يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

انتخابات البرلمان الأوروبي.. اليمين المتطرف يحشد قوته التصويتية

الجمعة 10/مايو/2019 - 10:57 ص
المرجع
آية عبد العزيز
طباعة

تتأهب الأحزاب الأوروبية والقوى اليمينية والشعبوية للمشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي، والتي من المفترض أن تجرى في نهاية شهر مايو 2019، لتشكيل عدد من التحالفات والتكتلات التي تستنسد إلى التوافق حول كيفية إدارة التحديات والتهديدات التي تواجه العواصم الأوروبية، لخوض هذه الانتخابات التي ستمثل علامة فارقة في مستقبل الأمن الأوروبي، كما تعد بمثابة تصويت عابر للحدود تجاه إدارة ملف الهجرة واللجوء.


ويرصد «المرجع» أبرز تحركات تلك القوى  لتشكيل تحالفات انتخابية، وتقرير مصير الملفات الإقليمية المثارة على أجنداتهم الانتخابية التي جاء في مقدمتها مكافحة الإرهاب، والهجرة، وإصلاح منطقة اليورو، تمهيدًا لصياغة المشروع الأوروبي ذي النهج القومي والسياسات الحمائية، وهو المشروع الذي يقوده بعض قوى اليمين مثل «ماتيو سالفيني» نائب رئيس الوزراء الإيطالي وزعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف، و«فيكتور أوربان» رئيس الوزراء المجري، و«ماري لوبان» زعيمة التيار اليميني المتطرف في فرنسا.

سالفيني
سالفيني

«سالفيني» والحشد الانتخابي


يسعى «سالفيني» إلى حشد وتعبئة أكبر عدد ممكن من الناخبين، للاستعداد للتنافس الانتخابي من خلال توظيف التهديدات التي تواجهها أوروبا كبداية لتحقيق مكاسبه انتخابية، جاءت آخرها عندما أعلن أن فوز الأحزاب القومية هو الملاذ الآمن لحماية أوروبا من أن تصبح «خلافة إسلامية»، إبان زيارته للعاصمة المجرية "بودابست"، لإجراء مباحثات مع «فيكتور أروبان» زعيم حزب "فيدس" اليميني المحافظ ورئيس الوزراء المجري تتعلق بالانتخابات المقبلة التي ستنعقد خلال الفترة من 23 إلى 26 مايو 2019.


وأكد "أوربان" ضرورة التحالف مع كتلة "سالفيني" في سياق حزب «الشعب الأوروبي»، الذي يضم بعض التكتلات اليمينية، واليمينية الوسط، بجانب عدد كبير من مسيحيي ألمانيا، وذلك بعد تعليق عضوية حزب "فيدس" في مارس 2018 نتيجة انتهاجه عددًا من السياسات المُعادية للنهج الأوروبي، التي تجسدت في مناهضة سياسة الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بملف الهجرة، وقيادة "أوربان" لحملة مضادة مستهدفًا فيها "جان كلود بونكر" رئيس المفوضية الأوروبية. على الجانب الآخر؛ رفضت "إنجيلا ميركل" المستشارة الألمانية انضمام حزب الشعب الأوروبي، للتحالف اليميني. (1)

أبوبكر البغدادى
أبوبكر البغدادى

توقيت الإعلان

تزامن إعلان "سالفيني" مع ظهور "أبو بكر البغدادي" زعيم تنظيم "داعش"، لأول مرة منذ يوليو 2014، خلال فيديو مصور 29 أبريل 2019،  محاولًا (أي البغدادي) تجديد روح المقاومة لدى أتباعه وأنصاره، ودفعهم لتجديد ولائهم مرة ثانية، مؤكدًا أنهم سيثأرون للهزائم التي تعرض لها التنظيم خلال السنوات الماضية.  موضحًا أن تفجيرات سريلانكا التي راح ضحيتها ما يزيد على 250 قتيلًا ونحو 500 جريح كانت ردًا على هزيمة الباغوز العسكرية.


وتوعد البغدادي بمزيد من العمليات الإرهابية التي ستمثل حلقة استنزاف جديدة للعدو،  ومرحبًا بـ "بيعة" الإرهابيين الجدد الذين انضموا تحت لواء التنظيم من "بوركينا فاسو ومالي وخراسان"، معلنًا مباركته لالتحاقهم بنهج التنظيم، علاوة على حثهم على "تكثيف ضرباتهم ضد فرنسا وحلفائها". (2)

انتخابات البرلمان

أهمية انتخابات البرلمان الأوروبي 


تستعد أكبر مؤسسة ديمقراطية عابرة للجنسيات والحدود لخوض انتخاباتها؛ حيث تسهم في تشريع مجموعة من القوانين المتعلقة بالسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، والزراعة، ومصايد الأسماك، والطاقة، والبيئة، وحماية البيانات، والهجرة، وعشرات مجالات السياسة الأخرى. لما يقرب من 512 مليون مواطن داخل دول الاتحاد الأوروبي، ويبلغ عدد الأعضاء 751 عضوًا يشكلون البرلمان الأوروبي، وتمتد المدة الانتخابية خمس سنوات.


