يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«إخوان ماليزيا».. اللعب على أحبال المعارضة وأوتار النظام طمعًا في السلطة

الإثنين 07/مايو/2018 - 11:06 ص
 الحزب الإسلامي الماليزي
الحزب الإسلامي الماليزي
أحمد لملوم
طباعة
تتميز ماليزيا بتركيبتها السكانية المتنوعة، وتُمثل عرقية الملايو المسلمة نسبة 60 في المائة من عدد السكان البالغ عددهم 31 مليون نسمة، وتسعى الأحزاب السياسية الماليزية؛ لكسب تأييد الملايو باعتبارهم يمثلون أغلبية السكان، لاسيما الحزب الإسلامي الماليزي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في ماليزيا.
«إخوان ماليزيا»..
تأسيس الحزب
تعود بدايات تأسيس الحزب الإسلامي إلى خمسينيات القرن العشرين، عندما انسحب برهان الدين الحلبي مع أعضاء آخرين من منظمة اتحاد الملايو القومية، الجبهة الوطنية الماليزية التي قادت مساعي الاستقلال من الاحتلال البريطاني، وتأسس الحزب الديني وفقًا لأفكار حسن البنا، زعيم ومؤسس الجماعة الإرهابية، عام 1956.

حيث سعى برهان الدين الحلبي إلى إيجاد قاعدة شعبية للحزب، من خلال خطابات تلعب على وتر الدين والعرق، وركز الحزب على مخاطبة الملايو؛ خاصة في المناطق الريفية شمال البلاد، وحقق الحزب نجاحه السياسي الأول في الانتخابات التي شهدتها ماليزيا بعد الاستقلال عام 1959، واستطاع الحزب الفوز بـ13 مقعدًا من أصل 222 مقعدًا، إضافة إلى فوز عضوين من الجماعة في انتخابات الرئاسة بولاية ترغكانو وكيلانتان.
إلا أنه مع مهاجمة حزب الإخوان لحكومة الزعيم الماليزي ورئيس الوزراء بعد الاستقلال، تونكو عبدالرحمن، لسعيه نحو الحصول على مساعدات من دول أوروبية لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، ومحاكمة رئيس الحزب، برهان الدين الحلبي، بعد كشف تحقيقات قامت بها السلطات الماليزية عن تعاونه مع الحكومة الإندونيسية، تناقص عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب في الانتخابات البرلمانية فيما بعد لتصل إلى ثمانية مقاعد فقط.

براجماتية سياسية
يتمتع قادة حزب الإخوان في ماليزيا -كبقية فروع الجماعة حول العالم- بمرونة ظرفية وبراجماتية سياسية تمكنهما من التحول في مواقفهم السياسية لتحقيق أهدافهم، فقد انضم الإخوان لائتلاف المعارضة والائتلاف الحاكم، وانفصلوا عنهما وفقًا لما تقتضي مصلحة الجماعة والظرف السياسي الذي يتطلب الانضمام لهذا والانفصال عن ذاك.

وخلال تولي آسري مودا قيادة الحزب بعد وفاة برهان الدين، قام بتوطيد العلاقات والتعاون السياسي مع أحزاب المعارضة من التيار اليساري، وفي عام 1972، قام بالانضمام للائتلاف الحاكم «ائتلاف باريسان الوطني»؛ ليتحول من حزب في المعارضة إلى حزب عضو في الائتلاف، الذي يحكم ماليزيا منذ الاستقلال.

واستطاع الحزب حصد 14 مقعدًا ضمن ائتلاف باريسان الوطني في انتخابات 1974، إلا أن خلافًا قويًّا عصف بالعلاقات بين الحزب وبقية أعضاء ائتلاف باريسان الوطني، نتج عنه خسارة مدوية للحزب في انتخابات عام 1978، عندما فاز الإخوان بخمسة مقاعد برلمانية فقط.

نجيب عبدالرزاق
نجيب عبدالرزاق
جبهة العلماء
وتسببت أزمة انتخابات عام 1978، في حالة من الغضب وتوجيه الانتقادات من أعضاء الحزب لكيفية إدارة الأمور به، ومع فشل السيطرة على الخلافات، صعد نفوذ جبهة جديدة داخل الحزب سُمِّيت بجبهة «العلماء»، والتي تُسيطر على قيادة الحزب منذ عام 1982.
واستلهم قادة هذه الجبهة إحياء فكرة إنشاء دولة إسلامية بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، واتخذ القادة الجدد مسلكًا أكثر تحفظًا في الملابس والتصرفات التي يتبعها أعضاء الحزب، ووصفوا الائتلاف الحاكم بأنه «حزب الشيطان».
وكانت النزاعات التي يخوضها الحزب حينئد تُثير حالة من الجدل والانقسام في المجتمع الماليزي، وانعكس هذا التأثير في الخسارة الفادحة التي مُني بها الإخوان في انتخابات عام 1986؛ إذ لم يحصل الحزب إلا على مقعد برلماني واحد فقط.
وأنقذ تولي فاضل محمد نور لقيادة الحزب عام 1989 الإخوان وحافظ على بقاء الحزب، فقد عمل على تحديث أفكار الحزب لجعلها أكثر جاذبية للجمهور، مع الاحتفاظ بجذور الفكر المتشدد والسعي لتطبيق الشريعة الإسلامية، كما يراه أعضاء الحزب، وحكمت هذه الاستراتيجية تحركات الإخوان في ماليزيا منذ ذلك الوقت، وحتى الآن. 

تكسير عظام المعارضة
يخوض حزب الإخوان الانتخابات المقبلة في ماليزيا منفردًا، التي من المقرر عقدها الأربعاء المقبل 9 مايو 2018، وكان الحزب قد خاض انتخابات عام 2013 ضمن ائتلاف المعارضة، وحصد حينها 21 مقعدًا في البرلمان الماليزي، لكنهم انسحبوا من التحالف مع المعارضة عام 2015.
ويسعى الإخوان للحصول على 40 مقعدًا في الانتخابات المقبلة، ويرى محللون أنه هدف طموح، لكن من الصعب تحقيقه، خاصة مع وجود السياسي الماليزي المخضرم، مهاتير محمد، على رأس قائمة المعارضة، الذي أقنعته المعارضة بالعودة للحياة السياسية؛ أملًا في الإطاحة برئيس الوزراء الحالي، نجيب عبدالرزاق، الذي يُواجه اتهامات بالفساد وانتقادات لفشل حكومته في احتواء أزمة الغلاء التي تعصف بالبلاد.
لكن خوض الإخوان للانتخابات بعيدًا عن ائتلاف المعارضة، يدعم فرص عبدالرزاق في الانتخابات؛ إذ يتسبب في تشتيت أصوات المعارضين للحكومة الحالية، ويسهل مهمة عبدالرزاق في الفوز على مهاتير محمد وبقائه في الحكم لفترة ثالثة.
"