يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

تهديد الداخل والخارج.. تداعيات رفض الحوثي تمديد الهدنة الإنسانية باليمن

الخميس 06/أكتوبر/2022 - 08:44 م
المرجع
نورا بنداري
طباعة

قبل ساعات قليلة من انتهاء يوم الثاني من أكتوبر 2022، باتت الأنظار على المستويين المحلي والدولي تترقب ما ستؤول إليه الهدنة الإنسانية الموقعة بين ميليشيا الحوثي والحكومة اليمنية الشرعية في أبريل 2022 برعاية الأمم المتحدة، وتم تمديدها لثلاث مرات وانتهت فترة التمديد الأخيرة في 2 أكتوبر الجاري.

تهديد الداخل والخارج..
وكان من المفترض أن يتم التمديد للمرة الرابعة، خاصة أن الأيام القليلة الماضية شهدت تحركًا أمريكيًّا وأمميًّا شدد على ضرورة التمديد ولمدة 6 أشهر وليس شهرين فقط كما حدث في المرات السابقة، بل وجعلها فيما بعد "وثيقة أساسية لإحلال السلام" وحل الأزمة اليمنية التي دخلت عامها الثامن،  ومع إعلان المجلس الرئاسي اليمني بقيادة «رشاد العليمي» الموافقة على تمديد الهدنة إلا أن ميليشيا الحوثي أعلنت رفضها التمديد للمرة الرابعة، وهو ما يعني تفاقم الصراع اليمني.


تعنت حوثي


وفي هذا السياق، فإن مصادر مطلعة نقلت عن المبعوث الأممي لليمن «هانس غروندبرغ» صباح 2 أكتوبر الجاري موافقة الحوثيين على تمديد الهدنة للمرة الرابعة، وأنه سيبلغ مجلس القيادة الرئاسي بذلك للحصول على موافقته أيضًا، ولكن في نفس اليوم مساءً، عاد المبعوث الأممي ليعلن فشل تمديد الهدنة بسبب تعنت ميليشيا الملالي، قائلًا في بيان له "آسف لعدم التوصل إلى اتفاق بشأن تمديد الهدنة"، وموجهًا شكره إلى الحكومة اليمنية الشرعية  لموقفها الإيجابي من مقترحه الأخير بتمديد وتوسيع الهدنة إلى  6 أشهر، ومحملًا الانقلابيين مسؤولية إفشال منع العودة إلى العنف وتكريس الفوائد الإنسانية للهدنة.


ونقل عدد من وسائل الإعلام اليمنية عن مصادر مطلعة، قولهم إن فشل تمديد الهدنة هذه المرة يرجع إلى إصرار ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على سلسلة شروط تعجيزية تهدد بمفاقمة الأزمة الاقتصادية والمعيشية والإنسانية التي تشهدها البلد الخليجي، وهذا ما أكدته أيضًا الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط «إليزابيث كيندال» في تصريحات صحفية لها، بأن الحوثي الانقلابي يطالب بـ"تنازلات" صعب تقديمها في غياب محادثات سلام منظمة، وقائلة: إن "هذه المطالب غير واقعية في هذه المرحلة المبكرة وهو ما يعني أنهم غير مهتمين حقًا بمواصلة الهدنة".


ومن الجدير بالذكر أن بنود الهدنة الإنسانية التي لم يلتزم بها الحوثيون منذ التوقيع عليها تتضمن عددًا من البنود، من بينها رفع الحصار عن مدينة تعز، ووقف إطلاق النار، ودفع رواتب الموظفين المدنيين في مناطق سيطرتهم، مع توسيع الرحلات من مطار صنعاء وإزالة العراقيل الحوثية بشأن تدفق للمشتقات النفطية.

تهديد الداخل والخارج..

رد فعل الرئاسي اليمني


وعقب إعلان المعبوث الأممي رفض ميليشيا الحوثي تمديد الهدنة، علق عدد من قيادات المجلس الرئاسي اليمني على هذا، على رأسهم الرئيس «رشاد العليمي» قائلًا في تصريح له: ‏لقد اتضح للعالم أجمع أن الميليشيات الحوثية أبعد ما تكون عن أن تكون شريكًا في السلام".