ويذكر أن البرلمان الأوروبي لا يملك أي دور تشريعي بشأن العديد من القضايا التي تهم الناخبين، مثل: الخدمات الصحية والمدارس والسكن، في المناطق التي لا يتمتع فيها البرلمان بسلطة تشريعية. وقد بلغ عدد القرارات التي أصدرها أعضاء البرلمان الأوروبي منذ 2014 ما يقرب من 438 قرارًا، تمثلت بعضها في الدعوات إلى الحد من مبيعات الأسلحة إلى عدد من دول المنطقة العربية، علاوة على مناشدته التصدي للعنصرية في جميع أنحاء القارة.


إلا أن هذا البرلمان أسهم في تمرير 1100 قانون من قوانين الاتحاد الأوروبي، مثل فرض حظر على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وتنظيم حماية البيانات ذات النطاق العالمي، وتحديد سعر مكالمات الهاتف المحمول داخل الاتحاد الأوروبي، وتجديد الحدود الأوروبية وخفر السواحل.


لذا ولأول مرة منذ عام 1979، أصبح الحراك الانتخابي ذا أهمية كبرى ولذلك لأنه يُمثل نقطة تحول جيواستراتيجية للسيطرة على الأجندة الأوروبية. وهو ما برهن عليه الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" إن الانتخابات ستكون حاسمة في أشد اللحظات خطورة بالنسبة لأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية لأنها تشهد حالة من الاستقطاب الحاد بين القوى الأوروبية نتيجة عدم توافقها حول إدارة الملفات الداخلية، وصعود القوى اليمنية والشعبوية إلى السلطة مُتبنية خطابًا حمائيًّا قوميًّا.  وهو ما تجلى بشكل كبير في سياسات رئيس وزراء المجر الذي يرى أن انتخابات البرلمان الأوروبي تعد فرصة لتعزيز قيمه التي تستند إلى "ديمقراطيته غير الليبرالية". (3)


وهو ما سينعكس على عملية صنع واتخاذ القرار الداخلي؛ حيث لا يمكن لأعضاء البرلمان الأوروبي فرض جدول الأعمال عندما تنقسم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي -وهذه حقيقة واضحة في المأزق الطويل بشأن إصلاح اللجوء في الاتحاد الأوروبي.


ختامًا؛ تسعى القوى اليمينية والشعبوية في توظيف كل الملفات وإثارتها إبان الحشد الانتخابي لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب وذلك نتيجة الدور البارز الذي سيلعبه البرلمان الأوروبي في تشكيل ملامح السنوات الخمس المقبلة للاتحاد الأوروبي.

 

في سياق النمو الاقتصادي المتعثر والبنوك المثقلة بالديون، وتنامي موجات الهجرة وبروز الصين وتحول الإدارة الأمريكية عن الدول الأوروبية، بجانب السياسة الداخلية التي تواجهها العواصم الأوروبية، وخروج مجموعة من المتظاهرين للاحتجاج عليها خاصة في فرنسا، فضلاً عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.


ومن المتوقع أن نشهد تراجعًا كبيرًا لبعض أحزاب يمين الوسط، ويسار الوسط، مقابل صعود الشعوبيين المناهضين للاتحاد الأوروبي في الحصول على عدد أكبر من المقاعد، ولكنهم لن يتمكنوا من الحصول على المناصب القيادية في البرلمان.

الهوامش:

1. حسن رفاعي، "سالفيني يدعو إلى التصويت لصالح القوميين لقطع الطريق أمام "الخلافة" في أوروبا"، أخبار أوروبا، 3/5/2019.https://arabic.euronews.com/2019/05/03/salveni-calls-for-voting-in-favor-of-nationalists-to-block-the-caliphate-in-europe

2. "في فيديو جديد.. أول ظهور لـ "البغدادي" منذ 5 سنوات، وكالة الأناضول، 29/4/2019. http://cutt.us/nTSjv

3.       Jennifer Rankin, “What is the European parliament and do the elections matter?”, The Guardian, 6/5/2019. https://www.theguardian.com/world/2019/may/06/what-is-the-european-parliament-and-do-the-elections-matter
"