«وقود داعش».. طاجيكستان مورد جديد للمقاتلين الأجانب
السبت 11/أغسطس/2018 - 12:51 م

شيماء حفظي
تُعرف دول آسيا الوسطى بأنها منبع التطرف القاعدي، ذلك التنظيم الذي أسَّسه أسامة بن لادن في أفغانستان، لكن مع ظهور تنظيم داعش بدأ يمد أذرعه إلى مناطق النفوذ القاعدي، ومنها «طاجيكستان».
تقع طاجيكستان، شمال أفغانستان، وكانت تحت عدد من الإمبراطوريات، لكنها استقلت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، ويسكنها الطاجيك، ولغتهم الرئيسية «الآرية» وهي لغة شقيقة للفارسية والكردية، فيما أن معظم السكان يتحدثون الروسية؛ نتيجة الاحتلال.
كانت طاجيكستان -القريبة من مهد القاعدة- سبيلًا لضم مقاتلين أو منفذًا لهرب مقاتلي القاعدة، لكن «داعش» بدأ يأخذ مكانًا أكبر هناك.

بداية داعشية
في عام 2015، بدأ متطرفون من كازاخستان وأوزباكستان وطاجيسكتان وبقية دول آسيا الوسطى الانضمام للقتال بصفوف تنظيم داعش في سوريا.
في
ذلك العالم، بدأ التنظيم يستقطب مقاتلين من خارج منطقة الشرق الأوسط،
وحملهم للانخراط في القتال بصفوفه، على أمل تعويض ما يعانونه من الوضع
الاقتصادي، ومعاناة التعامل معهم كـ«أقلية».
وبحسب دراسة حديثة
للمركز الدولي للعنف السياسي وأبحاث الإرهاب، فإن مئات المتطرفين الأوزباك
تدفقوا من دول شرق آسيا والقوقاز باتجاه العراق وسوريا.
وبررت
الدراسة اتجاه تنظيم داعش من الشرق الأوسط إلى مجموعة دول «كازاخستان
وأوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان وقرغيزستان»، بسبب التضييق عليه من خلال
الهجمات التي يقودها التحالف الدولي ضده في المناطق الذي اعتاد أن يستقطب
منها مقاتليه.
وتقول الدراسة: «إن المقاتلين المنضمين إلى «داعش» في
سوريا والعراق من بلاد الطاجيك، لم يكتفوا فقط بالقتال في صفوف التنظيم،
لكنهم شكلوا وحدات مستقلة مثل كتيبتي «التوحيد والجهاد، والإمام البخاري»،
وتولوا مناصب قيادية في عدد من الكتائب التابعة للتنظيم هناك مثل «جبهة
النصرة».
وتعد «كتيبة الإمام البخاري»، الأبرز بين وحدات آسيا
الوسطى المقاتلة في سوريا والعراق؛ حيث أسست من قبل الأوزبك في سوريا أواخر
عام 2013، و«كتيبة التوحيد والجهاد»، فهي أحد التنظيمات الموالية
لـ«القاعدة» من آسيا الوسطى، وأُنشئت في ديسمبر 2014.

