يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

انهيار الاقتصاد.. «إيران» تدخل نفقًا مظلمًا وتجر «الحوثيين» للهاوية

الأربعاء 01/أغسطس/2018 - 08:33 ص
المرجع
شيماء حفظي
طباعة
سيناريوهات البقاء الآن لا تحوم حول الجماعات المدعومة من إيران بقدر ما تحيط بـ«طهران» نفسها، في ظل التراجع الحاد للعملة الإيرانية وتراجع قيمة صادراتها من النفط، بما يمثل خطرًا على اقتصادها.

وتواجه إيران تحديات اقتصادية، واحتجاجات داخلية وتراجعًا ملحوظًا لعملتها أمام الدولار الأمريكي، بعدما أعاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فرض العقوبات الاقتصادية عليها، عقب انسحابه من الاتفاق النووي في مايو 2018.
انهيار الاقتصاد..
◄ الاقتصاد يختنق:

فقدت العملة الإيرانية منذ إعلان «ترامب» عن انسحابه من الاتفاق النووي، أكثر من نصف قيمتها هذا العام، نتيجة ضعف الاقتصاد وما تواجهه البنوك المحلية في إيران؛ بسبب الطلب الكبير على الدولار بين الإيرانيين الذين يخشون من تأثير العقوبات.

وبلغ سعر الدولار في تعاملات، اليوم الثلاثاء 31 يوليو 2018، نحو 119 ألف ريال في السوق الموازية (بعيدًا عن البنوك الرسمية)، أي تراجع 18% بالمقارنة مع سعره قبل يومين، عندما كان سعر صرف الدولار 100 ألف ريال إيراني، مع اقتراب تطبيق العقوبات الأمريكية على طهران.

ومن المتوقع أن تبدأ الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ في 7 أغسطس المقبل، وهو ما يجعل الإيرانيين مدركين لما هو قادم إليهم، خاصة في ظلِّ ارتفاع الأسعار.

وتزامنًا مع تسجيل قيمة الريال الإيراني في السوق غير الرسمية 122 ألفا مقابل الدولار، اعتقلت السلطات عشرات الأشخاص، بتهمة إثارة البلبلة الاقتصادية، وإشاعة الفساد في الأرض، وهي تهم تصل عقوبتها للإعدام.

ورغم أن سريان العقوبات سيبدأ في أغسطس 2018، فإن بعض الشركات الأوروبية التي تستثمر في إيران، ولها عمليات كبيرة في الولايات المتحدة، أعلنت بالفعل انسحابها من صفقات مع طهران.

كما يأتي انهيار العملة، في الوقت الذي تراجعت فيه صادرات إيران من النفط في شهر يونيو الماضي إلى أدنى مستوى في سبعة أشهر.

وبحسب أرقام حكومية وبيانات لتتبع السفن، أوردتها وكالة «رويترز»، اليوم الثلاثاء، فإن واردات كبار المشترين الآسيويين من النفط الخام الإيراني انخفضت لأدنى مستوى في سبعة أشهر في يونيو، في الوقت الذي قلصت فيه كوريا الجنوبية على نحو كبير وارداتها، قبل العقوبات المحتملة على طهران.

وتوقعت «رويترز» أن تنخفض مشتريات الدول الأربع «الصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية» من الخام الإيراني بشكل كبير بحلول نهاية العام، بعدما تراجعت الشهر الماضي إلى 1.45 مليون برميل يوميًّا من إيران وفقًا للبيانات، وهو ما يقل بنسبة 0.5%، بالمقارنة مع الفترة  نفسها قبل عام؛ ما يشكل أدنى مستوى منذ نوفمبر 2017.

وقد يؤدي فرض العقوبات الأمريكية على إيران إلى توقف صادرات النفط الإيراني بشكل كامل، والتي تقدر بـ2.7 مليون برميل يوميًّا، وهو ما يعادل نحو 3% من إمدادات النفط عالميًّا، بحسب «ذا وول ستريت جورنال».

وبحسب ما ذكرته الصحيفة الأمريكية، يصل متوسط سعر برميل النفط إلى 75 دولارًا، وهو ما يعني أن إيران تحقق عائدات تقدر بنحو 202 مليون دولار يوميًّا، أو بمعدل شهري يتجاوز 6 مليارات دولار شهريًّا، ومع بداية تطبيق العقوبات، فإن إيران لن تحصل على أي دولار منها.

