ad a b
ad ad ad

لعبة الظهور والاختفاء.. سيناريو أمريكي متكرر مع الجولاني وتحرير الشام

الثلاثاء 19/أبريل/2022 - 07:24 م
أبو محمد الجولاني
أبو محمد الجولاني
مصطفى كامل
طباعة

 شنت قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ضربات عدة استهدفت خلالها عناصر وقيادات إرهابية تابعة لتنظيمي «داعش» و«القاعدة»، في مناطق سيطرة فصيل «هيئة تحرير الشام» -جبهة النصرة سابقًا-، التي تشمل محافظة إدلب وجزءًا من ريف حلب الغربي وريف اللاذقية وسهل الغاب، شمال غربي حماة، حيث تكرر ظهور القائد العام لفصيل «هيئة تحرير الشام» «أبومحمد الجولاني»، رغم أنه مطلوب، وفصيله مصنّف على «لوائح الإرهاب» في مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي فتح الباب واسعًا أمام تساؤلات عن بقائه بعيدًا عن رصاص التحالف، ومدى تهديد التحالف لوجوده.
عبدالله قرداش
عبدالله قرداش
ظهور متكرر

ظهور «الجولاني» المتكرر طرح تساؤلات حول إمكانية امتلاكه ضمانات أو أوراقًا لتقديمها، أو لصرف الأنظار عنه، حيث لا تثق الولايات المتحدة الأمريكية في الإرهابيين وتحولاتهم، وتبدو سياستها في الاغتيالات الفردية فعالة في التأثير على هذه التنظيمات وإضعافها، لأسباب تتعلق بتقدير المخاطر وبأنشطة التنظيمات والتغيرات التي طرأت عليها، إذ بات «الجولاني» نموذجًا جديدًا، ونجح في هذه النقلة، وبقي متماسكًا، وأظهر تخليًا فعليًّا عن «الارهاب» وعلاقاته به. 

ومر أكثر من شهرين على مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي، المدعو «عبدالله قرداش»، في عملية الإنزال الجوي التي نفذتها مروحيات تابعة للقوات الأمريكية في بلدة أطمة شمال إدلب، في 3 من فبراير 2022، حيث حاصرت قوات الإنزال منزلًا يقع بين بلدتي أطمة شمال إدلب ودير بلوط شمال عفرين، الحدوديتين مع تركيا، ثم بدأت بالاشتباك مع الموجودين داخل المنزل المحاصر، وقُتل 13 شخصًا على الأقل، بينهم ستة أطفال وأربع نساء، جراء القصف والاشتباكات التي جرت عقب الإنزال الجوي.

ظهر «أبومحمد الجولاني» في مختلف القضايا العسكرية والخدمية والاقتصادية بوتيرة مرتفعة، بعد أن كان ظهوره نادرًا، رغم أن اسمه لا يزال مُدرجًا من ضمن المطلوبين لأمريكا، وبمكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولار أمريكي لمن يدلي بمعلومات عنه، إذ عملت الهيئة على بسط سيطرتها من خلال حل بعض الفصائل وإزاحتها، ومصادرة أسلحتها، وإجبارها على التماشي مع سياستها.
لعبة الظهور والاختفاء..
حاجة أمريكية

وتتبنى «هيئة تحرير الشام» أيديولوجيا بخلق بيئة مدنية قابلة للحياة واستقرار نسبي داخل بقعة إدلب، وإقصاء الجماعات والفصائل الأخرى وتفرد الهيئة بالوجود في داخل إدلب والتي لا يفعلها سوى «الجولاني» للوجود على الساحة وحده دون غيره، الأمر الذي أدى إلى ظهور حكومة «الإنقاذ»، والتي تم تشكيلها في 2017 لتسيطر على مفاصل الحياة في إدلب خدميًّا وإداريًّا، عبر سلسلة من المكاتب الاقتصادية والزراعية والتعليمية، وإقامة مشاريع خدمية داخل المدينة، ولتكون المظلة السياسية لـ«تحرير الشام»؛ والتي أتاحت لقائد «تحرير الشام» الظهور والحديث من منبرها عن تقديم الخدمات في جميع القطاعات، وإطلاق الوعود بتلبية احتياجات الأهالي، في تغيير جذري لحديثه في الجانب العسكري بالبحت عن رحى المعارك والقتال المتواصل.

ومع تنفيذه سياسة الإقصاء وخلق بيئة مدنية، نجح «الجولاني» في تسويق نفسه باعتباره حاجة أمريكية ملحّة في الظروف الراهنة، وإبقائه تحت ضغط أنه مصنّف كـ«إرهابي» وتحت الاستهداف، يساعد الأمريكيين على تعزيز الدور الذي يقوم به، محاولًا نيل جائزة إزالة اسمه من قائمة الإرهاب الذي سيجعله يقوم بالخدمة التي يقدمها بشكل أفضل.

وبات هناك موقفًا أمريكيًّا إيجابيًّا مما يقوم به «الجولاني»، وهذا يعود إلى المهام التي يقوم بها فيما يخص العناصر الارهايية بالقضاء على ظاهرة المقاتلين الأجانب واحتوائهم وإنهاء وجود تنظيمي «القاعدة» و«داعش»

ويرى مراقبون، أنه لا يوجد تهديد حقيقي لـ«الجولاني»، وهذا ما يشعر به على الأقل ويجعله يتجول بحرية، في ظل وجود تطمينات بعدم استهدافه، فضلًا عن أن المصلحة الأمريكية صارت تقتضي الحفاظ عليه ليكون لها صمام أمان ضد التنظيمات الإرهابية، وقوة محلية متماسكة؛ منوهين إلى أنه خلال السنوات الأخيرة أزيلت بعض التنظيمات من قائمة الإرهاب، ما يعني أن القائمة مرنة، ومن هذا الباب يعتقد «الجولاني» أنه بالإمكان إزالة اسمه من قائمة الإرهاب، مؤكدين أن الضمانة الحقيقية لبقاء قائد «الهيئة» هي الدور الذي يؤديه، والذي لا يستطيع أحد سواه القيام به في إدلب.

ولاحقت «الهيئة»، منذ إعلانها تغيير اسمها وانفصالها عن تنظيم «القاعدة» أو أي كيان خارجي آخر في تسجيل مصوّر بُث في يوليو 2016، لتتحول لاحقًا إلى اسم «هيئة تحرير الشام»، وفقًا لزعيمها «أبومحمد الجولاني»، عناصر تنظيم «داعش» وشنّت حملة اعتقالات حينها، وإعدامات ميدانية، إذ ألقت القبض على القيادي البارز في التنظيم المدعو «أبوالبراء الساحلي»، وأعدمته في إدلب شمالي سوريا، في يوليو 2018.

"