ad a b
ad ad ad

«أردوغان» يستغل الأقليات التركية في مخطط الخلافة المشبوه (١-٢)

الأحد 12/يناير/2020 - 12:50 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

أصبحت الشهية التوسعية العثمانية لتركيا، مفتوحة، فأحلام استعادة أملاك الدولة العثمانية، تدفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى العدوان على دول الجوار.



«أردوغان» يستغل الأقليات
الاعتداءات التركية، بدأت في العراق وسوريا، ومن الواضح أنها لن تنتهي في ليبيا، وأن نظام أردوغان يسخر كل طاقاته لإلغاء معاهدة سيفر - 1920، وتسمى أيضًا معاهدة الصلح التي قبلت بها الدولة العثمانية في 10 أغسطس عقب الحرب العالمية، وهي واحدة من المعاهدات التي وقعتها بعد هزيمتها على يد دول الحلفاء، وكانت بمثابة انتهاء الهيمنة العثمانية على الأراضي التي كانت قد احتلتها سابقًا، حيث وقعت أسطنبول على بنود هذه المعاهدة مجبرة دون خيار المناقشة، وبموجبها استولت روسيا على القسطنطينية وتركيا الأوروبية وجزر بحر إيجة وجزر بحر مرمرة والساحل الأسيوي من البوسفور، ووضعت بريطانيا عينيها على العراق وساحل فلسطين مدينة حيفا وعكا وتطلعت فرنسا إلى لبنان، أما إيطاليا فقد كانت تطمع في الاستيلاء على جزر الدوديكانيز في بحر إيجة، ومساحة من جنوب غربي أسيا الصغرى من أضاليا إلى أزمير، وقد رأى الحلفاء إنهاء المناقشة بعقد المعاهدة والتي لم تترك للدولة العثمانية سوى منطقة جبلية صغيرة في الأناضول حول أنقرة وركن صغير من الأرض الأوروبية خلف القسطنطينية.

عقب ثورات الربيع العربي بدأت الأحلام الدموية، تداعب مخيلة الرئيس التركى بقيام الخلافة العثمانية من جديد، مرتكزًا فى ذلك على وجود جماعة الإخوان وميلشياتها الإرهابية المنتشرة في الدول العربية، والدليل على ذلك تحركات أردوغان الأخيرة والمثيرة للريبة لدعم الجماعات الإرهابية فى دول المنطقة، وترميمه للمتحف العثمانى بمدينة سوكنه السودانية، وإنشاء قاعدة بحرية بأموال قطرية، ثم زيارته لتونس، ومحاولة التدخل العسكري في ليبيا، ما هي الإ محاولات من أجل التمكين لجماعة الإخوان فى هذه الدول أملًا فى مبايعته خليفة للمسلمين.

ويسعى أردوغان من خلال هذا المخطط المشبوه إلى محاصرة مصر بالجماعات الإرهابية من كل الاتجاهات، والقواعد العسكرية التركية التي يحاول إنشاءها في المنطقة.

الخلافة ومعاهدة لوزان

الرئيس التركي مسكون بفكرة استعادة أملاك الدولة العثمانية، وإلغاء معاهدة لوزان التي أنهت ما كان يطلق عليه رجل أوروبا المريض، وهذا ما كشفه عدنان تانوردي، المستشار العسكري الأول للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومالك شركة "سادات" للقوات شبه العسكرية، خلال مقابلة أجراها معه "تلفزيون العقيدة AKIT" التركي الحكومي أن منظمته الممولة والمدعومة بالكامل من الحكومة التركية، تعمل على تمهيد الطريق أمام ظهور المهدي المنتظر من أجل إعلان خلافة الرئيس التركي، بحلول عام 2023، مطالبًا الدول الإسلامية بأن تنتج أسلحتها الدفاعية فيما بينها، وأن الصناعة العسكرية التركية يمكنها توفير ما هو مطلوب.

وتنفيذًا لهذا المخطط أعد معهد البحوث الإستراتيجية لأنصار العدالة أسّام، الذي يُعتبر العقل التنظيمي لمشروع أردوغان في توظيف شعارات الإسلام السياسي وتشكيلات الإخوان من أجل الترويج لكونفدرالية إسلامية يرأسها خليفة مقره إسطنبول، دستور لدولة كونفدرالية إسلامية عاصمتها إسطنبول ولغتها الرسمية هي العربية، ويحتوى على بند خاص عن رئيس الدولة الكونفيدرالية الذي هو الحقيقة الخليفة المزعوم.

