رغم تهديدات «ترامب» بجوانتانمو.. دواعش أمريكا يعودون لبلادهم في حماية الدستور
شرعت الولايات الأمريكية في إعادة مواطنيها، الذين انخرطوا في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، رغم تهديدات الرئيس دونالد ترامب لهم بإلقائهم في معتقل جوانتانمو لدى عودتهم، إلا أن- وبحسب ما نقلت صحيفة «ذا نيويوركر»- 8 أمريكيين عادوا بهدوء إلى بلدهم في الخامس من يونيو الجاري؛ حيث يُعاد توطين ودمج المرأتين وستة قُصَّر في المجتمع الأمريكي من جديد؛ لكن لم يتم الكشف عن أسمائهم، ويتم إيواؤهم في أماكن غير محددة الهوية بمساعدة من الحكومة الأمريكية.
محاكمات في الانتظار
وينتظر أربعة أمريكيين آخرين - ثلاثة رجال وامرأة - محاكمات بتهم مختلفة تتعلق بمساعدة أو تحريض أكثر الجماعات الإرهابية شهرة في العالم، فلن يكونوا آخر العائدين.
وقال مسؤول أمريكي، للصحيفة، إنه لمدة شهور بحث جهاز المخابرات الأمريكي إف بي آي، عن الأمريكيين من بين ألفي عنصر أجنبي استسلموا أو ألقي القبض عليهم في ساحة المعركة بسوريا، وقد تم تحديد هوية عشرين أمريكيًّا أو نحو ذلك، بما في ذلك الإرهابيين وكان معظمهم في السجون التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي هزمت داعش أو معسكرات الاعتقال للنساء والأطفال.
وتتمثل نية الولايات المتحدة في إعادة جميع هؤلاء الأشخاص إلى ديارهم في النهاية، وهو ما دعا ترامب إليه الدول بإعادة مواطنيها من المعتقلين إلى مواطنهم الأصلية.
تهديدات غير جادة
لكن تعامل الحكومة الأمريكية، مع العائدين من داعش تخالف كافة التهديدات التي طالما كررها ترامب، وحتى قبل توليه السلطة في 2016.
وخلال الحملة الرئاسية في عام 2016، تعهد ترامب باستخدام خليج جوانتنامو لعناصر داعش المحتجزين، وهو معسكر السجن ذاته الذي افتُتِح في كوبا لإيواء الأعداء من حرب أفغانستان، وبعدها بنحو عامين قال ترامب: «الإرهابيون الذين يقومون بأشياء مثل إلقاء القنابل على المستشفيات ليس لدينا خيار سوى القضاء عليهم. عند الضرورة، يجب أن نكون قادرين على احتجازهم واستجوابهم. لكن يجب أن نكون واضحين: الإرهابيون ليسوا مجرد مجرمين، إنهم أعداء غير قانونيين».
أما الآن، وبدلاً من ذلك، اختارت وزارة العدل محاكمة العائدين من داعش في المحاكم الأمريكية وحتى الإفراج عن بعضهم أو إعادة توطينهم، لكن العملية لا تزال في مراحلها الأولى.
«لقد التزمت الولايات المتحدة بتحمل مسؤولية مواطنيها الذين يحاولون السفر أو سافروا بالفعل لدعم داعش»، وفقًا لما قال مارك ريموندي ، المتحدث باسم وزارة العدل للصحيفة، مضيفًا: «لقد قاضينا أكثر من 100 شخص حاولوا السفر لدعم داعش ووجهوا تهم ضد العديد ممن عادوا، بما في ذلك مؤخرًا في وقت سابق من هذا العام».
الدستور يحميهم
ويقول تقرير الصحيفة: إن تقرير مصير المواطنين السابقين في داعش هو حقل ألغام قانوني وأخلاقي؛ حيث إن مصالح الأمن القومي يمكن أن تتعارض مع الحقوق الفردية، كما تثير قضاياهم أسئلة دون إجابة حول سلطة الحكومة في التمسك بسلطات وقت الحرب ضد داعش دون إذن من الكونجرس.
وتشير الصحيفة إلى أن توقيت عمليات العودة إلى أن وزارة العدل قد لا ترغب في إعادة أعضاء داعش إلى وطنهم إلى أن تتوفر لديها أدلة كافية لإدانتهم فور وصولهم، لا يمكن سجن المواطنين الأمريكيين في منازلهم إلى أجل غير مسمى دون انتهاك حقوقهم الدستورية. ومع ذلك، فإن اكتشاف ما فعله كل فرد في التنظيم يمثل تحديًّا يستغرق وقتًا طويلاً. قد يكون الشهود الرئيسيون مواطنين آخرين في داعش.
في العام الماضي، اختارت الولايات المتحدة الإفراج عن أحد أعضاء داعش المشتبه بهم بعد احتجازه دون محاكمة لمدة ثلاثة عشر شهرًا، كان تم القبض عليه من قبل القوات الديمقراطية السورية المدعومة من الولايات المتحدة في عام 2017 وتم تسليمه إلى القوات الأمريكية، واحتجز.
ولم تكشف الولايات المتحدة عن عدد الأمريكيين الذين انضموا إلى داعش، لكنها كانت صغيرة نسبيًّا، مقارنة بأعداد من روسيا أو الصين أو الحلفاء الأوروبيين أو حتى الدول التي بها عدد سكان صغير، فتونس التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة انضم أكثر من ثلاثة آلاف من مواطنيها إلى الحركة المتطرفة، وعلى سبيل المثال، حاول حوالي ثلاثمائة أمريكي السفر إلى داعش لكن تم اعتقال العشرات قبل مغادرة الشواطئ الأمريكية، وفقًا لبرنامج التطرف بجامعة جورج واشنطن.
وتعد أزمة العائدين من داعش مشكلة عالمية، ويجب على المجتمع الدولي بأسره الآن العمل على تحديد المسارات المناسبة للفئات المتأثرة؛ ويشمل ذلك حلولًا دائمة للمدنيين النازحين، وإعادة الإرهابيين الأجانب إلى وطنهم وملاحقتهم وعودة أفراد الأسرة وإعادة إدماجهم في المجتمع.
ومع ذلك، لم تسترجع الولايات المتحدة حتى الآن سوى حوالي ثلث الأمريكيين المعروفين الذين نجوا من الخلافة. لأسباب متباينة رفضت العديد من الدول الثمانين التي انضم مواطنوها لداعش.





