يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

الوثائق السرية لخلية «الظواهري» لاختراق الوطن العربي

الجمعة 22/يونيو/2018 - 07:56 م
الوثيقة
الوثيقة
رحمة محمود
طباعة
لا يؤمن التكفيريون بوطن إلا ما رسمه سلاحهم بالإرهاب، وخط حدوده بدماء ضحاياهم، ويعملون على توسعة هذه الدائرة التي يسمونها «الوطن الإسلامي» أو «دولة الخلافة»، وكلها مفاهيم إرهابية مزعومة يتاجر بها حاملوها ويروجونها بالترغيب حينًا والترهيب أحيانًا، وفي كلِّ الحالات يسعون لفرضها بقوة السلاح.

وهذا النهج تبناه كبير الإرهابيين وزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، إذ رسم الخطوط العريضة لمخططه في اختراق الوطن العربي، لتنفخ في هذه الجذوة أفعى صغيرة اسمها الحركي «أبوخديجة» أحد قيادات تنظيم القاعدة، فخطها في وثيقة خاصة لتعثوا ذئابه في البلاد فسادًا.

حصل «المرجع» على نسخة من هذه الوثيقة التي يسمونها -زورًا- بـ«استراتيجيَّة المجاهدين في عقر دار المرتدين».

ليس غريبًا أن يعثر على هذه الوثيقة برفقة المتهمين في قضية تنظيم «كتائب أنصار الشريعة في أرض الكنانة» التابع لتنظيم القاعدة أكتوبر عام 2015؛ إذ ترسم الوثيقة الطريق لذئاب الظواهري كيف تزرع الخلايا وتنفذ عمليات اغتيال، وتفجر المؤسسات والمواقع الحيوية، وتضعف الأنظمة الحاكمة بالمدن والعواصم العربية.

وأُسِّسَت كتائب «أنصار الشريعة» عقب ثورة 30 يونيو عام 2013، على يد عدد من شباب التكفيريين الذين تأثروا بفكر محمد الظواهري (شقيق زعيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري)، وأحمد عشوش (زعيم تنظيم أنصار الشريعة في مصر وشمال أفريقيا)، اللذين عملا على تأسيس تنظيم جديد أطلقوا عليه (أنصار الشريعة) إبان وصول جماعة الإخوان للحكم عام 2012، وأعلنا وقتها أن هدفهما إقامة دولة إسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية.

ويهدف التكفيريون بشكل أساسي من تأسيس هذه الخلايا لاغتيال الشخصيات المهمة، من مجندين وعناصر الشرطة، ورؤساء الدول، وتخريب المؤسسات والمرافق مثل الكهرباء ومحطات البنزين، وقتل واغتيال رعايا السفارات والأجانب؛ لإحراج الدول، وكذلك هدم الكنائس الجديدة واستهداف الأجهزة الأمنية. 

شرحت الوثيقة بشيء من التفصيل الهيكل التنظيمي لكل خلية 3 أفراد فأكثر؛ لتضع على رأس كل خلية (أميرًا) يليه قائد كتيبة الغرباء، المرافق الشخصي للأمير، ويعاونه في أداء مهامه مجلس الشورى وغرفة العمليات، ونائب الأمير، الذي يشرف على أمير الأمن والاستخبارات بالجماعة (مسؤول الأجهزة الأمنية والاستخباراتية) الذي يتفرع منه عدد من الأقسام الأمنية، منها قسم المخابرات والتقنيين والأمن، وكل قسم منها مسؤول عن بعض المهام المطلوبة منه. 

لم تكن الدعوة –كما يزعمون- الهدف الرئيسي من هذه الخلايا؛ إذ تكشف الوثيقة أن تسليح الخلية يشترط أن يحتوي على قاذفتي آر بي جي، و40 صاروخًا، 21 قطعة كلاش، وأسلحة شخصية حسب أعداد التكفيريين فيها مزود كل فرد بـ500 طلقة كحد أدنى، وفي إطار خسة ونذالة هذه الخلية نادت الوثيقة أن تعتمد الخلية قناصًا وإرهابيًّا مزودًا بسلاح بي كاسي (سلاح رشاش متوسط) و600 طلقة.

لم تهمل الوثيقة التي يحلم أبناؤها بدولة عظمى الأسلحة الثقيلة، لكن اشترطت أن يتم إخفاؤها بمخابئ تؤسسها الفرق اللوجستية التي كونها التنظيم، وتوزع عليها عدد من القنابل اليدوية، والأسلحة الثقيلة مثل هاون وأس بي جي9، دوشكا (رشاش سوفييتي ثقيل مضاد للطائرات). 