يشار إلى أنه في أواخر ديسمبر 2017، امتدت مظاهرات -اندلعت بسبب الأزمة الاقتصادية- إلى أكثر من 80 مدينة وبلدة إيرانية، وقتل 25 شخصًا على الأقل في الاضطرابات التي شكلت أكبر تعبير عن الاستياء العام منذ نحو 10 سنوات.
انهيار الاقتصاد..
◄ الصراعات في الشرق الأوسط:

تربط إيران أزمتها الاقتصادية الحالية بصراعاتها مع السعودية، خاصة بعدما ارتفع الإنتاج السعودي من النفط، في الوقت الذي تتراجع فيه إمدادات إيران.

وقالت إيران، اليوم، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مخطئ إذا كان يتوقع أن تعوض السعودية ومنتجون آخرون للنفط فاقد الإمدادات الناجم عن العقوبات الأمريكية على طهران.

يأتي هذا في ظل توتر الأوضاع في مضيق باب المندب، الذي تستهدفه ميليشيات الحوثيين –المدعومة من إيران– والذي تستخدمه أيضًا السعودية لتصدير النفط، والذي أوقفت استخدامه، الخميس الماضي، بعدما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين عملاقتين في البحر الأحمر، لكن ذلك لا يؤثر بشكل كبير على صادرات المملكة النفطية.
انهيار الاقتصاد..
◄ مستقبل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران:

تتوزع جهود إيران في مساندة ودعم الميليشيات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط لتحقيق أهدافها التوسعية، ومن بين تلك الجماعات والميليشيات «حزب الله اللبناني»، والموجود أيضًا في سوريا، وميليشيات «الحوثي» الموجودة في اليمن، والتي تخوض عمليات مسلحة ضد قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

وقبل عام، اتفقت إيران وقيادات «الحوثي» على زيادة حجم المساعدات لعناصر الميليشيات، من خلال التدريب والسلاح والدعم المادي، وهو ما يتم انتهاجه أيضًا مع جماعة «حزب الله» اللبنانية، وفق ما صرحت به مصادر لوكالة «رويترز».

ونقلت «رويترز» عن مصادر إقليمية وغربية، أن إيران ترسل أسلحة متطورة ومستشارين عسكريين إلى جماعة «الحوثي» المسلحة في اليمن لتزيد الدعم لحليفتها الشيعية في حرب أهلية قد يغير نتيجتها ميزان القوى في الشرق الأوسط.

وأكد مصدر لـ«رويترز» أن «حكام إيران المتشددين يخططون لتمكين جماعة الحوثي في اليمن لتعزيز قبضتهم في المنطقة، ويخططون لإنشاء ميليشيا في اليمن على غرار جماعة حزب الله من أجل مواجهة سياسات الرياض».

لكن مع دخول الاقتصاد الإيراني، نفقًا مظلمًا، تبدأ بوادره في الظهور خلال أيام، فإنه من المتوقع أن يتراجع دعم طهران للجماعات المسلحة في اليمن وسوريا، تزامنًا مع التدهور الاقتصادي.

وفي هذا السياق، يقول علاء السعيد، الباحث في الملف الشيعي: إنه عندما ألغيت العقوبات الأمريكية على إيران وقت توقيع الاتفاق النووي، استفادت الجماعات المسلحة التي تدعمها طهران من الأموال التي كانت مجمدة، وتم الإفراج عنها.

وأضاف السعيد، في تصريح لـ«المرجع»: «هذه الأموال تم ضخها لصالح ميزانية الحرس الثوري، واستفاد منها بالتبعية الحوثيون، الذين تم إمدادهم بصواريخ باليستية، بالإضافة إلى تسليح حزب الله والجماعات الفاعلة في سوريا والتابعة للميليشيات».

وتوقع الباحث في الشأن الإيراني، أن يؤثر تراجع الاقتصاد الإيراني سلبًا على حجم المعونات والدعم المادي واللوجستي الذي تقدمه طهران للجماعات المسلحة، قائلًا: «سيؤدي ذلك لتراجع دور إيران في سوريا، واليمن، وبالتالي في المنطقة».

وفي حال تراجع الدعم الإيراني لتلك الجماعات، سيكون عليها البحث عن مصادر تمويل أخرى، أو التقهقر لصالح الطرف الآخر، خاصة في اليمن.

وبدأت جماعة «الحوثي»، اليوم الثلاثاء، خطوات للخلف، عندما أعلنت أنها مستعدة لوقف الهجمات من جانب واحد في البحر الأحمر لدعم جهود السلام، وذلك بعد أيام من تعليق السعودية صادرات النفط عبر مضيق باب المندب، وهو ما اعتبره متابعون بداية التراجع.
"