يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

دور إيران بالجنوب السوري في ضوء التوازنات الروسية الجديدة

الخميس 31/مايو/2018 - 11:59 ص
المرجع
محمود عبدالواحد رشدي
طباعة
لطالما اتسم المشهد السوري بتعقيداته وتشابكه لكثرة الفاعلين الدوليين في الحرب الدائرة؛ فعلى مستوى الداخل السوري تعددت التنظيمات المسلحة، وتباينت توجهاتها وأجندتها السياسية، وتنوعت ما بين ميليشيات شيعية، وتنظيمات متطرفة، وحركات تقاوم النظام السوري.

أما على المستوى الإقليمي، فتدور رَحَى الحرب بسوريا بما يمكن أن نُطلق عليه بـ«حرب الوكالة الإقليمية»، إذ تتصارع الدول الإقليمية في توسيع نفوذها داخل المشهد السوري، وعلى رأسها إسرائيل الرافضة لوجود الميليشيا الشيعية على حدودها، وإيران الطامحة لتشويه التكوين الديمغرافي في سوريا لصالح الكتلة الشيعية، مستعينة بميليشياتها المنتشرة هناك، إلى جانب تركيا الراغبة في حصولها على أكبر نفوذ في الشمال السوري.

وعلى المستوى الدولي فتصارعت الدول العظمى -الولايات المتحدة، وروسيا- على الساحة السورية؛ لتمثيلها رقعة مهمة في منطقة الشرق الأوسط، ولكن تغير الحال لنوع من التفاهم والتنسيق السياسي بتغيير السياسة الأمريكية بمجيء دونالد ترامب لحكم أمريكا، ولكنَّ هناك عددًا من الاختلافات بينهما فيما يخص بعض القضايا السورية.

وتُحاول روسيا منذ دخولها الصراع السوري، أن تستحوذ على نصيب الأسد في المفاوضات المستقبلية، وتستغل الأدوار الإقليمية لتثبيت سيطرتها على المشهد السوري.

الجنوب.. الاتفاق الثلاثي
ومنذ مايو الحالي، وتسعى روسيا لإحكام سيطرتها على الجنوب السوري وطرد حركات المقاومة الممثلة في «عمليات البنيان المرصوص» -التابعة لقوات الجيش السوري الحر- وإخلاء المنطقة من الميليشيات الشيعية الموجودة بدرعا.

واتفقت الدول الثلاث «روسيا وأمريكا والأردن» فيما بينها في يونيو 2017، على اعتبار مناطق «درعا والسويداء والقنيطرة» في الجنوب السوري، ضمن هدنة تخفيض التصعيد، وعودة السيطرة السورية على المعابر الحدودية مع الأردن.

ولكن أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أمس الأول، الثلاثاء 29 مايو 2018، عن اجتماع مرتقب بين «روسيا وأمريكا 
والأردن» حول منطقة خفض التصعيد جنوبي سوريا، تمهيدًا لبدء عملية عسكرية لإخلاء الجنوب السوري من التنظيمات المسلحة كافة، مع إعادة تمركز للتنظيمات العسكرية التابعة للنظام السوري على الحدود «السورية - الإسرائيلية».

تغيير الأدوار الإقليمية
واتبعت روسيا سياسة تغيير الأدوار الإقليمية في الجنوب السوري، إذ أعلنت أن الشرعية الوحيدة للتنظيمات العسكرية في الجنوب السوري تتمثل في قوات النظام وحدها، وعقدت اتفاقًا مع الجانب الإسرائيلي يتم بمقتضاه انسحاب ميليشيات إيران وحزب الله من المنطقة الجنوبية، على أن تحل محلها قوات الأسد.

وكما يبدو أن الولايات المتحدة في طريقها للتخلي عن دعم الفصائل المسلحة هناك، في مقابل استبعاد إيران وميليشياتها عن الحدود «السورية - الإسرائيلية»، بما يضيف نصرًا أكبر للنظام السوري في استعادة الأراضي السورية.

موسكو تتخلى عن إيران
وفي الوقت الذي لا يمكن السيطرة على الجنوب السوري دون الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي، المخالف للدور الإيراني في سوريا، تُحاول روسيا استغلال أطراف الصراع لإحكام سيطرة النظام على الجنوب السوري، ورغم أن الواقع الميداني يفرض التحالف «الروسي - الإيراني»، فإن روسيا تتذمر من الدور الطائفي الإيراني ووجود ميليشياتها في سوريا.

وتسعى إيران للقضاء على أي حلٍّ سلميٍّ يفضي إلى طاولة المفاوضات، إذ تعلم أن وجودها بسوريا مرهون باستمرار الصراع السوري، وعلى النقيض تسعى روسيا لإحكام سيطرة النظام على بقية المناطق السورية، فروسيا ترفض تحويل سوريا إلى ورقة مساومة في يد إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، ولكن احتدام التصادم بين الطرفين لم يصل لحدِّ التصريحات العلنية.

موقف التنظيمات المسلحة
ويشتمل الجنوب السوري على عدد من التنظيمات المسلحة التابعة للجيش السوري الحر؛ منها قوات «البنيان المرصوص» والميليشيات الشيعية.

وحين تغير الاتفاق بين الدول الثلاث، من هدنة تخفض التصعيد في منطقة الجنوب السوري، إلى تحركات ميدانية واضحة لقوات الجيش السوري والقوات الروسية؛ لتفريغ المنطقة من التنظيمات العسكرية بما فيها الميليشيات الشيعية، واستبدالها بقوات تابعة للنظام السوري، جاء رد قوات «البنيان المرصوص» على تلك التحركات بأنها تستعد لأي عملية عسكرية تنفذها الميليشيات الطائفية -الشيعية- وأنها على استعداد للتصدي لأي هجوم، ولكنها على استعداد للتفاوض مع النظام السوري.

أما الميليشيات الشيعية، فلم تُصدر أي بيان رسمي يوضح موقفها، ولكنها تتبع الأجندة الإيرانية من رفض الانسحاب من منطقة الجنوب السوري، إلا إذا كان هناك تنسيق مستقبلي بشأن المصالح الإيرانية في سوريا، فإيران ستعلن رفضها التام للمعادلة السورية التي ترسمها موسكو باستبعاد إيران من المشهد السوري.

طهران والتوازنات الروسية
وختامًا، فإن طهران لن ترضخ للتوازنات الروسية الجديدة القائمة على التفاهمات «التركية - الروسية» في الشمال السوري، والتناسق «الإسرائيلي - الروسي» في الجنوب.

فماذا تحوي المرحلة القادمة من الاستراتيجية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط في ظلِّ سياسة الحصار التي تسعى إلى تطبيقها الدول الإقليمية والدولية على النفوذ الإيراني بالمنطقة؟

وعلى صعيد آخر، تراجع النصر الحوثي في اليمن، بفضل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والقوات البرية التابعة للجيش اليمني، وبات الحديث قريبًا عن دخول العاصمة صنعاء المستحوذ عليها من جماعة الحوثي منذ 2014.

وفي ظل الاستراتيجية الجديدة لروسيا في الجنوب السوري، تسعى إسرائيل لاستغلال تقاربها مع روسيا، في إعلان هضبة الجولان السورية ضمن الأراضي الإسرائيلية في مقابل السماح للقوات السورية النظامية بالوجود على حدودها مع إسرائيل.

الكلمات المفتاحية

"