أمير الجماعة
على قمة الهرم الإداري لكل خليَّة يعين التنظيم الدولي قياديًّا يُدعى «أمير الخلية»، واشترطت الوثيقة فيه ما يؤهله لسياسة هذه الوحوش القذرة فيكون قوي البنية، ذكيًّا، رؤوفًا بالمجاهدين، غليظًا على الكافرين، على حدِّ زعمهم، عالمًا بأمور السياسة، وخبيرًا في المتفجرات وتفكيك أنواع الأسلحة الفردية والثقيلة والمتوسطة كافة، خبيرًا بحرب العصابات والكمائن والاغتيالات، والخطف، ويجيد المصارعة، قوي القلب، يكون دائمًا بالصف الأول في المعارك وغرفة العمليات، خبيرًا في التكتيكات وتأسيس الخلايا القتاليَّة، وله باع طويل في المعارك والساحات القتاليَّة، وغير معروف للأجهزة الأمنية، ويتم انتخابه من قِبل مجلس الشورى بشكل سري.

مجلس الشورى
يعاون أمير الخلية، وهناك أجهزة عدّة تساعد أمير الجماعة في أداء مهامه، وتقديم المشاورة له، منها: مجلس الشورى، وغرفة العمليات، وعلماء الجماعة (المُنَظِّرين الشرعيين)، كالتالي: 

يتولى مجلس الشورى معاونة الأمير في اتخاذ القرارات المصيرية، ويتكون من نائب الأمير (دوره الاتصال المباشر مع أمير الخلايا الفرعية ويتولى الإشراف على عمل أمير وحدة الأمن والاستخبارات؛ كما يدير غرفة العمليات الخاصة، ويدير شؤون الجماعة في حال مقتل الأمير أو غيابه)، وأمير الأمن والاستخبارات (ضابط جهادي، يعين بالأمر المباشر من أمير الجماعة)، ويشترط فيه الخبرة القتالية والاطلاع على الاستراتيجيات العسكرية، ويكون اختيارهما من قادة كتيبة الغرباء 2 المحترفين. 

ويجتمع هذا المجلس مع الأمير بشكل دوري شهريًّا أو وفق الظروف العسكرية والأمنية، ويناقش المجلس خلال الاجتماع المستجدات والعمليات التي يخططون لها، والسياسات الكافرة التي يعيشون فيها وفق معتقدهم.

وفي حال تأسيس عدد من الخلايا الفرعية يتم التنسيق مع أمير كل خلية منها، دون الاتصال بأمير الجماعة، كنوع من التأمين ومنع اختراق الجماعة وعدم الوصول لأعضائها، على أن يكون عمل هذه الخلايا في سرية وسرعة، ويتم ترتيب المهام كافة المطلوبة مع قادة العمليات؛ للحصول على ما يلزمها من أسلحة أو مواد متفجرة وغيرهاـ

وتتشكل لجنة العلماء (شرعيو التكفير) من أعضاء مجلس الشورى (نائب الأمير وأمير الأمن والاستخبارات)، ويتولون كتابة المنهج التكفيري للجماعة، وكتابة البيانات والإفتاء، وبيان من يجوز قتله أو قتاله، مِمَّن يسمونهم (المرتدون، أو ناقضو البيعة للتنظيم)، إضافةً إلى مسؤولية إدارة تمويل الجماعة والخطابة في عناصر المجموعة أو الخلية.

مخابرات التنظيم
استحدث التنظيم قسمًا خاصًّا أطلق عليه جهاز مخابرات التنظيم، يسند إليه مهمة جمع المعلومات اللازمة لتنفيذ العمليات، ويترأس القسم نائب أمير الجماعة ويليه (أمير الأمن والاستخبارات)، ويقع اختياره بعد مروره بدورات الأمن والاستخبارات الإسلاموية بما فيها المعدات الحديثة والأدوات التقنية الجديدة، خاصة دورة بيت الرضوان بعد تجاوز الدورة الأولية 21 يومًا (التي تتضمن النشاطات البدنية من حمل أثقال، وقطع الأشجار لبناء المعسكر الخفي بالجبال، وتفكيك الأسلحة الخفيفة والرماية، وتكتيكات الخطف والهجوم وحفر الخنادق، وقيادة الدراجات النارية).

