«طهران» تواصل اللعب بالنار.. والاتفاق النووي في مأزق
يواجه الاتفاق النووي مازقًا كبيرًا بعدما طلبت البعثة الأمريكية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقد اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 بلدًا لبحث الملف الإيراني بعدما انتهكت طهران الاتفاق الذي أبرم مع القوى العالمية عام 2015.
ويأتي هذا بعدما أعلنت طهران رسميًا عن تجاوز التزاماتها النووية التي تعهدت بعدم مجاوزتها من قبل.
وتتولى الوكالة مهمة التحقق من امتثال
طهران للقيود المفروضة على أنشطتها النووية وفق الاتفاق الذي تقرر بموجبه أيضًا رفع
العقوبات الدولية عن طهران، وقد أعلنت الوكالة مرارًا إن الأطراف الموقعة على الاتفاق
لها الحق في تحديد أي انتهاكات لبنوده.
من جانبها استنكرت إيران، الدعوة الأمريكية،
لمناقشة أنشطتها النووية.
ففي بيان صدر، السبت، عن بعثة إيران لدى
مقر الوكالة
الدولية للطاقة الذرية في فيينا، قالت: «إن واشنطن هي الطرف المنسحب من خطة العمل
الشاملة المشتركة، التي تم التوصل إليها بين إيران والمجتمع الدولي عام 2015»، مضيفًا أن واشنطن حاولت
بمختلف الوسائل للحيلولة دون التزام المجتمع الدولي بهذه الخطة، وأن «الدعوة لهذا الاجتماع
الخاص، متناقضة مع مبدأ سيادة القانون، وتعددية الأطراف في العلاقات الدولية»، وأن المجلس التنفيذي
للوكالة سيبحث خلال اجتماعه المقبل، الآليات المقترحة حول تنفيذ خطة العمل الشاملة
المشتركة.
وفي ذات السياق أعلن علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، أن طهران ستبدأ يوم الأحد المرحلة الثانية من تقليص التزامها بالقيود التي يفرضها الاتفاق النووي المُبرم عام 2015، لافتاً إلى رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 5 في المائة.
من جهته أكد الكاتب الصحفي أسامة الهتيمي، أن اجتماع مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية الدولية سيتمخض عن إقرار صريح بانتهاك إيران للاتفاق النووي فما أعلنت عنه إيران من تجاوز للحد الأقصى المتفق عليه بشأن كمية اليورانيوم المخصب، سيكون تجاوزًا لبنود هذا الاتفاق ليتغير بذلك موقف الوكالة ولأول مرة منذ سنوات، حيث كانت دائمًا ما تشيد خلال تقاريرها الدورية بمدى التزام إيران بالاتفاق، وهو الأمر الذي كان يضع واشنطن دائمًا في موقف صعب كلما تحدثت عن محاولات إيرانية لانتهاك بنوده.
وتابع الهتيمي: بطبيعة الحال فإن تبدل موقف الوكالة سيكون خصمًا من دور الدبلوماسية الإيرانية التي حرصت طيلة الفترة الماضية على أن تظهر إيران وكأنها تحترم الاتفاقيات والقوانين الدولية، بخلاف الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما سيدفع الدبلوماسيين الإيرانيين إلى أن يكثفوا من جهودهم من أجل تقديم التبريرات والذرائع التي أدت بإيران إلى سلوك هذا الطريق، فأي اتفاق بين شريكين أو اكثر يفرض على كل منهما استحقاقات والتزامات يعني الاخلال بها خروجًا على الاتفاق وعدم الالتزام به، وهو ما حدث مع اتفاقية العمل الشاملة المشتركة، وذلك بعد انسحاب واشنطن منه في مايو 2018، وتراخي الأوروبيين في الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه إيران، وعدم تفعيل الآلية المالية للتبادل التجاري مع إيران.
وأضاف في تصريحات لـ «المرجع»: من الواضح أن الغرض الأساسي لأمريكا من دعوة مجلس محافظي الوكالة للاجتماع هو محاولة استقطاب الطرف الأوروبي لدعم الموقف الأمريكي، ومن ثم لا يكون الموقف الأمريكي من إيران منفردًا، خاصة أن مواقف الاتحاد الأوروبي طيلة الفترة الماضية ولو ظاهريًّا كانت أقرب إلى الموقف الإيراني وليس الأمريكي، ومن ثم فإن تحول الموقف الأوروبي سيمنح الأمريكيين مساحة أكبر لممارسة المزيد من الضغط على إيران والاستمرار في تصعيد لعبة عض الأصابع.
وتابع: وفي اعتقادي أن أمريكا تعتبر بالفعل امتلاك إيران للسلاح النووي خطا أحمر، وهو النقطة الفاصلة بين طريقة التعاطي الأمريكي الحالية والتي تتسم بالكثير من الصبر وضبط النفس، وبين ما يمكن أن تقوم به أمريكا تجاه إيران، وشن حرب عسكرية شاملة لشل قدراتها، وهي المرحلة التي لم تصل إليها الأمور حتى اللحظة، بل وستعمل كل من أمريكا وإيران على عدم الوصول إليها، لأنهما بالفعل يدركان خطورة وكارثية اندلاع حرب عسكرية في المنطقة، وأن ذلك يهدد مصالح كلا الطرفين.
واردف أن ثمة بعدًا فنيًّا وتقنيًّا في المسألة، فالحديث عن الوصول بالتخصيب إلى نسبة 5% لا يزال بعيدًا عن النسبة المقررة لتحويل التخصيب من أغراضه السلمية إلى العسكرية، إذ يحتاج ذلك نسبة تخصيب تصل إلى 90 %، مع ضرورة أن تمتلك كميات من اليورانيوم المخصب أضعاف أضعاف ما تمتلكه إيران الآن، وهو أمر يحتاج إلى وقت وفق المتخصصين.
وأوضح؛ أن ما سبق يعيدنا من جديد للتأكيد على أن ورقة الطرف الثالث والوساطات ستكون هي الفاعل الأساسي لنزع فتيل النزاع الأمريكي – الإيراني، إذ أن الأطراف الدولية كلها تدرك خطورة الموقف أيضًا، وستعمل جاهدة على أن تتفادى قيام إيران بارتكاب الخطأ الإستراتيجي الأكبر في غمرة الانفعال والخطاب الثوري، في مقابل إقناع أمريكا وإدارة ترامب على أن التصعيد لا يصب في مصلحة أمريكا على الإطلاق.





