدولة ممن انخرطوا في أعمال العنف والإرهاب بسوريا والعراق في الفترة الماضية، سواء من عاد منهم فعليًّا، أو من لايزال قابعًا بالسجون الكردية في سوريا في انتظار السماح له باجتياز حدود البلاد.
ووصل النقاش بشأن تلك القضية إلى داخل أروقة البرلمان؛ إذ وافق الأغلبية من الأعضاء بالأمس على مناقشة مشروع قانون قدمه أحد النواب التابعين لتيار المحافظين المعارض، وهو النائب ديف سميث، يتضمن منع المتطرفين العائدين من دخول مقاطعة «أونتاريو»، التي يمثلها النائب بالبرلمان.
وإضافة إلى ذلك، اقترح «سميث» تجريد تلك العناصر من المزايا والحقوق التي يتمتع بها المواطنون في البلاد، مثل الحصول على التأمين الصحي، ورخصة القيادة، والمساعدات الاجتماعية، إلى جانب فرض عقوبات جنائية عليهم لمحاسبتهم على ما اقترفوه.
كما طلب البرلماني المعارض من حكومة رئيس الوزراء، «جاستن ترودو» تقديم خطة خلال 45 يومًا لمحاكمة أولئك المجرمين، ممن قاتلوا مع «داعش» وعادوا ليعيشوا بحرية في البلاد؛ حيث أشار إلى أن الحكومة الكندية لا تتصرف بالسرعة الكافية في هذه القضية وفقًا لرأيه.
وبالطبع اجتمع عدد من النواب على هذا الاقتراح ودعموا نجاعته واحتياج البلاد إليه؛ حيث أشاروا إلى ضرورة وضع الإرهابيين تحت المراقبة، ومراجعة الحسابات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي التي يمتلكونها، والتوقف عن إدماجهم بالمجتمع، كما انتقدوا الأداء الباهت للحكومة في هذا الملف (من وجهة نظرهم).
وفي المقابل قام تيار آخر بتوجيه النقد لمشروع القانون؛ حيث أشارت النائبة الليبرالية، ناتالي دي روزيرز إلى أن الحكومة لن تستطيع فرض تلك التدابير؛ نظرًا لصعوبتها وتعارضها مع قوانين أخرى.
وكانت الحكومة الكندية تعرضت للكثير من الضغوط الفترة الماضية؛ نتيجة تعاطيها مع ملف العائدين بشكل لم يرضِ المعارضة، فقد سمحت لمقاتلي «داعش» بدخول البلاد والتعايش بحرية، ولم تقاضِ منهم سوى اثنين فقط، وطبقًا لمرصد الأزهر للفتاوى التكفيرية يوجد حوالي 190 شخصًا، سافروا من كندا إلى داعش عاد منهم 60% وعلى الرغم من ذلك فهناك اثنين تم التعامل معهم قضائيًّا وينتظر اثنان آخران استكمال إجراءات التقاضي.
للمزيد: العائدون و«الذئاب المنفردة».. «خفافيش الرعب» لكندا
ويتجه البعض نحو الاعتقاد بأن الحكومة ستبدي مرونة تجاه ذلك القانون الجديد، بناء على بعض المؤشرات، أولها تصريح «ترودو»، بأن الأجهزة المعنية ستقبل بالقانون في حالة إقراره على الرغم من صعوبة بعض البنود، إضافة إلى تعالي الاحتجاجات بالشارع الكندي بعد السماح لمجرمي تنظيم «داعش» الإرهابي، ممن عادوا إلى البلاد بالظهور في الإعلام وسرد حكاياتهم، من قتل وتعذيب وقنص بكل حرية وطلاقة.
ومن الأمثال على ذلك ظهور «أبوحذيفة الكندي» على شاشة «cbc»الكندية، وصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في مايو 2018؛ حيث حكى عن أيامه بالتنظيم، وطريقة إعدامه للعناصر عندما كان يُطلب منه ذلك.
للمزيد: كنديون عائدون من «داعش».. روايات القتل والدم والوحشية
وبالتالي واجه أعضاء الحكومة بمن فيهم رئيس الوزراء، جاستن ترودو، العديد من الاستجوابات في البرلمان إلى جانب التساؤلات الصحفية حول قدرة الحكومة على التعامل مع ملف الإرهاب، في ظلِّ التصريحات المتناقضة لرئيس الوزراء بشأن ليبرالية الدولة وحق مواطني كندا بالعودة لها وقتما يشاؤون، إلى جانب قول إن العائدين يمثلون قلقًا للسلطات المعنية.
اقرأ أيضًا: «فليتحملوا عواقب أفعالهم».. كندا تتخلى عن مواطنيها المنضمين لـ«داعش»