ومن جهته، قال عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد الركن «طارق محمد عبدالله صالح» في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: "المجرم الحوثي يرفض مبادرة تمديد الهدنة"، مؤكدًا "ندعو للسلام ويدنا على الزناد".


تعهد أممي


وبالرغم مما تقدم فإن «غروندبرغ» أعلن في بيان له، أنه سيواصل جهوده للانخراط مع الأطراف بُغية التوصل وعلى وجه السرعة إلى اتفاق لإعادة ترسيخ الهدنة التي خفّضت وتيرة العنف منذ التوقيع عليها، داعيًا جميع أطراف الصراع في اليمن إلى التحلي بالهدوء، ووقف أي أعمال تصعيدية قد تؤدي لمزيد من العنف وعدم الاستقرار بالأراضي اليمنية.

تهديد الداخل والخارج..

تهديد حوثي


ومع ذلك وبعد ساعات قليلة من إعلان فشل تمديد الهدنة، فإن جماعة الحوثي أعلنت أنها ستواصل أعمالها وجرائها الإرهابية باستهداف المنشآت النفطية لدول التحالف العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات، وهو  ما أعلنه المتحدث باسم القوات الحوثية العميد «يحيى سريع» في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»، قائلًا: "‏القوات المسلحة تمنح الشركات النفطية العاملة في الإمارات والسعودية فرصة لترتيب وضعها والمغادرة مادامت غير ملتزمة بهدنة تمنح الشعب اليمني حقه في استغلال ثروته النفطية لصالح راتب موظفي الدولة اليمنية، وقد أعذر من أنذر".


رغبات حوثية


وحول أسباب وتداعيات رفض الانقلابيين تمديد الهدنة، قال الدكتور «محمود الطاهر» المحلل السياسي اليمني أن رفض الحوثي الهدنة نتيجة للمواقف الدولية الضاغطة على الحكومة اليمنية والتحالف العربي، وعدم التعامل معه كجماعة إرهابية، ويسعى للحصول على كل ما يمكنه من إعلان الانتصار في هذه الحرب، وهو ما يفسر سبب طرح الحوثي شروطًا من شأنها سحب بساط الاعتراف الدولي من الحكومة اليمنية، ضمن مسلسل انتزاع اعتراف دولي بشرعيتها، وأن دول التحالف العربي مجرد معتدية عليها.


ولفت «الطاهر» في تصريح خاص لـ«المرجع» أن استمرار الحكومة اليمنية بالحديث عن رفع الطرقات دون وجود أفكار جديدة من شأنها الضغط على الميليشيا الحوثية للعودة إلى طاولة الحوار سيجعل هذه الجماعة تعتقد نفسها أنه الأقوى في المعادلة، ويبدأ بإطلاق التهديدات في اعتقاده أن ذلك يُرعب الإمارات والسعودية، نتيجة لتجارب سابقة، فبعد كل عملية ضد الإمارات أو السعودية، يتم الرضوخ للحوثيين، خاصة أن الهدنة التي وافق عليها التحالف جاءت بعد هجوم حوثي استهدف مخازن النفط في السعودية.


تداعيات محتملة


ولفت «الطاهر» إلى أن هناك عددًا من التداعيات التي ستشهدها اليمن خلال الفترة المقبلة، أولها في حال رضوخ المجتمع الدولي للحوثي، فإن التهديدات ستظل قائمة وخطرها مستمرة، وعندما يريد الحوثي شيئًا أو تنازلًا إضافيًّا من التحالف سيعيد مثل هذه التهديدات، والأمر الثاني، أن الحوثي سيعمل على مهاجمة التحالف ومناطق إماراتية وسعودية وفي البحر الأحمر، وربما منشأة بلحاف في اليمن، بهدف ابتزاز  الدول الخليجية للقبول بشروطه.


وأضاف أنه في نهاية الأمر تبقي الحقيقة أنه لا حلًّا سياسيًّا في اليمن، طالما بقيت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في تنفيذ أعمالها الإرهابية تلك، دون ممارسة الضغوط عليها لدفعها إلى عملية السلام.

"