المدنيون يدفعون الثمن.. الاضطراب الأمني يعصف بأفغانستان

تواجه أفغانستان ظروفًا أمنية تزداد
قسوتها مع الانسحاب العسكري للولايات المتحدة الأمريكية دون تدريب كافٍ للقوات الأفغانية أو سيطرة حقيقية على أراضي البلاد، ويصاحب ذلك منافسات متطرفة على
مستقبل الهيمنة السياسية والجغرافية بين حركة «طالبان» الطامحة في اعتلاء سدة الحكم وبين تنظيمى «داعش» و«القاعدة» الإرهابيين.

تعطي الهجمات الإرهابية المتواصلة في البلاد مؤشرًا حول الاضطراب الداخلي والتراجع الأمني للسلطات المسؤولة، إذ قتل ما لا يقل عن 10 أشخاص إلى جانب وقوع عشرات الإصابات، الأحد 30 مايو 2021 جراء الهجوم بقذيفة مورتر على منزل به حفل زفاف في منطقة تجاب بإقليم كابيسا بشمال البلاد حيث يحتدم القتال بين القوات الأفغانية والعناصر المسلحة لطالبان.
وتلقي الحكومة باللوم على «طالبان» في وقوع هذه الحادثة التي أودت بحياة المدنيين، بينما تنفي الحركة مسؤوليتها عن الحادث وتتهم الحكومة بتنفيذه عبر قذائفها، وبين اتهامات الحكومة وطالبان يبقى المدنيون أكبر الخاسرين في معركة السيطرة على مستقبل البلاد المضطرب أمنيًّا وسياسيًّا.

ئالاضطراب الأمني يؤرق الداخل والخارج
يعصف الاضطراب الأمني بأوضاع المدنيين في أفغانستان، سواء مواطني البلاد أو الرعايا الأجانب، ففي 28 مايو 2021 أعلن رئيس وزراء أستراليا «سكوت موريسون» إغلاق سفارة بلاده في كابول إثر مخاوف من زيادة التردي الأمني عقب انتهاء مراسم الانسحاب الأمريكي المقرر له سبتمبر 2021، مشيرًا إلى أن الانسحاب العسكري من كابول يُخلف أوضاعًا أمنية غامضة.
ومن جهة أخرى تظاهر عشرات المترجمين ممن عملوا في صفوف قوات التحالف الدولي مطالبين بإجلائهم وعائلاتهم من البلاد خوفًا من بطش حركة طالبان بهم في حال سيطرتها على حكم البلاد.
وصرح رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال «مارك ميلي» في 28 مايو 2021 بأن وزارة الخارجية الأمريكية ستتولى مهمة نقل المترجمين وغيرهم ممن عملوا بصفوف القوات الأجنبية بالبلاد لعدم استهدافهم من عناصر طالبان بعد انتهاء عملية الانسحاب، معربًا عن تفهمه للخطر المحدق بهؤلاء العاملين جراء تعاونهم مع واشنطن وحلفائها.
وشدد «ميلي» على وفاء بلاده بالتزامها تجاه حماية العاملين معها، مؤكدًا وجود خطط قيد التجهيز لنقلهم بأقصى سرعة ممكنة من أفغانستان حفاظًا على أرواحهم.
وأفادت وكالة «روسيا اليوم» بأن حركة طالبان حققت تقدمًا كبيرًا على الأرض خلال الشهور القليلة الماضية مقابل سيطرة متراجعة للحكومة إبان المعارك الدائرة بينهما للسيطرة على البلاد تمهيدًا للمكاسب السياسية المنتظرة بعد خروج واشنطن ظاهريًا من المشهد.
وحول صراع «طالبان» والحكومة على حكم البلاد، يقول «على بكر» الباحث في شؤون الحركات الإرهابية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريح لـ«المرجع» إن الحركة المتشددة تسعى للوصول إلى سدة الحكم بعد خروج القوات العسكرية للولايات المتحدة فهذا هو حلمها الأهم، كما أنها تسعى نحو الوصول إليه بشكل متفرد بعيدًا عن الحكومة وتجتهد لإزاحتها للتفرد بالحكم، وواقعيًّا هي الأكثر سيطرة على الأرض مقابل سيطرة أضعف للحكومة.

المدنيون يدفعون الثمن
تصنف أفغانستان من أكثر الدول على مستوى العالم التي تفقد مواطنيها جراء العمليات الإرهابية، فبحسب مؤشر الإرهاب الدولي 2020 الصادر عن مركز الاقتصاد والسلام في سيدني الأسترالية تعتلي كابول مقدمة الدول التي تعاني من خسائر في صفوف المدنيين وكذلك العسكريين نتيجة الهجمات، وتدفع المؤسسة البحثية بأن الصراع السياسي المتصاعد في البلاد يتسبب في خلق بيئة مواتية لنمو التيارات الإرهابية واستفحال أنشطتها في المنطقة.
ومن جانبها أصدرت «طالبان» بيانًا رسميًا انتقدت فيه إحصائية مؤشر الإرهاب الدولي، زاعمة أن البيانات مضللة وأنها لم تتسبب في قتل هذا العدد الهائل من المواطنين ، وألقت باللوم على حكومة الولايات المتحدة الأمريكية واصفة إياها بالاحتلال المُستحق للمقاومة وبأن عمليات الجيش الأمريكي هي التي تتسبب في خسائر بشرية.
المزيد.. «داعش» يقرب أفغانستان من الحرب الأهلية وسط ترقب إيراني