بعد اجتياز الدورة الأولية يخضعون لدورة الرضوان التي تشارك فيها النخبة من المقاتلين، ويتم تأهيلهم للجري والسهر والمُكوث لأيام طوال دون طعام أو شراب ثم التدريب على الأسلحة المتوسطة والمتفجرات والقناصات، واختراق الحدود، وكيفية تنفيذ الاغتيالات، وقيادة الدبابات والذبح وتسلق الجبال والرياضات القتالية، خاصة رياضة المصارعة، مشفوعة بدورة النخبة المسماة (الغرباء) للتدريب على فكِّ المدفعية وقيادة المدرعة وغيرها.

وتقع تحت إمرة أمير الأمن والاستخبارات 3 أقسام؛ (المخابرات، التقنيين، الأمن)، ويقوم القسم الأول -بعد تدريبهم على إخفاء الهوية والتصوير والتحرك الخفي، والاندماج في المجتمع دون التعرف عليهم- بمتابعة تحركات المسؤولين لاستهدافهم بداية من رؤساء الدول والوزراء والنواب وقادة الجيش وضباط الأمن والعاملين في مجال الصحافة المعارضين لأفراد الجماعة، ومناطق وجودهم ومكان سكنهم وتحركاتهم، وكذلك المعلومات عن منشآت الدولة كمرافقها الحيوية والثكنات العسكرية، ومقر الوزارات ومباني الكيانات الصحفية الكبيرة) وتقدم هذه المعلومات لغرفة العمليات التي تدرس الطرق المناسبة لتنفيذ عمليات الاغتيال لهذه الشخصيات، أو تدمير هذه المؤسسات.

أما قسم التقنيين فيخضع كذلك للدورتين السابق الإشارة إليهما؛ الأولية والرضوان، ويقسم «التقنيين» إلى كتائب عدّة؛ أهمها كتيبة الرسائل، ويتولون حمل رسائل الأمير إلى الخلايا، والتجسس على عناصر الجماعة، وكشف المدسوسين عليهم، وكتيبة الملثمين ومهمتها كتابة الرسائل الخاصة بالأمير.

أما القسم الأخير التابع لأمير الاستخبارت (قسم الأمن)، ويتولى حماية وتأمين المجندين والمدربين والمعسكرات (الخفي منها في الجبال والمتنقل في العواصم في المناطق السكنية لتنفيذ العمليات السريعة)، وكذلك تأمين بيت المجاهدين (دور في أحد الأحياء السكانية الكثيفة السكان حتى لا يثير المجاهد الشبهات حول تحركاتهم، ويقيم فيه راغبو الانضمام إلى الخلية).

استراتيجية التخريب
تقسم الوثيقة الخلايا السرية التي يتم إنشاؤها في الدول العربية إلى نوعين؛ الأول الخلية المؤقتة- أو غير الثابته كما يسمونها- لا تتمركز في مكان معين، بل تتنقل إلى منطقة معينة لتنفيذ المهمة المطلوبة منها، كالاغتيال أو تنفيذ تفجير في إحدى المناطق، وتتكون من 30 عنصرًا يقودهم أمير الخلية من مرافقي أمير الجماعة، وتتلقى هذه الخلية الأوامر من كتيبة الرسائل إلى نائب أمير الجماعة إلى أمير الأمن ومنه إلى أمير الخلية، الذي يقوم بدوره بإعطاء الأوامر لعناصره، التي تتولى توجيه منفذي العمليات، وتزويدهم بالمعلومات والسلاح.

وتنفذ الخلية عملياتها برصد الهدف المطلوب، ووضع الخطة اللازمة للقضاء عليه، ثم عرض الخطة على أمير الخلية؛ لإبداء رأيه فيها.

أما النوع الآخر فهو الخلايا العامة أو الثابتة، وهي الخلايا الكبرى التي تتفرع عنها خلايا صغرى؛ ولذلك يصعب على أعضائها معرفة بعضهم بعضًا، فيبايعون التنظيم ممثلًا في أمير الخلية (وتتكون من 3 ضباط ومساعدي ضباط وفرد أمن وفرد استخبارات وفرد تقني وفرد من لجنة العلماء، و11 عنصرًا من المجندين الذين يتم تسليمهم إلى أمير المعسكر لتلقي التدريبات العسكرية اللازمة، ثم إلى أمير الأمن، الذي بدوره ينقلهم إلى أمير الخلايا الذي يقوم بتسليمهم إلى ضباط الخلايا)، ويتركز دور الخلايا العامة، في جمع المعلومات وتدريب المجاهدين الجدد، والإشراف على المعسكرات وغيرها من المهام اللوجستية والعسكرية، وتقديم الشورى للأمير.
"