«الريمي».. صاحب الطرود المفخخة ونظرية «القتل الناعم»
الأحد 17/يونيو/2018 - 07:53 م

قاسم الريمي
علي رجب وعبد الهادي ربيع
تنظيم «داعش» امتداد لنظيره «القاعدة»؛ حيث إن الأول ورث عن الأخير نظريات التكفير والعنف، من خلال قياداته التي أسسته في العراق والشام، بل أبعد من ذلك، من خلال كتب استراتيجيات الحروب والعمليات الإرهابية من الاغتيال والتفجيرات الانتحارية.
وتعتمد عناصر تنظيم «داعش» -على الرغم من الصراع الشديد بينها وبين تنظيم «القاعدة»- في تدريباتها العسكرية على كتب شخص يُدعى «أبوالقاسم الريمي» وشروحاته؛ للاستفادة من خبراته العسكرية وحنكته الحربية، خاصة شرحه لكتاب «مختصر سياسة الحروب» وعدة وثائق أخرى، ويتبادلها الدواعش على مدوناتهم الخاصة وقنواتهم على «تليجرام»، كما يتبادلها أتباع «القاعدة» والمدارس التكفيرية الخاصة، وإن اختلفت على منهجه.
«قاسم الريمي»، المُكنَّى بـ«أبوهريرة الصنعاني» زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي تولى قيادة التنظيم الإرهابي، خلفًا لـ«ناصر الوحيشي»، المُكنَّى «أبوبصير» الذي قُتِل في يونيو 2015، وهو يُعدُّ الزعيم الأبرز للقاعدة في اليمن الآن، والقائد العسكري الداهية في صفوف التنظيم.
من ريمة إلى أفغانستان
ولد قاسم عبده محمد أبكر الريمي، في 5 يونيو 1978 بقرية نمر بمحافظة ريمة اليمنية، وتلقى تعليمًا دينيًّا، واختفى في عمر الـ15 عامًا، حتى ظهر في أفغانستان يُقاتل إلى جانب تنظيم القاعدة، وعمل مدربًا للمقاتلين والمجندين الجدد بمعسكرات أسامة بن لادن؛ حيث كان على مقربة منه، لثقة «بن لادن» فيه.
وفي معسكرات «القاعدة» في أفغانستان التقى «الريمي» ناصر الوحيشي ضمن مجموعة المقاتلين العرب في معسكر الأنصار الذين عملوا تحت إشراف زعيم التنظيم أسامة بن لادن، وقد أسسا معًا فيما بعد فرع تنظيم القاعدة في اليمن عام 2007.
وبعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان في 2001، اعتقل «الريمي»، وانتهى به الأمر في سجن الأمن السياسي الشهير في العاصمة اليمنية صنعاء، حيث كان ضمن مجموعة الإرهابيين العائدين من أفغانستان.
وخلال اعتقاله في سجن الأمن السياسي بصنعاء، لم يَكُّف عن التخطيط للعمليات الإرهابية؛ حيث خطط وهو داخل السجن لعملية اغتيال السفير الأمريكي لدى اليمن، كما برز خلال اعتقاله، كعقل عسكري استراتيجي لتنظيم القاعدة، لذلك نجح مخططه في الفرار مع 23 سجينًا من التنظيم، على رأسهم ناصر الوحيشي، من سجن الأمن السياسي شديد التحصين في فبراير 2006.
قائد عسكري للقاعدة
عقب هروب «الريمي» من سجن الأمن السياسي مع رفيق دربه ناصر الوحيشي، أعلنا تأسيس فرع تنظيم القاعدة في اليمن في 2007، وعقب إعلان تأسيس فرع التنظيم، نشط إرهابيو «القاعدة» بشكل كبير في اليمن، وارتفعت وتيرة أعمالهم الإرهابية، ومن أبرزها استهداف مجموعة من السياح الإسبان في مدينة «مأرب» وسط اليمن في يوليو 2007؛ ما أسفر عن مقتل ثمانية منهم، وكذلك الهجوم على السفارة الأمريكية في صنعاء 2008.
توحيد القاعدة
كان «أسامة بن لادن» يعلم ما لدى «الريمي»، من دهاء وخبرة عسكرية نتيجة نشأته في اليمن، إضافة إلى تمرسه في الحروب القبلية، وعقب توحيد «بن لادن» لفرعي «القاعدة» في اليمن والسعودية، تحت قيادة واحدة باسم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» عام 2009، تولى «أبوهريرة الصنعاني»، بالأمر المباشر من مؤسس التنظيم «بن لادن» مسؤولية القيادة العسكرية لفرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
ونجح «الريمي» في تجنيد العشرات من اليمنيين للانضمام إلى التنظيم، وهو ما كان واضحًا خلال عمليات القاعدة في اليمن، بعد دخول البلاد مرحلة التظاهرات، وعدم الاستقرار السياسي باحتجاجات فبراير 2011 وحتى الآن.
وأثبت «الريمي» نجاحه في التخطيط والإشراف من خلال قيادته العسكرية للتنظيم، إلا أن تجربته الفاشلة الوحيدة كانت محاولة اغتيال وزير الداخلية وولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف، عام 2011، إذ فشل المخطط نتيجة فشل التنسيق بين العناصر المنفذة للعملية.
دهاء في القتل
أشارت مصادر إلى أن «الريمي» هو المخطط الأول وصاحب فكرة الطرود المفخخة التي أرعبت مطارات العالم، خاصة مطارات دبي وبريطانيا، خلال محاولة إدخالها جوًّا للولايات المتحدة، وكان يشرف على تنفيذها بنفسه، من خلال مهندس هذه الطرود إبراهيم حسن العسيري، إضافة إلى ابتكاره عدة أفكار أخرى للقتل والاغتيال السياسي مثل القتل الناعم (القتل بالعطر).
كما أشرف في 5 ديسمبر 2013، على الهجوم الدامي لتنظيم القاعدة على مجمع وزارة الدفاع اليمنية، الذي راح ضحيته أكثر من 60 شخصًا.
الكعكة اليمنية
عقب مقتل ناصر الوحيشي، زعيم تنظيم القاعدة في اليمن في يوليو 2015، ونظرًا لما يتمتع به «الريمي» من حنكة عسكرية، وخبرة عربية، إضافة إلى ولائه الشديد لزعيم التنظيم الحالي «أيمن الظواهري»، أقره الأخير على زعامة التنظيم في شبه الجزيرة العربية، فجدد «الريمي» بيعته للظواهري.
حاول «الريمي» تقاسم كعكة اليمن مستغلًا حالة الصراع فيه، لبسط سيطرته على عدة مدن مثل «المكلا وسيئون والقطن» بمحافظة «حضرموت» شرقي اليمن، وكذلك تصاعد نفوذ «القاعدة» في «الجوف وحجة والبيضاء وعدن» وعدة مدن يمنية أخرى، ولكن بعد عام من سيطرة القاعدة على «حضرموت» أعلن الجيش اليمني المسنود بقوات التحالف العربي في أبريل 2016 تحرير «حضرموت» من يد مسلحي القاعدة.
ويصنف «الريمي» على أنه من أخطر إرهابيي العالم، وقد رصدت وزارة الخارجية الأمريكية 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن مكانه بموجب الأمر التنفيذي 13224 في شهر مايو 2010.