الصين وطالبان.. مصالح مشتركة وطريق مختلف

كشف المتحدث الرسمي السابق لحركة
طالبان، عبدالحي مطمئن، عن توجه وفد من الحركة الى الصين ولقاء مسؤولين في حكومة بكين، وذلك
قبل ساعات من الجولة السابعة لمباحثات السلام بين الجماعة والولايات المتحدة
الأمريكية، المقرر إقامتها خلال الأسبوع الجاري في مكتب الحركة بقطر.

فيما ذكر «مطمئن»، أن مسؤول الجناح السياسي لطالبان عبدالغني بارادار موجود اليوم في بكين لترؤس الوفد الذي يضم أمير خان متقي وعبداللطيف منصور وأعضاء آخرين في الجماعة، مشيرًا إلى أهمية هذاللقاء مع من وصفهم بـ«أصحاب المصلحة المشتركة»، للاتفاق على بعض البنود الرئيسية قبل جلسة التفاوض القادمة مع الولايات المتحدة؛ ما يعني من وجهة نظره أن الجولة السابعة للمشاورات تحظى بأولوية كبرى لدى جميع الأطراف المعنية، وربما ستشهد تقدمًا ملحوظًا.
فيما قال المتحدث الرسمي الحالي لطالبان ذبيح الله مجاهد: إن الحركة حاليًّا في مرحلة جمع المعلومات اللازمة لإقرار ما يناسبها من خطوات في المرحلة القادمة.
لقاءات سابقة
تجتهد الصين منذ فترة لخلق صيغة مناسبة تُمكنها من حل الأزمات المعقدة في محيطها الجغرافي، وبالأخص أزمة طالبان مع الحكومة الأفغانية من جانب ومع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن انسحاب القوات العسكرية، ووقف إطلاق النار من جانب آخر.
وفي إطار ذلك، استضافت بكين العديد من اللقاءات المعلنة وغير المعلنة لقيادات الجماعة؛ ففي مارس 2017 نقلت صحيفة اكسبرس تريبيون عن مصادر خاصة بها داخل طالبان أن وفدًا من الحركة ضم شهاب الدين ديلوار ويان محمد مدني وسلام حنفي وعددًا آخر من العناصر، وصل إلى الصين؛ لإجراء مباحثات مع قيادات الدولة.
وفي يوليو 2016 أكدت الوكالة الإخبارية رويترز قيام أعضاء الحركة بتشكيل وفد لزيارة الصين لبحث تفاهمات خاصة بين الطرفين.

مخاوف وطموحات.. دراسة سياسية
من الطبيعي في الأزمات العالمية أن تتدخلَ بعض الدول للحل، ولكن ما الدوافع التي تحرك الصين لتكون طرفًا متعاونًا مع طالبان، خصوصًا أن الأولى قد اعترفت في يناير 2019 بطالبان كـ«قوة سياسية» في أفغانستان.
وعن تلك الدوافع ذكرت دراسة للمعهد الأوروبي للدراسات الخارجية، أن سياسات الصين نحو المنطقة المجاورة وبالأخص أفغانستان بدأت منذ عام 2017 تأخذ منحى واضحًا نحو التعاون والتأثير، وأكدت الورقة البحثية قيام القوات الصينية بعمليات على الحدود مرجعة ذلك لمكافحة مشتركة بين الطرفين ضد جماعات الإرهاب.
فالصراع الدامي في البلاد ومشكلات الفساد تشكل أزمات كبرى على حدود الصين، ومع تصاعد دور «داعش» في المنطقة أضحى للوضع الأمني أولوية استراتيجية للحكومة الصينية داخل أفغانستان، وطبقًا للدراسة فالأمن يؤثر على استقرار حدود الصين إلى جانب مصالحها الاقتصادية المتعلقة بالأخص بمشروع الحزام والطريق.
كما أشارت الدراسة إلى دور طائفة الإيجور في تعاون الصين مع طالبان؛ إذ تخشى السلطات الصينية قيام الحركة بتوفير ملاذات آمنة لعناصر الايجور واتحادهم معًا أو تشكيل جبهة مضادة تزعزع استقرار البلاد.
«طالبان» والمناوشات الأمريكية الصينية
ومع الأخذ في الاعتبار لسياسات الصين الخارجية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية -الطرف الثاني في المفاوضات الجارية- وخصوصًا فيما يتعلق بالمناوشات الاقتصادية الأخيرة بين الدولتين، يبدو أن الصين عازمة على القيام بدور محوري في تلك القضية يخدم مصالحها بالأساس، ويوفر لها تعاونًا يمنحها اعتلاء دور القيادة بعد رحيل القوات الأمريكية إذا تم الاتفاق على ذلك.
وكانت السنوات الأخيرة قد شهدت قيام الولايات المتحدة بإرسال وفد من كبار مسؤوليها، وعلى رأسهم زلماي خليل زاد لمكتب الحركة في قطر للحوار مع قادة طالبان مرات عدة حول مفاوضات السلام بين الطرفين، والتي تشمل الاتفاق على سحب القوات العسكرية الأمريكية من البلاد بعد حرب دامت 17 عامًا، ووقف إطلاق النار في المنطقة، والحيلولة دون تحول البلاد لمنصة تستخدم للهجوم على المصالح الأمريكية، إلى جانب البند الجدلي المتعلق بإشراك الحكومة الأفغانية في المفاوضات، وهو ما ترفضه الحركة التي لا تعترف بشرعية النظام، ومن المتوقع أن تشهد المباحثات القادمة وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية، إذا تم إبرام الصفقة المعقدة منذ سنوات.