تفاؤل مشوب بالحذر.. مستقبل لبنان بعد خروج حزب الله من المشهد السياسي
الثلاثاء 14/يونيو/2022 - 02:26 م
محمود البتاكوشي
كشفت الانتخابات النيابية الأخيرة التي شهدتها لبنان، سقوطًا مدويًّا لكتلة حزب الله وحلفائه، وخسارته الأغلبية التي كان يتمتع بها في البرلمان السابق، وكانت تضم 71 نائبًا، كما حقق حزب القوات اللبنانية، بزعامة سمير جعجع، والمعروف بعدائه لحزب الله نجاحًا كبيرًا في الانتخابات حيث حصل على نحو 20 مقعدًا ليتفوق بذلك على التيار الوطني الحر، المتحالف مع حزب الله، بزعامة الرئيس ميشال عون؛ ما يعني أن حزب القوات اللبنانية أصبح منافسًا قويًّا ومتفوقًا على التيار الوطني الحر في حجم تمثيل المسيحيين في البلاد، وهو ما قد يجعل المواجهة السياسية بين التيارين مرجحة بقوة، مما ينعكس على المشهد السياسي اللبناني الذي قد يتجه نحو التعقيد، ما يؤثر على تنفيذ استحقاقات المرحلة المقبلة، لاسيما عملية تشكيل الحكومة، واستحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد أن تنتهي فترة ولاية الرئيس الحالي ميشال عون في 31 أكتوبر 2022.
وفق المعطيات السابقة من المتوقع أن يؤدي تقارب نسب المقاعد التي حصلت عليها الكتل إلى احتداد حدة الصراع السياسي بينهما على تشكيل الحكومة، وتوزيع المناصب الوزارية، وقد يؤدي ذلك لتأخير الوصول إلى تشكيلة حكومية مقبولة من مختلف الأطراف، وربما الوصول إلى مرحلة فراغ حكومي كما حدث في العراق، في وقت يبدو فيه لبنان في أمس الحاجة إلى حكومة جديدة مقبولة داخلية وخارجية تبدأ مسار الإصلاح لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية الخانقة بكل تداعياتها الاجتماعية والإنسانية، ومن المنتظر أن يحدث انقسام شديد على اختيار خليفة ميشيل عون، مما قد يؤدي لحدوث فراغ في الرئاسة اللبنانية.
هذه المخاوف ترجمتها تصريحات نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال بلبنان، التي أكد فيها ضرورة أن يختار المجلس النيابي من يراه مناسبًا لتشكيل الحكومة الجديدة، وأن يكون التشكيل الحكومي من دون شروط وتعقيدات يضعها أي فريق في وجه الرئيس المكلّف، وشدد على أن الانتخابات الرئاسية قد تتأخر ولكنها ستحصل، مشيرًا إلى أن بلاده باتت على مفترق طرق، ومن المستحيل أن نستمر على النهج ذاته الذي كان سائدًا، من هنا يجب الانطلاق من اتفاق الطائف وتدعيمه والبناء عليه وتطوير ما يحتاج إلى تطوير منه.
وشدد على ضرورة الوصول إلى طاولة حوار وطني للبحث في أي لبنان نريد، كما شدد على ضرورة استكمال تنفيذ اتفاق الطائف فيما يتعلق بإلغاء الطائفية السياسية، وإنشاء مجلس الشيوخ وإقرار قانون جديد للانتخابات على أسس وطنية.
تراجع حزب الله في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، قد يدفع العلاقات الخليجية اللبنانية إلى التحسن، فلبنان المُستقر والبعيد عن الاستقطابات الطائفية والخارجية هو أمر ضروري لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وضمان وجوده ضمن الحضن العربي والحفاظ على هويته العربية، وإبعاده عن دائرة النفوذ الإيراني هو أمر يخدم تحقيق الأمن الإقليمي والخليجي، وفي المقابل، لا يستطيع لبنان أن ينمو ويزدهر ويحافظ على استقراره الاقتصادي إلا بدعم قوي من دول الخليج العربية، لذا فخسارة خسارة حزب الله وحلفائه للأغلبية وتراجع شعبيته داخل لبنان، يقدم فرصة مهمة لتحسين العلاقات بين الجانبين الخليجي واللبناني؛ لأنه يعطي الشعب والقوى السياسية في لبنان الفرصة للتخلص من سطوة وسيطرة حزب الله السياسية على الداخل، وبالتالي يقلل من إنجاز هذه السياسة لمصلحة قوى إقليمية لها أجندات عدائية ضد دول الخليج.





