الرئيس الإيراني في موسكو.. مساعٍ جديدة للتحالف المأمول
السبت 22/يناير/2022 - 01:25 م

محمد شعت
بدأ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الأربعاء 19 يناير الجاري، زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بهدف بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي الزيارة التي تعتبرها طهران «مهمة واستراتيجية» لتعزيز العلاقات بين البلدين، والأولى لرئيس إيراني إلى روسيا منذ عام 2017.
الصحف المقربة من الحرس الثوري الإيراني، وصفت اللقاء بين الرئيسين بـ«اللقاء الذي سيصنع التاريخ»، معتبرة أن زيارة «رئيسي» إلى موسكو ستجعل تنمية العلاقات والتعاون الاقتصادي بين روسيا وإيران في طور التنفيذ والتطبيق العملي.
وقالت الصحف الإيرانية إن روسيا الحديثة مختلفة تمامًا عن روسيا القيصرية، والصين الماضية ليست الصين الحالية التي في طريقها لتصبح القوة الاقتصادية العظمى في العالم، وإيران الإسلامية القوية مختلفة تمامًا عن إيران القاجارية.
الاستقواء بروسيا
التصريحات الرسمية الإيرانية تشير إلى أن الزيارة، خطوة في مسار «إيران القوية»، وتلمح إلى أنها بداية تحالف سيمكنها من المواجهة مع الولايات المتحدة، ومن بين هذه التصريحات إشادة المتحدث باسم الحكومة «علي بهادري جهرمي»، بزيارة «رئيسي» لموسكو، مؤكدًا أن زيارة روسيا وطاجيكستان وتركمانستان خطوة ناجحة نحو «إيران القوية»، على حد وصفه.
«جهرمي»، كتب أيضًا على صفحته الشخصية على موقع «تويتر» قائلًا: «إنها خطوة ناجحة نحو تحقيق إيران القوية، من التعاون الاقتصادي في تطوير حقول النفط والغاز، وبناء مصافي البترول ونقل التكنولوجيا إلى مشاريع محطات الطاقة ومشاريع السكك الحديدية والترانزيت الشمال - جنوب وتسهيل التعاملات المصرفية هي بعض الإنجازات المهمة لهذه الزيارة».
وتأتي أيضًا تصريحات على أكبر ولايتي، مستشار مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، لتشيد بالزيارة وتكشف الاهتمام الإيراني بتعزيز العلاقات مع موسكو وبناء شراكة بين البلدين، إذ قال: «علاقتنا مع روسيا مبنية على الاحترام المتبادل والاعتراف بحقوق الجانب الآخر بصورة متساوية وعدم التدخل في شؤون الآخر، وحلف الشمال الأطلسي يعتبر عدوًا مشتركًا بالنسبة إلى إيران وروسيا والصين».
دلالات الزيارة
تأتي الزيارة بالتزامن مع استمرار الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني، واستمرار النقاط الخلافية التي تهدد الوصول لاتفاق، وهو الأمر الذي يشير إلى الصدام الوشيك بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يدفع طهران إلى البحث عن حلفاء لدعم موقفها في تلك المفاوضات سواء للوصول إلى النتائج التي تسعى إليها طهران، أو المساندة حال فشل المفاوضات والانتقال إلى خيارات أخرى على رأسها المواجهة العسكرية التي لن تكون في صالح إيران.
يدعم تلك الفرضية، تصريحات، علي أكبر ولايتي، مستشار مرشد الثورة الايرانية، الذي أكد أن إيران وروسيا قوتان إقليميتان مقتدرتان ولديهما تأثير بارز على الساحة الدولية، وأن الولايات المتحدة لم تستطع إثبات أنها جديرة بعلاقة مثل العلاقة التي تجمعنا بروسيا.
تصريحات «ولايتي» تطرقت صراحة إلى الدور الذي من الممكن أن تؤديه روسيا في المفاوضات، إذ قال إن المحادثات الدولية التي تخوضها طهران، يجب أن تتطابق مع إطار مجلس الأمن وقوانينه، وأن روسيا كعضو دائم في مجلس الأمن، تستطيع أن تؤدي دورًا إيجابيًّا بهذا الشأن، كما لها دور مهم في المفاوضات النووية ومن الطبيعي المشاورة معها.
تضمنت تصريحات «ولايتي» أيضًا التلميح إلى التحالف الثلاثي الذي تسعى إليه طهران «روسي، صيني، إيراني»، إذ قال إن إيران لم تكن بالقوة التي هي عليها الآن طيلة الـ50 عامًا الماضية، وأن الولايات المتحدة تدرك ذلك جيدًا، وتعترف أن أبرز أعدائها على صعيد العالم هم الصين وروسيا وإيران.
ويأتي ذلك بالتزامن مع المناورات التي تجريها كل من الصين وروسيا وإيران في شمال المحيط الهندي، وهي ثالث تدريبات بحرية مشتركة بين الدول الثلاث.
اتفاقية محتملة
في سبيل الوصول إلى التحالف المأمول بين كل من إيران وروسيا والصين، تشير تكهنات المراقبين إلى احتمالية عقد اتفاقية استراتيجية مع روسيا على غرار الاتفاقية التى وقعت مع الصين، وذلك بعدما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده في 11 ديسمبر 2021، بأن «صياغة وثيقة التعاون التي تبلغ مدتها 20 عامًا مع روسيا أوشكت على الانتهاء» وأنها ستكون مماثلة لـ«وثيقة التعاون الإيرانية الصينية التي تبلغ مدتها 25 عامًا».
وفي تصريحات أكثر جدية أعلن الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي خلال اجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أن طهران أعدت مسودة اتفاقية مدتها 20 عامًا بين البلدين، وإلى جانب التعاون الاقتصادي، فإن هذه الاتفاقية لها أبعاد أمنية وعسكرية تثير القلق دوليًّا وإقليميًّا وحذرًا داخليًّا، وأضاف رئيسي خلال الاجتماع : «نريد تطوير علاقتنا القوية والمتعددة الأوجه مع روسيا.. وينبغي أن تكون مستدامة واستراتيجية».
وفي أكتوبر 2021، زار رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية، محمد حسين باقري، موسكو، وذكرت وسائل إعلام إيرانية وأجنبية آنذاك، نية طهران لشراء أسلحة من موسكو بعد نهاية العقوبات العسكرية على إيران.
وقد تبدو التحركات الإيرانية لشراء أسلحة من روسيا منطقية، خاصة في ظل مساعيها المستمرة لتحديث ترسانتها العسكرية المنهكة، وتمسك النظام الحالي بمشروعه في المنطقة ودعم الوكلاء لتنفيذ المزيد من العمليات التخريبية، والاستعداد للصدام العسكري الذي تزداد فرصة في ظل مفاوضات بطيئة ومزيد من العمليات العدائية ضد دول الإقليم.