رغم حلحلة القضايا العالقة.. عقبات في طريق إتمام الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب

بعد فترة من الجمود في ملف الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، يشهد الملف في الوقت الراهن حراكًا، في ظل التصريحات المتبادلة بين كل من طهران وواشنطن، والحديث عن توافق إيراني مع الوكالة الدولية للطاقة للذرية.
ولعل أبرز القضايا العالقة بين الطرفين يتمثل في مطلب إيران بغلق التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في قضية "المواقع غير المعلنة"، الأمر الذي رفضته الوكالة في حينه، إضافة إلى مطالبة طهران واشنطن بتقديم ضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي كما فعلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهو الأمر الذي لم تستجب له واشنطن.
تقدم ملحوظ
جاء التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليعطي إشارات إيجابية بإمكان حدوث تقدم في التفاهمات بين الوكالة وإيران، إذ أثنت الوكالة على عملية إعادة تركيب كاميرات المراقبة في المواقع النووية الايرانية، وقالت إن إعادة تركيب الكاميرات كان مهمًّا جدًّا لمراقبة النشاط النووي، فيما أعلن الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي أنه رغم إعادة تركيب كاميرات المراقبة في عدد من المواقع النووية الإيرانية فإن الوكالة كانت تطمح لأكثر من ذلك.
وفيما يتعلق بالنقطة الخلافية التي كانت عقبة أمام إتمام الاتفاق، وهي قضية "المواقع غير المعلنة"، قالت وكالة الطاقة الذرية في بيان لها: "حصلنا على ردود من إيران حول المواقع النووية السرية ونتحقق منها".
إجابات إيرانية
وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها الوكالة أنها حصلت على إجابات وردود من الجانب الإيراني، حيث كانت تتهمه بعدم تقديم إجابات.
في الوقت نفسه، يبدو أن هناك تغيرًا ملحوظًا في الخطاب الإيراني تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث قال مسؤول، إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يثبت أن طهران تفضل دائمًا التعاون مع الوكالة، مشددًا على أن إنهاء بعض القضايا العالقة معها، وإغلاق بعض الادعاءات في صالح الطرفين.
وأشار هذا المسؤول الإيراني، إلى أن بعض عمليات الرقابة والتفتيش تخضع للاتفاق النووي المعطل بفعل سياسات واشنطن، مؤكدًا أن تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مستمر ضمن اتفاقية الضمانات الشاملة، ومعربًا عن استعداد بلاده لوقف سياسة خفض الالتزام ببنود الاتفاق النووي، شرط التزام الآخرين بالاتفاق، مشيرًا إلى أن برنامج إيران النووي سلمي، وطهران لا تريد امتلاك سلاح نووي، وتعاونها مع الوكالة يثبت ذلك عمليًّا.
ويبدو أن التقدم في التفاهمات بين إيران وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية سبب إزعاجًا لإسرائيل، حيث اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتقصير في مراقبة أنشطة إيران النووية، مشيرًا إلى أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة تخاطر بأن تصبح هيئة مسيسة، وبالتالي تفقد أهميتها، وفق تعبيره.
عقبات في طريق الاتفاق
رغم التقدم الملحوظ في المباحثات الجارية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن الاتفاق النووي يظل صعبًا في ظل وجود عدد من العقبات، فعلى الرغم من إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود تقدم واتخاذ خطوات إيجابية وإعلان إيران استعدادها للمزيد من التفاهمات، فإن الوكالة أعلنت أيضًا أن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% اقترب من مئة كيلو جرام، وأن مخزونها من اليورانيوم المخصب ارتفع بمقدار الربع في 3 أشهر.
التهديد الذي يمثله التقدم النووي الإيراني لإسرائيل، قد يكون عائقًا أمام واشنطن لاتخاذ أي خطوة باتجاه إتمام الاتفاق النووي، وهو ما أكده وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الذي قال: "إن إيران تظل أكبر تهديد لإسرائيل، ولا يمكن أن تحوز سلاحًا نوويًّا، مشيرًا إلى أن جميع الخيارات مطروحة في سبيل ذلك".
ويبقى الموقف الأوروبي أيضًا مرتبطًا بموقف الولايات المتحدة الأمريكية، فرغم تصريحات مستشار الفريق الإيراني المفاوض، محمد مرندي، أن الاتفاق النووي جاهز، وهو بانتظار توقيع الأوروبيين، والوقت بات سانحًا الآن، فإن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي مؤخرًا على الحرس الثوري الإيراني، تشير إلى أن الطريق إلى الاتفاق ليس ممهدًا، خاصة في ظل التقارب الإيراني الروسي.