استفتاء مورو.. تقسيم الفلبين بمباركة تركيا وطمع الإسلامويين
بعد سنوات من الصراع يصطف مواطنو «مينداناو»
في جنوب الفلبين، اليوم الإثنين للتصويت على قانون يمنح مسلمي الجنوب أو ما يُعرف
بـ«مسلمي مورو» الحق في تأسيس مقاطعتهم الخاصة «بانجسامورو»، والتمتع بحكم ذاتي
وفرض القوانين الشرعية الخاصة بهم.
ووفقًا للبيان الرسمي الذي أصدرته لجنة الانتخابات العليا في الفلبين، يبلغ عدد الناخبين المسجلين لحضور الاستفتاء أكثر من 2 مليون ناخب من المقيمين في جنوب البلاد، كما أن الاستفتاء سيجرى على مرحلتين، يشهد اليوم أولاهما، والثانية في 6 فبراير 2019.
فيما يُعد الاستفتاء خطوة تنفيذية لتحقيق بنود القانون الذي أقره البرلمان الفلبيني في يوليو 2018، ويشمل منح مسلمي مورو الحق في التمتع بالحكم الذاتي، وتشكيل حكومة مستقلة، وإنشاء المحاكم الخاصة بهم، وتطبيق بنود الشريعة الإسلامية في النطاق الجغرافي المحدد لدولتهم المحتملة، وذلك تمهيدًا لإنهاء حالة الاحتراب الطائفي والداخلي في البلاد، وتفويت الفرصة على الجماعات المتطرفة لاستغلال الموقف.
مورو والجنوب
و«مورو» هو لفظ يطلق على مسلمي الجنوب الفلبيني، تلك المنطقة التي اشتهرت بالصراعات والقتال من أجل تكوين دولة مسلمة تتمتع باستقلاليتها، وتتزعم النضال الطائفي جبهة تحرير مورو الإسلامية، وهو كيان تأسس في الثمانينيات من أجل تكوين تلك الدولة المستقلة التي بات حلمها على الأعتاب.
ويتزعم الجبهة حاليًّا مراد إبراهيم خلفًا لمؤسسها الراحل «سلامات هاشم»، وقد بدأت الجبهة خطوات التوافق مع السلطة الحاكمة منذ 2014 بموجب اتفاق تم بين الطرفين يقضي بوقف الصراع واتخاذ خطوات جادة للانفصال.
الطائفية والانفصال
تتجه بعض الأطروحات السياسية نحو الاعتقاد بأن «بانجسامورو» المستقلة ستُشكل حائط صد منيعًا ضد انتشار الإرهاب والتطرف في المنطقة.
ففي عام 1991، شهد الجنوب انتشار جماعة «أبوسياف» الإرهابية، والتي انضوت فيما بعد تحت لواء «داعش»، وفي 2015 أعلنت سيطرتها على مدينة ماراوي بعد فرض الحصار عليها، معلنة إقامة إمارة داعشية في البلاد، ما دفع الجيش للدخول في معارك طويلة مع عناصر الجماعة لتفكيك الحصار على المدينة.
للمزيد حول جماعة أبوسياف.. اضغط هنا
ويربط البعض بين تلك الوقائع واتجاه الحكومة الفلبينية، وفي مقدمتها الرئيس الحالي «رودريجو دوتيرتيه» نحو تسوية الأوضاع في المنطقة وإعطاء مسلميها الحكم الذاتي الذي سعوا له طويلًا، اعتقادًا منهم بأن ذلك سيضعف معطيات المشهد الإرهابي هناك.
ولكن عند بحث القضية من منظور آخر ، سنكتشف دور أنقرة في التخطيط للانفصال، فعلى لسان رئيس جبهة تحرير مورور، مراد إبراهيم تم توجيه الشكر إلى الدولة التركية ورئيسها لخطواتهم الفعالة في إتمام موافقة البرلمان على القانون المستفتى عليه اليوم.
وفي مطلع أغسطس 2018، أي بعد شهر من إقرار القانون، أرسل إبراهيم بيانًا للرئيس التركي يطالبه بالاستمرار في تقديم الدعم لمواطني مورو، ومساندتهم بعد إعلانهم دولة مستقلة.
وبناءً على ذلك، يُعتقد بأن الانفصال ربما سيكون صفحة أولى في التاريخ الجديد للطائفية في المنطقة، وخاصة أن جماعة أبو سياف هو تنظيم ولد بالأساس من رحم جبهة تحرير مورو التي تستقي بعضًا من أفكارها من أدبيات الإخوان، ويتضح ذلك في الدعم الذي تقدمه تركيا.
«فالسياسة لا تحمل الصداقات»، ما يعني أن تدخل تركيا في الأوضاع السائدة ينطوي على مصالح خاصة ستظهر في المستقبل بالتأكيد.
أما المتغير الآخر الذي يدعم فرضية الطائفية المستقبلية هو المعطيات التاريخية لتلك الدول التي بدأت على أسس عنصرية، وفي باكستان والهند أسوة متشددة. (للمزيد حول دور التقسيم الطائفي على باكستان.. اضغط هنا)





