رغم المصالح المشتركة.. شد وجذب بين الصين وتركيا بسبب «الإيغور»
تشكل العلاقات التركية الصينية أهمية مشتركة للطرفين، وبلغ التنسيق بين البلدين إلى تشابه الموقف المضطرب تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، فبكين فرضت تعريفات جمركية بهدف الحد من الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.
وعلى الجانب الآخر تعاني تركيا من علاقات
مضطربة أيضًا مع الولايات المتحدة وأروربا على خلفية أوضاع حقوق الإنسان والتقارب مع
روسيا وشراء منظومة اس 400. ولعل تصريح وزير الخارجية التركية الأخير أن الولايات المتحدة
إذا رفضت بيع طائرات إف 35 لتركيا فإن تركيا سوف تغطي احتياجاتها من مكان آخر حتى تنتهي
من تصنيع مقاتلاتها بنفسها.
ويُعد هذا التصريح تلميحًا واضحًا في لجوء تركيا إلى روسيا من أجل شراء طائرات
السوخوي. ولعل قضية الدعم الأمريكي للنظمات الكردية المسلحة في سوريا التي تعتبرها
أنقرة ارهابية نقطة خلافية أخرى.
كما أن الصين تتعمد تخفيض قيمة عملتها
أمام الدولار من أجل زيادة الصادرات الصينية. بالمقابل من ذلك.
ورغم الإشكاليات التي تعاني منها البلدان
مع الولايات المتحدة، فإن هناك عددًا من القضايا الشائكة التي تقف حائلًا أمام تطور
العلاقات بين الطرفين. أبرزها «قضية الإيغور» في إقليم تركستان الشرقية،
ذات القومية التركية. تنتهج الصين سياسة عنيف ضد الإيغور بهدف القضاء على الإرهاب وفق
ادعاءاتها؛ لكن أنقرة ترفض هذا الأمر وتعتبره انتهاكًا صارخًا للحريات الدينية والمدنية.
والأدهي من ذلك أن أنقرة تعتبر دفاعها عن الإيغور قضية قومية في المقام الأول. علاوة
على ذلك، سعت كل الحكومات التركية منذ حرب الاستقلال في 1922 إلى توثيق العلاقات مع
القومية الإيغورية، وبعد أن نجح الإيغور في تكوين دولة مستقلة لهم في الأربعينيات من
القرن الماضي، حظيت هذه الدولة بدعم تركي غير مسبوق قبل أن تعيد الصين سيطرتها على
الإقليم من جديد. في الخمسينيات والستينيات، عمدت تركيا إلى استضافة الكثير من قومية
الإيغور الراغبين في اللجوء إليها هربًا من الأوضاع في إقليم تركستان.
مؤخرًا، عادت الخلافات للظهور مرة أخرى
بين أنقرة وبكين بهذا ما تطلق عليه أنقرة «معسكرات الاعتقال التميزية» ضد
السكان الأصليين للإقليم الغني بالنفط والغاز والطبيعي، وتستقوي أنقرة في نقدها للصين
بالإحصاءات والبيانات التي تصدر عن الأمم المتحدة التي ادانت سياسات الصين واعتبرتها
قمعية للحرية الدينية. وفقًا لهذا الأمر يمكننا حصر مستقبل العلاقات التركية الصينية
في ضوء عدد من المحاور على النحو التالي، وفقًا للقضايا العلاقة بين الطرفين.
تصاعد الخلاف بين الطرفين: وفقًا لهذا السيناريو، فإن الخلافات بين الطرفين
سوف تزداد سوف تقدم أنقرة دعمًا دبلوماسيًّا للإيغور داخل تركستان، وداخل المجتمعات التي
تكونت من الإيغور في الدول المجاورة للإقليم، مع العلم أن هذه المجتمعات قد تكونت من
الفارين. في هذه الحالة، من المتوقع أن تتضرر العلااقت الاقصادية بين الطرفين، وهو
الأمر الذي سوف يود بالضرر على الحزب الحاكم في تركيا، خاصة أن الاقتصاد التركي في
حاجة لجذب اللاستثمارات الصينية.
- احتواء الخلاف: ويقصد من ذلك ألا يخرج الخلاف بين الطفين بعيدًا عن التصريحات
الدبلوماسية لحفظ ماء الوجه، فالصين تدرك أن من حق تركيا أن دافع عن الإيغور، لكن الجهود
الدبلوماسية، وحاجة البلدبن لبعضهم قد تدفعهم إلى مجرد الاكتفاء بالتصريحات دون ترجمه
ذلك إلى أية أفعال على أرض الواقع.
- تحييد الوضع الاقتصادي عن الخلاف: ويقصد من هذا الأمر أن الخلاف بين الطرفين
قد يتصاعد وقد تلجأ تركيا إلى الأمم المتحدة من أجل إصدار قرار يطالب الصين باحترام
الحقوق الدينية للإيغور، على أن يتفق الطرفان على تنمية علاقاتهم الاقتصادية بعيدًا
عن الخلاف اياسي. ويمكننا أن نستدل على إمكانية تحقيق ذلك بالتحالف التركي الإيراني
رغم الخلاف السياسي القوي بين البلدين في عدد من الملفات الإقليمية.