وتُظهر قائمة الدول التي تحلم القيادة التركية بأن تكون كونفدرالية الخلافة التي يؤمها أردوغان، 61 دولة بينها 12 دولة من الشرق الأوسط هي (كما جاءت في متن الدستور) البحرين والإمارات وفلسطين والعراق وقطر والكويت ولبنان وسوريا والسعودية وعُمان والأردن واليمن، ومن دول شمال إفريقيا تضم القائمة الجزائر وتشاد والمغرب وليبيا ومصر وتونس.

وسعيًا لتحقيق الحلم اتخذ أردوغان عددًا من الخطوات، من خلالها كشف عن مخططه لإحياء الدولة العثمانية، البداية عندما شيد قصره الأبيض، والذى أطلق عليه قصر السلطان، بتكلفة بلغت أكثر من 600 مليون دولار، وبلغت مساحة هذا القصر حوالي 200 ألف متر، على طراز قصور الملوك العثمانيين فى تلك الفترة، كما قرر تدريس اللغة العثمانية في المدارس، وفي المراحل الثانوية، حيث قال، إن تلك اللغة يجب تدريسها، كما أعاد عزف النشيد العثماني، في القصر الجمهوري بدلًا من النشيد التركي، وذلك لأول مرة منذ سقوط الخلافة العثمانية، خلال استقبال رئيس أذربيجان.

كما وافقت لجنة الشؤون الدستورية بالبرلمان التركىي على اقتراح نواب حزب العدالة والتنمية بإعداد شعار رسمي جديد للجمهورية هو ذاته شعار الدولة العثمانية المعروف.

وينص مشروع القانون الجديد الذي اقترحه نواب من حزب العدالة والتنمية على عودة شعار الدولة العثمانية مرة أخرى بعد أن ألغى عام 1922 بسقوط الخلافة العثمانية فى ذلك الوقت.

الواهم باستعادة أملاك رجل أوروبا المريض، يعتقد أن المجتمع الدولي سيسمح له بعودة الأراضى التى كانت مملوكة للدولة العثمانية من قبل، والتي تحررت وفقًا لاتفاقية لوزان 1922، بعد مرور 100 عام على هذا الأمر، ناسيًا أن هناك الآن حدودًا معترف بها بين الدول ومسجلة بالفعل فى الأمم المتحدة.
«أردوغان» يستغل الأقليات
التدخل في ليبيا

استغل أردوغان الأصول التركية لحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج، في عقد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، إذ تمثل حصان طروادة لتمكين المحتل التركي من الأراضي الليبية، وذلك يرجع إلى هيمنة المجموعة الإثنية التي تعرف بـ«أتراك ليبيا»، على الحياة السياسية في البلاد، فالكثير من عناصر «حكومة الوفاق» وقادة الميليشيات المتحالفة معها ينتمون إلى هذه المجموعة الإثنية، ومن أبرزهم رئيس هذه الحكومة المزعومة فائز السراج، ووزير داخليتها فتحي باشا أغا، وصلاح بادي قائد ما يسمى «لواء الصمود»، الجناح الأكبر والأقوى ضمن كتائب مصراتة، ومختار الجحاوي قائد ما يسمى بـ«طقوة مكافحة الإرهاب»، وهي إحدى ميليشيات مصراتة، والسلفي عبدالرؤوف كاره، قائد قوة الردع ذات التوجهات السلفية الجهادية والتابعة لوزارة داخلية الوفاق، والإخواني محمد صوان قائد حزب العدالة والبناء الذراع السياسية للإخوان المسلمين في ليبيا؛ لذا ليس من الغريب أن توقع حكومة الوفاق مع تركيا مذكرتي تفاهم إحداهما للتعاون العسكري والأخرى لترسيم الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط، قبل أن تطلب صراحة من تركيا التدخل العسكري في الأراضي الليبية.


«أتراك ليبيا» الذين يبلغ عددهم نحو 5% من إجمالي سكان البلاد، ويعود أصلهم إلى العهد العثماني الذي دام ما يزيد على ثلاثة قرون ونصف بين عامي 1551 و1912، وفي عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين تدفق نحو 120 ألف عامل تركي إلى ليبيا، منحوا أردوغان مخلب قط ليكرر سياسته التي فعلها في سوريا والعراق بحجة حماية الأقليات ذات الأصول التركية، وهذا ما عبر عنه صراحة مدعيًّا أن مليون ليبي من أصول تركية يستحقون دعمه والتدخل لنجدتهم، إذ تسعى تركيا من خلال تدخلها في ليبيا إلى الاستفادة من عدة امتيازات، بداية من النفط والغاز، وصفقات إعادة الإعمار التي تقدر بنحو 18 مليار دولار، والتي كانت ضمن صفقة بين القذافي وأردوغان، وكانت أحد الأسباب الرئيسية لتأخر تأييد تركيا للثورة الليبية.

 

"