«حفتر» يتحدث عن ما بعد طرابلس.. هل وصل الجيش لحسم المعارك؟
منذ شهرين ونصف بدأت معركة تحرير العاصمة الليبية «طرابلس» من الميليشيات الإرهابية، وعليه قرر القائد العسكري للجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، الحديث لأول مرة منذ بدء المعارك؛ ليكشف في حوار أجرته معه صحيفة «المرصد الليبية»، ونشر يوم الخميس 20 يونيو 2019، عن تصورات الجيش لمرحلة ما بعد طرابلس.
وفي استعراضه لطبيعة الفترة، قال: إنها ستكون مرحلة انتقالية واضحة ومنظبطة من حيث المدة والصلاحيات،وتابع: «من المهم أن تُنجز فى هذه المرحلة الانتقالية عدة مهام أساسية لتمهيد الأرضية أمام الوضع الدائم، منها حل كافة المليشيات ونزع سلاحها ومنح الضمانات لكل من يتعاون فى هذا المجال، وحل كافة الأجسام المنبثقة عن اتفاق الصخيرات الذي انتهت مدته وفشل فى إيجاد أي مخرج للأزمة بل خلق أزمات، وطبعًا تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون مهمتها التجهيز لهذه المرحلة الدائمة التي نتحدث عنها».
نوايا الجيش
وعبّر حفتر عن اندهاشه من الأطراف المشككة في نوايا الجيش، وتتهمه بالتأسيس لحكم عسكري، قائلًا: «كان الأولى أن يشككوا فى نوايا المنقلبين على الديموقرطية عبر السلاح، وعادوا إلى الحكم بواسطة ميليشيات فجر ليبيا الإرهابية – كما صنفها البرلمان – واحتلوا العاصمة وفرضوا فيها حكومة متطرفة موازية بقوة السلاح (يقصد حكومة الإنقاذ)».
ويحمل الحوار أهمية ليس فقط لطبيعة المعلومات المطروحة فيه، بل لتركيزه على نقطة
معنية بمرحلة ما بعد تحرير طرابلس، وهو ما
قد يحمل دلالة على قرب حسم المعارك لصالح الجيش للدرجة التي دفعت القائد العسكري
للإعلان عن تصورات ما بعد المعارك.
حسم المعارك
وربما يدعم هذا الطرح المبادرة التي تقدم بها
رئيس حكومة الوفاق مطلع الأسبوع الجاري، واقترح فيها إنهاء المعارك والعودة إلى
طاولة المفاوضات، ما اعتبره مراقبون تراجعا من قبل الحكومة المسيطرة على طرابلس.
وبرر أصحاب هذا الرأي بموقف الوفاق السابق
منذ بدء المعارك الذي شددت فيه على رفضها لأي حوار مع الجيش الليبي. وبالرغم من
ذلك أعلنت بشكل فجأة استعدادها للتفاوض بل كانت الطرف الداعي للمفاوضات.
التراجع عن الموقف الذي فسره مراقبون بضعف في
موقف الوفاق ومليشياتها، يأتي متسقًا مع تصريحات تخرج من شخصيات محسوبة على الوفاق
وتعكس تململ من جانبها تجاه المشهد السياسي.
من
بين هذه الشخصيات كان الإخواني التوجه، «خالد المشري»، رئيس مجلس الدولة، الذي قال
خلال لقاء جمعه : «إن بعض الدول الأوروبية في ظاهرها تدعم وتعترف فقط
بحكومة الوفاق التي وصفها بالشرعية، ولكنها في الباطن تدعم الجيش وتحركاته».
ويعكس هذا التصريح حالة فقد ثقة لدى «المشري» في أطراف
خارجية لم يسمها.
يشار إلى أن الوفاق طالما ما كانت تعطي أهمية
بالغة لورقة المجتمع الدولي، مهتمة بكسبه لصفها على حساب الجيش الليبي ومعاركه في
طرابلس.
وعلقت فاطمة
غندور، الإعلامية الليبية، على حوار المشير وتزامنه مع مبادرة الوفاق بأن المعطيين
إلى جانب بعضهما يعطيان إيحاءً بأن الجيش الليبي على وشك حسم المعارك.
