زيارة «أوغلو» إلى «ديار بكر».. النخبة تتحد لمواجهة طغيان «أردوغان»
في خطوة تشكل
تهديدًا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قام رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في 31 أغسطس الماضي بزيارة إلى مدينة «ديار بكر» الكردية جنوب شرق تركيا، دعمًا لعمدة المدينة السابق، الذي تمت إقالته
بسبب مزاعم من علاقته بالإرهاب وحل محله حاكم عينه «أردوغان».
وأوضح "أوغلو" خلال زيارته أنه يتعين الوقوف ضد الظلم بغض النظر عمن يتضرر، وهو ما حدا بالرئيس التركي أن يبعث تهديدًا ووعيدًا لرئيس البلدية بعزله من منصبه.
وكانت وزارة الداخلية التركية قد عزلت في 21 أغسطس الماضي، ثلاثة من رؤساء بلديات كردية رغم فوزهم في الانتخابات المحلية التي جرت نهاية مارس الماضي، والمنتمين إلى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
وأرجعت الحكومة التركية قرارات الإقالة في مدن، ديار بكر، ماردين، وفان، إلى ما زعمت أنه ارتباط رؤسائها بالإرهاب، والانتماء إلى منظمة إرهابية، والدعاية لها وهي "حزب العمال الكردستاني"، الأمر الذي أثار استياء وقلق النخب التركية، لا سيما مع اتجاه "أردوغان" إلى تعيين موالين له بقرارات إدارية تتعارض مع صحيح القانون، إضافة إلى انتقادات واسعة واحتجاجات في المناطق ذات الغالبية الكردية شرق، وجنوب شرق البلاد.
أسباب العزل
يرجع قيام "أردوغان" بإصدار قرار بعزل رؤساء البلديات الثلاث دون سند قانوني، إلى سببين، الأول، هو فقدان حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي خسر البلديات الكبرى لأهم مصدر تمويل، إذ أن الهياكل الإعلامية والشركات والجمعيات التابعة له كانت تتغذى على أموال البلديات، وظهر ذلك بوضوح عند تسلم المعارضة لها، حيث تكشفت عمليات الفساد التي كان يقوم بها الحزب أثناء حكمه، ومن ثم لا توجد طريقة لوقف تلك الفضائح إلا بعزل رؤساء البلديات.
والسبب الثاني، أنه خلال فترة وجيزة أظهر رئيسا بلديتي "أنقرة" و"اسطنبول" أداء قويًّا في إدارة أموال البلدية وتقديم خدمات للمواطنين، ما زاد من شعبيتهما، وعليه أدرك "أردوغان" أن احتمالات عودة البلديات مرة أخري لحزبه بالانتخابات أصبح أمرًا شبه مستحيل، لذا سعى للهيمنة عليها بطرقه غير الشرعية.
وتري المعارضة التركية أن المشكلة تكمن بالأساس في تحويل النظام إلى رئاسي وإعطاء صلاحيات غير محددة لـ"أردوغان" تعطيه الحصانة وتشجعه على خوض معارك على أكثر من جبهة تكون تداعياتها كارثية على البلاد.
رسائل الزيارة
مما سبق نجد أن رئيس بلدية إسطنبول والمعارضة التركية أيضًا، يرون حالة الإرباك والانشقاقات التي يشهدها "حزب العدالة والتنمية"، الأمر الذي جعل "أوغلو" يقوم بزيارة إلى "ديار بكر" بهدف إضعاف سلطة "أردوغان" وتجنيب البلاد تداعيات الأزمات التي تسبب بها.
ويشير كرم سعيد، الباحث في الشأن التركي بمركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية، الى أن زيارة رئيس بلدية إسطنبول إلى "ديار بكر" تحمل 3 رسائل، الأولي: أن "أوغلو" يعمل على تكريس حضوره ليس في المشهد السياسي فحسب؛ بل في المشهد التركي بأكمله، فهو يحظى بسمات خاصة، ويتمتع بكاريزما، إذ استطاع أن يقدم خطابًا سياسيًّا مغايرًا لخطابات المعارضة التركية سابقًا، ولامست تصريحاته هموم المعارض التركي، كما أن إعادة الانتخابات في إسطنبول كانت فرصة سانحة لزيادة شعبية أوغلو.
وأكد في تصريح خاص لـ«المرجع» أن "أوغلو" سيكون منافسًا حقيقيًّا لـ"أردوغان" في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2023، لأن الصوت الكردي سيكون عاملًا حاسمًا لمن يفوز بالمقعد الرئاسي، فنحو 18% من الأصوات الانتخابية بيد الكرد إذا قررت الذهاب لمرشح بعينه ستكون فرصة قوية لإنجاز المهمة الرئاسية .
الرسالة الثانية بحسب «سعيد»: أن الزيارة رسالة من حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض لإطلاق مبادرات من أجل تسوية الأزمة الكردية التي راح ضحيتها ما يقرب من 40 ألف قتيل منذ عام 1984 نتيجة الصراع بين الحكومة التركية والأكراد، وهذا سيتم بشكل سلمي بالتعاون مع كل الأحزاب المعارضة، وذلك لتحقيق السلام الكردي في هذا البلد الذي فشل أردوغان في تحقيقه.





