ad a b
ad ad ad

«هذا ما جناه أبي».. أطفال الدواعش براءة اغتالها «ذئاب الإرهاب»

الثلاثاء 12/مارس/2019 - 10:02 م
المرجع
أسماء البتاكوشي - نهلة عبدالمنعم
طباعة

ينعم الأطفال بروح البراءة ويمتازون بجاذبية التقبل السريع لدى الآخرين، إلا أن أطفال «داعش» يفتقرون بشدة لهذه الجاذبية، فمع اقتراب نهاية التنظيم وتحطيم خلافته المزعومة في الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، احتشد الصغار مع ذويهم أو فُرادى بداخل مخيمات فى أوضاع مأساوية ينتظرون مصيرهم المجهول.

وفقًا لصحيفة «جارديان» البريطانية يوجد حوالي 3 آلاف طفل رضيع يقيمون بالمخيمات السورية، التي تفتقر إلى أبسط متطلبات الحياة؛ مؤكدة أن المخيمات تكتظ بالوافدين الجدد بأعداد أكبر بكثير من المتوقع، مع انطلاق عملية استعادة «الباغوز» في دير الزور السورية، آخر معاقل التنظيم؛ إذ تشير التقديرات إلى نقل نحو 25 ألف شخص للمخيمات خلال الأسابيع الثلاثة الماضية فقط، بينهم مئات من الأطفال وكثير من حديثي الولادة والنساء الحوامل، لافتة إلى تجاهل العالم إلى الحالة المأساوية التي يعيشها هؤلاء الأطفال.
«هذا ما جناه أبي»..

مخيمات العذاب

تسرد «الجارديان» تفاصيل عن أوضاع أطفال «داعش» في المخيمات، مشيرة إلى أن المخيمات غمرتها مياه الأمطار، ولم يكن هناك أي مأوى للرضَّع على وجه الخصوص، في ظلِّ شتاء شديد القسوة؛ حيث تنخفض درجات الحرارة ليلًا إلى ما دون درجة التجمد، وغالبًا ما تتم تدفئة الخيام بواسطة حرق الأخشاب؛ وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على حياة وصحة الأطفال.


وتابعت الصحيفة أن شميمة بيجوم، البريطانية التي كانت ضمن صفوف «داعش»، نُقلت من مخيم «الحول» إلى مخيم «روج» بعد فترة وجيزة من ولادتها، وهناك توفي طفلها الجريح ودُفن إلى جانب طفلين آخرين احترقا؛ بسبب حريق نشب في خيمتهم.


ومات ما لا يقل عن 100 طفل آخرين داخل المخيمات، وأغلب حالات الوفاة تلك كانت؛ بسبب سوء التغذية وانخفاض درجات الحرارة، في حين وصل نحو 240 طفلًا آخرين دون أن يكون معهم أحد الوالدين، بحسب لجنة الإنقاذ الدولية.

وأفادت «الجارديان» أن أطفال مخيمي الروج والحول يعتبران من أضعف الأطفال حول العالم وهم معرضون للموت، مشيرة إلى أن لهم حقوقًا مبدئية، منها إعادتهم إلى مواطن آبائهم، وعدم تحميلهم الأعباء القانونية؛ حيث تتضاعف محنتهم من خلال نظر الحكومات إلى آبائهم، ومنها على سبيل المثال البريطانية «بيجوم» التي تنصلت الحكومة البريطانية من قيمها ونزعت جنسيتها.

«هذا ما جناه أبي»..

أعداد صادمة


ووصل عدد أطفال الدواعش في سوريا إلى ما يزيد عن 2500 طفل، موزعون على مناطق سيطرة الأكراد في الشمال، أو في مناطق وجود قوات النظام، أو لا يزالون مع عائلاتهم في البادية بجيوب مسلحي «داعش»، ومعرضون للموت في أي لحظة، بحسب تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان، كما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أكثر من 1200 طفل انتموا إلى ما بات يعرف بـ«أشبال الخلافة» خلال عام 2015.