وأوضحت في تصريحات خاصةً أن معارك طرابلس من
البداية تعرف صعوبتها لأهمية العاصمة للميليشيات وقوى الإسلام الحركي، مشيرةً إلى
أنه بالرغم من ذلك تمكن الجيش من تحقيق تقدمات مهمة.
وتطرقت الإعلامية الليبية إلى مضمون الحوار، مؤكدةً أنه حمل قدرا من
الحكمة وطمأنة للمجتمع الدولي فيما يخص
ليبيا ما بعد الميليشيات.
وفي حواره لفت
حفتر النظر إلى قبول دولي لــ«طوفان الكرامة»، قائلا: «حتى الدول التي لم تعلن عن
دعمها للعملية، أخبرتنا أنها تتفهم تحركات الجيش».
وفيما يخص
الموقف الإقليمي فأشاد بموقف مصر والسعودية والإمارات، مشيرًا إلى أن الوضع مع
السودان والجزائر بدأ يتحسن، خاصة وأن الدولتين كانتا من بين الرافضين للخيار
العسكري في طرابلس.
مبادرة «السراج»
في سياق آخر، قلل المشير خليفة حفتر من المبادرة
التي طرحها، رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، مطلع الأسبوع الجاري، قائلًا: «لا أعتقد
أن لديه ما يقول، فهذا الرجل مرتبك وقراره ليس فى يده، لقد خَبِرتُه وعرفته جيدًا منذ عدة سنوات وتحدثت معه بشكل مباشر كما تعلمون، إنه حقًا لا يدري ماذا يريد، ولا
يستطيع أن يوقع أي اتفاق، ودائمًا ما يُشعرك دون أن يدري بأن هناك جهة ما «مرعوب» منها
بشدة وبدرجة لا توصف».
وتابع: «وعلى أي
حال المبادرة إضافةً إلى أنها مفتقدة للجدية وخالية من بنود معالجة أسباب الأزمة
فهي أيضًا ليست للسراج بل هي عبارة عن صدى لكلام غسان سلامة المكرر، فالمبادرات لا
معنى لها ما لم تكن شجاعة وتحمل بنودًا صريحة تمس صلب الأزمة وتعالجها جذريًّا، ولذا
فهي غير ذات قيمة وردنا عليها هو ذات ردنا على ما قاله سلامة سابقًا».
وعلى ذكر غسان سلامة أستاذ العلوم السياسية في جامعة السوربون، قال المشير: «إنه رجل مثقف وعربي وقومي، ولكن فى الآونة الأخيرة بدت لي معلوماته مبتورة ولا يفي الجيش الوطني حقه، وهو ما يفسر مواقفه الرافضة لعملية طوفان الكرامة».
الحل العسكري
وفيما يخص الحل
العسكري كحل نهائي لتفكيك الأزمات الليبية، قال : «الحل السياسي لا مفر
منه ويبقى الخيار الأمثل»، مشيرًا إلى أنه اضطر إلى اللجوء للحل العسكري لمواجهة
أزمات عجزت كافة السبل عن تفكيكها.
وعدد هذه
الأزمات في إنتشار الميليشيات وسيطرتها على أموال الشعب الليبي فى مصرف ليبيا المركزي،
وممارستها للحرابة والخطف والابتزاز، إلى تنامي نشاط الجماعات الاجرامية وعصابات الجريمة
المنظمة والمتاجرة بالبشر وتهريب النفط والمحروقات، وحتى جماعات الإسلام السياسي التى
عطلت الحياة السياسية وأفسدت مناخها، بل ووصلت إلى تنفيذ أجندات خارجية تتعارض مع مصالح
الشعب الليبي تمامًا.
وأضاف: «هذا الجزء
باختصار هو المستهدف من العملية العسكرية وما عدا ذلك سيجد له الشعب الليبي الحلول
عبر الحوار والنقاش بوسائل سلمية وسياسية وديموقراطية».
ويذكر أن الجيش الليبي يسيطر على أكثر من 80% من التراب الليبي، فيما لم يتبقى إلا العاصمة الواقعة تحت سيطرة الميليشيات، وهو الوضع الذي يحاول الجيش إنهاءه عبر عملية طوفان الكرامة التي أطلقها الجيش في الرابع من أبريل الماضي.
للمزيد... خارطة إخوانية لطريق مسدود.. «الوفاق» ترفع الراية البيضاء تحت اسم «مبادرة»





