جزر القمر تواجه المدَّ الإيراني في المحيط الهندي بسلاح قطع العلاقات
كشفت تصريحات وزير خارجية جزر القمر، محمد الأمين صيف، مخططات إيران لاستهداف المجتمع القمري، عبر مد نفوذ حركات التشيع الإيراني؛ بهدف السيطرة على الدولة العربية الصغيرة في المحيط الهندي، والذي يشكل موقعها أهمية استراتيجية في طريق الملاحة البحرية.
وكشف وزير خارجية جزر القمر، في حوار مع قناة «سكاي نيوز» عربية دور نظام المرشد الإيراني، في التغلغل الإيراني داخل الدولة، عبر نشر«التشيع»، ضمن خطتها للتوسع في المنطقة، موضحًا أن النظام الإيراني، عمل لسنوات طويلة على استهداف المجتمع القمري، ونشر الطائفية داخله؛ بهدف السيطرة على البلاد، لافتًا إلى أن بلاده قطعت علاقاتها بإيران قبل 3 سنوات، ومؤكدًا أن من حقِّ جزر القمر اختيار أصدقائها.
للمزيد: إيران.. تسخير «التشيع» في سبيل «التوسع» (1-3)
ويشكل موقع جزر القمر أهمية استراتيجية في أمن الملاحة الدولية؛ حيث تقع الدولة في المحيط الهندي على مقربة من الساحل الشرقي لأفريقيا، على النهاية الشمالية لقناة موزمبيق بين شمالي مدغشقر وشمال شرق موزمبيق، كما تشكل الأهمية السياسية لجزر القمر، مطمعًا لدول عديدة في اختراقها القمري؛ حيث يعد الاتحاد القمري الدولة الوحيدة التي تشترك في عضوية كل من الاتحاد الأفريقي والمنظمة الدولية للفرانكوفونية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية ولجنة المحيط الهندي، إضافةً إلى العديد من المنظمات الدولية، وهو ما يعد أيضًا اختراقًا لهذه المنظمات الإقليمية والدولية.
الحضور الإيراني:
يدين ٩٨,٩% من سكان جزر القمر بالاسلام، ويمثل الاسلام السُّني الشافعي المذهب الغالب فيها، وهناك أقلية مسيحية كاثوليكية تمثل ١,١% من مجموع السكان، وبدأ الحضور والوجود الايراني فى جزر القمر في شكل جمعيات خيرية، وعلاقات دبلوماسية ودعم مالي وقروض، ليبدأ نظام العمائم في إيران التغلغل المدروس وغير «المحسوس» داخل دولة جزر القمر.
ومنذ بداية الألفية شهد الاتحاد القمري، تصاعدًا ملحوظًا للنفوذ الإيراني وللتمدد الشيعي بصورة متسارعة ولافتة، حصدت نتائجه بأول ظهور علني للشيعة في جزر القمر، خلال الاحتفال بذكرى عاشوراء، في يناير 2007؛ حيث كان ظهورًاً مفاجئًا، وهو اليوم الذي يسميه الشيعة في جزر القمر «يوم التبليغ للتشيع»؛ حيث خرجت مجموعة من المتشيعين إلى شوارع العاصمة «مروني»، يؤدون طقوسهم، في صورة لا تختلف عن احتفالات الشيعة بهذا اليوم، سواء في إيران أو العراق أو جنوبي لبنان، بحسب «الخليج اون لاين».
الظهور الشيعي جاء في فترة تولي عبدالله سامبي رئاسة جزر القمر (26 مايو 2006 – 26 مايو 2011) وهو المعروف بعلاقته القوية بإيران.
وهناك العديد من مناطق التشيع في «الاتحاد القمري»، في مقدمتها جزيرة هنزوان وعاصمتها «متسامود» مسقط الرئيس السابق عبدالله سامبي، والتي تشكل المعقل الرئيسى لحركة التشيع في جزر القمر، فقد درس «سامبي» العلوم الإسلامية في إیران بإشراف محمد تقي المدرسي؛ ما أثر في تكون شخصية «سامبي»، ولقبه بـ«آية الله» جزر القمر.
وعقب توليه رئاسة البلاد، زار سامبي إيران على رأس وفد اقتصادي - سياسي رفيع المستوى، في يونيو 2008، مؤكدًا ضرورة الاستفادة من تجارب الخبراء اﻹيرانيين في تنمية بلاده، ومع هذه الزيارة فُتحت أبواب جزر القمر أمام الإيرانيين، وأدى ذلك إلي مخاوف من علماء الاتحاد القمري؛ حيث دعا ستون من علماء السُّنة في جزر القمر، «سامبي» إلى حظر ممارسة الشعائر الشيعية في الدولة، بحسب موقع مركز الأبحاث العقائدية.