توسع نشاط «داعش» في طاجيكستان
رغم
التحذيرات الكثيرة -على مدار السنوات الماضية- من تمدد تنظيم داعش في بلاد
الأوزبك، وكذلك توسع الشبكات الإرهابية في سوريا، فإن أذرع التنظيم
بدأت في التوسع بالفعل.
وفي مطلع أغسطس الحالي، قالت السلطات
الطاجيكية: إنها ضبطت خلية، كانت تخطط لاستهداف عدد من المواقع داخل
البلاد، بما فيها القاعدة العسكرية الروسية، إضافة إلى تهديدات أخرى في عيد
النيروز.
كانت الخلية مكونة من 14 شخصًا تمت محاكمتهم بتهم الإرهاب، وتشكيل تنظيم متطرف وعبور الحدود بصورة غير شرعية، وبين المحاكمين مؤسسي
الخلية فخر الدين غولوف، ومحمود جان عزاموف، بالسجن 26 سنة، وعلى بقية
عناصر الخلية بالسجن 7 سنوات.
وبحسب ما أعلنته السلطات، فإن
المتهمين تلقوا دورات التدريب في قاعدة خاصة قرب مدينة جلال آباد
الأفغانية، وقاتلوا في صفوف «داعش»، وتم تمويلهم من «حزب النهضة الإسلامية»
المحظور في طاجيكستان.
وخلال الشهر الحالي أيضًا، تبنى تنظيم
«داعش»، هجومًا أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، هم أمريكيان وسويسري وهولندي،
بمنطقة نائية بطاجيكستان.
وقالت سلطات طاجيكستان: إن السياح تعرضوا
لهجوم، وإن المهاجمين «كانوا يحملون سكاكين وأسلحة نارية»، وتعتقد السلطات
أن صاحب السيارة التي صدمت السياح، طاجيكي الجنسية، ويُدعى «جعفر الدين
يوسفوف»، ويبلغ من العمر 21 عامًا.
وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن هذا الهجوم، وقال إن وحدة تابعة له استهدفت مواطنين ينتمون إلى «دول التحالف الصليبي».
ونشر
التنظيم كذلك، مقطع فيديو، ادعى أنه لخمسة شباب يجلسون على صخرة تحت راية
«داعش»، ويعلنون مبايعتهم لزعيمه أبوبكر البغدادي، متحدثين باللغة
الروسية.
وقال رئيس قسم آسيا الوسطى وكازاخستان، في معهد بلدان
رابطة الدول المستقلة، أندريه جروزين، في تصريحات لوكالة «سبوتنيك»
الروسية، إن وجود تنظيم «داعش» الإرهابي في طاجكستان، يُشكل خطرًا كما على
السياح الروس، كذلك على روسيا ككل.
وأضاف غروزين، «أعتقد، أن الناس
الذي كانوا مرتبطين بشكل ما بـ«داعش»، ليس بالضروري من الناحية التنظيمية،
ولكن ممكن وجود خلايا نائمة أيضًا، على الأغلب ممكن يكونون أشخاصًا يحملون
قيمًا وأيديولوجية التنظيم، والمتعاطفين معه، الذين يعتبرون أنفسهم مقاتلي
الخلافة العالمية».
وتابع: «من ناحية أخرى، ينبغي ألا ننسى أن
المقاتلين في جميع جمهوريات آسيا الوسطى يميلون إلى تقييم أي نشاط لأي
إسلامي في فئة الشبكة الإرهابية في العالم، والمهاجمين يمكن أن يكونوا
خلايا نائمة تابعين للتنظيم أو متعاطفين معه».
وفي عام 2015، قال
رئيس طاجيكستان، إمام علي رحمانوف: إن الهجمات التي تستهدف الشرطة يشنها
مسلحون لديهم نفس فكر تنظيم داعش ويسعون لتقويض أركان حكمه.
وأضافت
الشرطة، أن المهاجمين بقيادة نائب وزير الدفاع المعزول، عبدالحليم نزار
زودا، نفذوا العملية ثم لجأوا إلى ممر ضيق؛ حيث حاصرتهم قوات الأمن.
وبحسب
تقديرات الشرطة في طاجيكستان، فإن أكثر من 500 طاجيكي انضموا إلى مقاتلي «داعش»، 50 منهم من مدينة وحدات، وقتل 11 منهم في سوريا والعراق.
ووفقًا
لدراسة أجراها المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في لاهاي، نشرت في 2017، فإن
طاجيكستان أصبحت مصدر الانتحاريين الأجنبي الرئيسي لتنظيم «داعش».
وبحسب
الدراسة التي حملت عنوان «حرب الوسطاء الانتحاريين: التحليل الإحصائي
لصناعة الاستشهاديين»، فإن عدد المقاتلين الأجانب في الفترة من 1 ديسمبر
2015 إلى 30 نوفمبر 2016 كانوا يمثلون 20% فقط من مجموع انتحاريي تنظيم
داعش.
وذكرت الدراسة أن 86% من القتلى الذين قادوا سيارات مفخخة ينحدرون من 31 بلدًا، غالبيتهم من طاجيكستان.
وتقول
إحصائية مرفقة بالتقرير إن 27 انتحاريًّا لتنظيم «داعش» من طاجيكستان، و17
من السعودية ومثلهم من المغرب، و14 من تونس، و13 من روسيا.