وفي الموصل، بلغ عددهم نحو 900 طفل، وكانت مصادر التنظيم قد تفاخرت بتجنيد 4500 طفل خلال عام في نينوى وحدها، التي استعادها الجيش العراقي بدعم من التحالف الدولي في 2017، وتحتجز الفصائل الكردية ما يقرب من 800 امرأة بعضهن مع أطفالهن.


وألقى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن باللوم على المجتمع الدولي الذي يغض الطرف عن هؤلاء الأطفال، رغم كونهم في حاجة إلى تأهيل نفسي كبير، وحتى الآن لا توجد مساعٍ دولية حقيقية لاحتواء هذه الأزمة، فبحسب لقاء أجرته صحيفة «دي فيلت» الألمانية مع مدير البرامج الخاص بمتابعة الإرهاب في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، فإن الموقوفات وأطفالهن يعانين ظروفًا إنسانية سيئة، وأعربت العديدات منهن عن الأمل في العودة إلى دولهن أو إرسال أبنائهن على الأقل.

«هذا ما جناه أبي»..

رفض وقبول

علاوة على العذاب الذي يختبره أطفال "داعش" في المخيمات، فهم يواجهون أيضًا إشكالية الرفض من دولهم الأصلية فعناصر "داعش" الأجنبية التي سافرت للإنضمام للتنظيم، لديها حاليًا عدد ضخم من الأطفال المشردين في سوريا والعراق، ومع انهيار التنظيم الإرهابي بدأت عملية استعادة هؤلاء الأطفال تمثل جدلية كبيرة بالنسبة لبعض الدول.

فعلى سبيل المثال كانت روسيا من أوائل الدول التي سمحت باستقبال أطفال داعش في موطنهم ففي فبراير 2019 أعلنت الدولة عن وصول 27 طفلاً من العراق، وفي ديسمبر 2018 قبلت الدولة عودة 30 طفلًا روسيًّا من سجون العراق إلى أراضيها، وفي يوليو 2018 تسلمت الدولة المصرية 12 طفلًا من أطفال الدواعش المحتجزين في ليبيا، فيما استقبلت السودان أيضًا 5 أطفال من السجون الليبية في أغسطس 2017، وفي أبريل 2018 تسلمت من ليبيا دفعة أخرى.

لكن بقيت بعض الدول الأخرى ومنها المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وغيرهم من دول الغرب متحفظين بعض الشئ بشأن عودة الأطفال، صحيح أنهم يطلقون تصريحات مرنة في هذا الشأن ولكن دون خطوات منهجية محددة وحقيقية على أرض الواقع.

للمزيد حول جدلية الرفض والقبول لأطفال داعش.. اضغط هنا

«هذا ما جناه أبي»..

آثار سلبية

من الطبيعي أن يؤثر العنف بضراوة في نفوس من يتعرض له، ولكن يكون التأثير أشد عندما يتعرض له الأطفال، وفي هذا الصدد ذكرت دراسة للمعهد الأمريكي للسلام أن 80% من تعداد «داعش» هو من الأطفال، وأن التنظيمات المتطرفة تجند الأطفال لعدة أسباب منها القدرة المحدودة على تقييم المخاطر، سهولة الانقياد والتكلفة الأقل وهم أكثر مرونة وقابلية للتكيف.

وقالت الدراسة: إن من شأن ذلك أن يعرض الأطفال لصدمات شديدة تؤثر على نموهم وصحتهم العقلية ويحرمهم من التنشئة الطبيعية والصحية ويضعف من نسب اندماجه في المجتمع كعضو فعال، ومن ثم يصاب بالعزلة الاجتماعية وصعوبات في التفاعل الاجتماعي، ولذلك أوصت الورقة البحثية بضرورة علاج الأطفال عقليًّا ونفسيًّا قبل دمجهم في المجتمع، كما أن هؤلاء الأطفال يواجهون الوحدة والانفصال عن الأهل سواء لأن أحد ذويهم قتل في المعارك أو لعدم اللقاء بهم فيعيشون بقدر من التشويه النفسي.
"