مقتل الظواهري.. نهاية الأمير المسردب
الثلاثاء 02/أغسطس/2022 - 01:22 م

مصطفى حمزة
أعلنت الولايات المتحدة الإثنين 1 أغسطس 2022، مقتل أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، في غارة أمريكية بطائرة مسيرة في أفغانستان، لتكتب بذلك نهاية أمير التنظيم الذي لقب لفترة بـ"الأمير المسردب"، بسبب اختفاءه عن الأنظار، وعدم الإعلان عن مكان تواجده، والاكتفاء بالظهور الإعلامي فقط، ما يضع التنظيم في مأزق اختيار القيادة الجديدة، خاصة بعد اغتيال العديد من قيادات الصف الأول المقربة من الظواهري.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب متلفز الثلاثاء 2 أغسطس 2022، إن الظواهري متورط في التخطيط لأحداث 11 سبتمبر، والعديد من الجرائم التي راح ضحيتها أمريكيون، مؤكدًا أنهم حددوا مكان زعيم القاعدة هذه العام، ونفذوا عملية الاغتيال قبل أسبوع.

لم تكن هذه هي المحاولة الأولى لاغتيال الظواهري، فقد نجا من هجوم صاروخي أمريكي أشرفت عليه الاستخبارات الأمريكية «CIA» في 13 يناير 2006، أسفر عنه مقتل 18 شخصًا ممن كانوا برفقته في منطقة دامادولا بباكستان.
لم يكن أحد يعلم على وجه اليقين والدقة مكان اختباء الظواهري، الذي كان حريصًا على الظهور من خلال مقاطع الفيديو المصورة فقط، والتي كان يبث من خلالها توجيهات لا أثر لها على أرض الواقع، باستثناء الجدل الذي يثيره بعد كل مقطع من هذه المقاطع، خاصة تلك الاتهامات التي يوجهها له تنظيم داعش الإرهابي، بسبب مواقفه المؤيدة لحركة طالبان والتعامل مع الولايات المتحدة وغير ذلك.
تولى الظواهري زعامة تنظيم القاعدة خلفًا لأسامة بن لادن، بعد مقتل الأخير عام 2011، على يد القوات الأمريكية، بعد أن كان الرجل الثاني في التنظيم، والذراع اليُمنى لـ«ابن لادن»، ولذلك جاء اسمهما متتاليًا في قائمة تضم 22 من أهم الإرهابيين المطلوبين للولايات المتحدة بعد عام 2001، بسبب أحداث 11 سبتمبر.
اسمه أيمن محمد ربيع الظواهري، من مواليد 19 يونيو 1951، ونشأ في منطقتي مصر الجديدة والمعادي، وهما من الأحياء الراقية في القاهرة، وينتمي للطبقة المتوسطة، وعائلته تضم عددًا من الرموز العلمية والدينية.
تخرَّج في كلية الطب عام 1974، وعمل جراحًا -تخصص جراحة عامة- وتخصص فيما بعد في جراحة العيون، وحصل على الماجستير بعد 4 سنوات من تخرجه، وافتتح عيادة بإحدى ضواحي القاهرة، والتحق بجماعة الجهاد منذ تأسيسها في العام 1973، مكونًا خلية سرّية عام 1978، ليتم اعتقاله بعدها بـ3 سنوات في 23 أكتوبر 1981، ضمن المتهمين باغتيال الرئيس محمد أنور السادات، وكان وقتها قد وصل إلى درجة أمير التنظيم والمُشرف على التوجيه الفكري والثقافي لحركة الجهاد.
وعلى الرغم من تبرئته في هذه القضية فإنه أُدين بحيازة الأسلحة بصورة غير مشروعة، وحُكِمَ عليه بالسجن لمدة 3 سنوات، وأفرج عنه في عام 1985 فغادر إلى السعودية، وعمل في أحد مستشفياتها، ومنها إلى بيشاور في باكستان ثم إلى أفغانستان المجاورة في وقت لاحق، والتقى أسامة بن لادن، ليؤسس فصيلًا لحركة الجهاد الإسلامي، وعمل طبيبًا هناك في مستشفى الهلال الأحمر الكويتي في بيشاور خلال فترة الاحتلال السوفيتي.
وبعد سقوط السوفييت غادر عام 1993 إلى السودان برفقة «بن لادن» وآخرين، ثم عاد بعد أن سيطرت «طالبان» على الحكم منتصف التسعينيات، وتحديدًا في 1996، وهي بمثابة الهجرة الثانية لأفغانستان، والتي أعلن خلالها عن تشكيل حركة الجهاد العالمية «الجبهة الإسلامية العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين»، عام 1998.
ووقع الظواهري على فتوى دينية منسوبة للجبهة تهدر دماء المدنيين في الولايات المتحدة، وبعد 6 أشهر، دمرت اثنتان من الهجمات المتزامنة السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا، وهو ما أسفر عن مقتل 223 شخصًا.

وتشير المعلومات إلى أنه من العناصر الأساسية التي تقف وراء الهجوم على برجي التجارة، وقد رصدت الحكومة الأمريكية مكافأة تقدر بـ 25 مليون دولار لمن يُدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه.
ويُقسم «الظواهري» استراتيجيته إلى أهداف بعيدة المدى وأخرى قريبة، مثل استهداف مهاجمة مصالح الصليبيين واليهود قاصدًا بذلك الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب، وأما على المدى الطويل فقد اعتبر إسقاط الأنظمة في العالم مثل السعودية ومصر الهدف الأساسي، داعيًا إلى استخدام أفغانستان والعراق والصومال كمناطق لتدريب المتشددين الإسلاميين، على عكس استراتيجية «داعش» التي تستهدف محاربة العدو القريب أولًا، قاصدين الحكام العرب.
استطاع زعيم القاعدة الهروب من الملاحقة منذ أكتوبر 2001، بالاختباء في المناطق الجبلية على طول الحدود بين أفغانستان وباكستان، وذلك بمساعدة عدد من رجال القبائل المتعاطفين معه، ويعتقد أنه أقام في بلغاريا والدنمارك وسويسرا، واستخدم في بعض الأحيان جواز سفر مزورًا للسفر إلى منطقة البلقان، والنمسا، واليمن، والعراق، وإيران، والفلبين.
وعلى الرغم من أنه ينتقد الجماعات الإسلامية التي تتبنى السلمية كوسيلة للتغيير، فإنه أثنى على ما يُعرف بـ«الربيع العربي» في أول تسجيل مصور له يوم 27 يونيو 2011 عقب توليه زعامة التنظيم، كما أثنى على الثورة السورية في كلمة له بعنوان «عز الشرق أوله دمشق»، دعا فيها للجهاد في سوريا.
ومن أبرز مؤلفاته: «فرسان تحت راية النبي»، و«الحصاد المر: الإخوان المسلمون في ستين عامًا»، و«الولاء والبراء»، و«عقيدة منقولة» و«واقع مفقود».