ad a b
ad ad ad

«القاعدة» يهنئ «طالبان».. بوادر فشل اتفاق السلام في أفغانستان

السبت 14/مارس/2020 - 03:14 م
المرجع
محمد يسري
طباعة

العلاقات بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان غاية التعقيد والتشابك، فقد تبدو متطابقة في آن، وفي آن آخر تبدو متنافرة لحد إعلان الحرب بين الطرفين، فأحيانا تصدر الحركة بيانات تفيد بمنابذة التنظيم فكريًا وسياسيًا، وأحيانا أخرى تبدو متعاطفة معه في أفكاره وسياسته، الأمر الذي قد يوضح –مع عوامل أخرى كثيرة- مستقبل عملية السلام في أفغانستان، وكذا مستقبل الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان في العاصمة القطرية الدوحة نهاية فبراير 2020.

تضمن الاتفاق منع أي جماعة بما فيها تنظيم القاعدة من ممارسة أي نشاط من شأنه تهديد السلم الدولي من الأراضي الأفغانية، وقد أصدر مجلس الأمن الدولي بيانًا الثلاثاء 11 مارس 2020، رحب فيه بالخطوات الرامية نحو إنهاء الصراع في أفغانستان.


وذكر البيان أن جميع الأعضاء الخمسة عشر أيدوا الإعلان الأمريكي الأفغاني المشترك بشأن السلام والاتفاقية الموقعة بين واشنطن وطالبان.


ورحب القرار الأممي  بالتزام حركة طالبان بمنع أي جماعة أو فرد، بما في ذلك تنظيم القاعدة، من استخدام أراضي أفغانستان لتهديد أمن بلدان أخرى، والتزامها بالمشاركة في المفاوضات بين الأطراف الأفغانية.


«القاعدة» يهنئ «طالبان»..

تعقيب القاعدة

ورغم أن أبرز بنود اتفاقية السلام في أفغانستان منع أنشطة الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة؛ فإن التظيم أصدر بيانا، الخميس 12 مارس 2020، بعنوان "إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا"، هنأ فيه حركة طالبان على اتفاق السلام، واعتبره نصرًا لتنظيم القاعدة، على القوات الأمريكية، وأن هذا الاتفاق جاء لإجبار القوات الأمريكية على الانسحاب من أفغانستان، وقال البيان إن هذا :" جاء تحقيقا لمقولة الملا عمر  (وهو الزعيم الروحي لحركة طالبان توفي عام 2013) التي قال فيها: لقد وعدنا الله بالنصر ووعدنا بوش بالهزيمة، وسوف يرى العالم أي الوعدين سيتحقق" وقد رأي العالم بأسره هذا الانتصار التاريخي الكبير بإرغام الولايات المتحدة الأمريكية على سحب جيوشها المحتلة من أرض أفغانستان".

وأضاف البيان: "إننا بهذه المناسبة الجليلة نرفع أسمى التهاني والتبريكات لمقام أمير المؤمنين الملا هبة الله آخندزاده".

للمزيد: رغم جدلية بنوده.. «طالبان» تعلن توصلها لاتفاق نهائي مع واشنطن


«القاعدة» يهنئ «طالبان»..

علاقات متشابكة

يعكس البيان الأخير لتنظيم القاعدة، مدى العلاقات المتينة بين «طالبان والقاعدة»، التي لا تلقي اهتمامًا ببنود اتفاق الدوحة، وإن كانت لا تحمل توقيعًا على بياض بموافقة الحركة في كل توجهاتها، ولا تكترث هذه الرؤية بإمكانية التزام الطرف الأمريكي هو الآخر ببنود الاتفاقية التي تقضي بانسحاب القوات الأمريكية في غضون 14 شهرًا من توقع الاتفاق، الأمر الذي يوحي بفشل الاتفاق قبل بدء سريانه.

فالعلاقة بين الحركة والتنظيم ليست من السهولة بجعل طالبان تتخلى عن رفقائها في القاعدة، التي أعلن زعيمها أيمن الظواهري أقصي درجات التأييد للحركة، بل ومبايعة أميرها الحالي الملا هبة الله آخندزاده، ففي السادس والعشرين من مايو 2016، أصدر الظواهري تسجيلا صوتيًا، بعنوان "على العهد باقون"، نشرته الأذرع الإعلامية للتنظيم الإرهابي، أعلن فيه تأييد أمير حركة طالبان الملا هبة الله آخندزاده، بعد اختياره أميرًا للحركة؛ عقب مقتل سلفه الملا أختر منصور في ضربة أمريكية.

 وقال الظواهري في تسجيله الصوتي "استمرارًا على طريق الجهاد وسعيا في جمع كلمة المجاهدين واقتداءً بقادتنا الشهداء.. فإني بوصفي أميرًا لجماعة قاعدة الجهاد، أتقدم إليكم ببيعتنا لكم، مجددا نهج الشيخ أسامة في دعوة الأمة المسلمة لتأييد الإمارة الإسلامية وبيعتها."


«القاعدة» يهنئ «طالبان»..

طالبان ليست فصيلا واحدًا  

وعلاوة على دخول تنظيم القاعدة وإعلانه بشكل مباشر تهنئة طالبان على الاتفاق الذي يقضي بتحديد مدة زمنية لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، فإن وجود إجماع داخل الحركة والتنظيم على قبول هذا الاتفاق يعتبر أيضا نوعًا من عدم إدراك الواقع، الذي يبدو منذ اليوم التالي لتوقيع الاتفاق بفشل المفاوضات، فقد وقعت اشتباكات عديدة بين عناصر الحركة وكل من القوات الحكومية الأفغانية، والقوات الأمريكية وخلال الأسبوع الأول من توقيع الاتفاق وقع أكثر من 50 هجومًا من هذه الأطراف في أفغانستان أسفرت عن عشرات الضحايا.

وكذلك فمن الخطأ اعتبار أن حركة طالبان فصيل واحد، أو أن هناك توقيعًا على بياض منحه جميع عناصر وقيادات الحركة لوفد مفاوضات السلام مع الأمريكان، فمن المعروف أن هناك جناحًا يرفض رفضًا قاطعا مجرد التفكير في مصافحة الأمريكان علاوة على التوصل لاتفاق سلام  معهم، ويرى أن من يجلس على مائدة المفاوضات مخالفًا للدين، ومفهوم الولاء والبراء لدى الحركة، إضافة إلى الفروقات المنهجية والتنظيمية لهذا الجناح مع جناح هبة الله أخوند زاده الذي وصل لاتفاق نهائي مع الأمريكيين.

فعلى سبيل المثال هناك "شبكة حقاني" التي تضم أعدادا ضخمة من المقاتلين تفوق أعداد تنظيم القاعدة في أفغانستان وتمتلك مجموعة كبيرة من الكيانات التعليمية والتدريبية للمقاتلين، وتميل إلى منهج تنظيم القاعدة المعادي للوجود الأمريكي ولها تأثير كبير في النزاع الدائر في البلاد وهو ما أكدته بالفعل تقارير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

 للمزيد: مستقبل «طالبان» بعد اتفاق السلام مع أمريكا

"