وطالب هؤلاء العلماء بـ«طرد الأجانب الذين يساعدون على نشر المذهب الشيعي في جزر القمر».
الجريمة التي ارتكبها «سامبي» وتعد الخدمة الأكبر للنظام الإيراني، هي بيع «الجواز القمري»؛ حيث تم التحقيق من قِبل النيابة العامة في جزر القمر مع «سامبي»، فى بيع آلاف من جوازات السفر خارج القنوات الرسمية أغلبها للإيرانيين.
ورصدت وكالة «رويترز»، إلغاء جزر القمر في يناير الماضي، نحو 155 جواز سفر قمري لمسؤولين إيرانيين، من بين هؤلاء عدد من كبار المديرين التنفيذيين في الشركات التي تعمل في مجالات الملاحة والنفط والغاز والعملات الأجنبية والمعادن النفيسة، والتي اعتبرتها الوكالة نوعًا من التحايل على العقوبات الأمريكية.
وعقب زيارة «سامبي» لإيران افتتحت العديد من المؤسسات الإيرانية في جزر القمر، منها فرع للهلال الأحمر الإيراني، كما حصلت شركات إيرانية على عقود عمل، وتم افتتاح مركز ثقافي إيراني، وكذلك عشرات الحسينيات في البلاد، خاصة في مدينة ازيوا ومدينة متسامود، بجزيرة هنزوان.
ومع تولي الرئيس غزالي عثماني، رئاسة الاتحاد القمري اختلفت الأمور، فقد أعلنت جزر القمر في 14 يناير 2016، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وفي يناير 2017 أغلقت جميع المكاتب الإيرانية التي كانت تعمل تحت غطاء العمل الخيري، وأكد سفير جزر القمر بالمملكة العربية السعودية، الحبيب عباس عبدالله، في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، أن عمل هذه المكاتب الحقيقي يتمثل في نشر المد الصفوي الشيعي.
للمزيد: «غينيا كوناكري».. إيران تُسَخِّر التشيع لخلق ذراع في غرب أفريقيا
لماذا جزر القمر؟
حول أهمية جزر القمر بالنسبة لإيران، أكد طه الياسين، نائب رئيس المنظمة الأوروبية الأحوازية لحقوق الإنسان، أن إيران عبثت ومازالت تعبث في أمن الدول العربية والأفريقية، ومن بين هذه الدول التي لم تسلم من هذا العبث الإيراني وخلاياه النائمة هي جزر القمر.
وأضاف الناشط الأحوازي، في تصريح لـ«المرجع» أن جزر القمر، من الدول المستهدفة من قبل نظام الملالي؛ نظرًا لموقعها الجغرافي، داخل المحيط الهندي؛ ولهذا قبل أيام قليلة صرح وزير خارجية جزر القمر، محمد الأمين صيف بأن السياسة التي تنتهجها إيران تُظهر طموحها في السيطرة على دول عدة في المنطقة.
وأوضح أن أهمية جزر القمر أيضًا نابعة من وجود قانون يسمح ببيع الجنسية القمرية، وهو القانون الذي سعى من خلاله نظام الملالي لتجنيس مئات الإيرانيين؛ إذ كشف خلال الأشهر الأخيرة عن بعض رجال الأعمال الإيرانيين الذين حصلوا على جوازات سفر من دولة جزر القمر؛ ليتمكنوا بواسطتها من النفاذ إلى أوروبا وبعض الدول العربية، وتنفيذ أعمال إرهابية بها.
وتابع طه الياسين، أن نظام الملالي يعرف جيدًا أنه في حال حصول عملائه على جوازات سفر من جزر القمر، يستطيع من خلالها القيام بعمليات تهريب المخدرات والعملة والسلاح، فقد أصبحت إيران مصدرًا رئيسيًّا للمخدرات إلى المنطقة العربية وأفريقيا.
وأضاف نائب رئيس المنظمة الأوروبية الأحوازية لحقوق الإنسان، أن الأخطر من ذلك أن عصابات ترويج المخدرات في إيران تقوم بخلط المخدرات بمواد ضارة أخرى قبل تهريبها إلى الخارج؛ بهدف تحقيق نسب عالية من المكاسب المالية، ومن ثم فعلى أجهزة الأمن العربية والأفريقية والخليجية بالتحديد -لأنها الأقرب جغرافيًّا لإيران والمستهدف الأول- اليقظة والانتباه ومواجهة عمليات التهريب تلك؛ لحماية مواطنيها من هذا السم الإيراني القاتل.





