ad a b
ad ad ad

«المثلث المرتبك».. تكهنات حول إدراج فنزويلا على لائحة الدول الراعية للإرهاب

الثلاثاء 20/نوفمبر/2018 - 08:56 م
الرئيس دونالد ترامب
الرئيس دونالد ترامب
نهلة عبدالمنعم
طباعة

انشغلت الصحف الأمريكية، اليوم الثلاثاء 20 نوفمبر 2018 بالحديث عن التكهنات والأطروحات المتعلقة باحتمالية قيام إدارة الرئيس دونالد ترامب بإضافة فنزويلا إلى القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وذلك في رد ساخن على علاقتها بطهران وميليشياتها المُسلحة وعصابات المخدرات والسلاح بأمريكا اللاتينية.


واتجه المشرعون المنتمون للتيار الجمهوري بقيادة نائب ولاية فلوريدا، السيناتور ماركو روبيو نحو حتمية تعيين فنزويلا كدولة راعية للإرهاب ويوافقه في هذا الاتجاه الكثير من صناع القرار؛ وذلك بسبب العلاقات المشبوهة للدولة مع جماعة حزب الله اللبنانية التي تعتبر الميليشيا المسلحة لإيران، إضافة إلى علاقتها مع القوات المسلحة الثورية بكولومبيا والمعروفة اختصارًا بـ«فارك».


وفي حين تنشغل الصحف بعلاقات فنزويلا بطهران وبحزب الله، رفض المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على القرار المنتظر، واصفًا المداولات بشأنه بأنها لا تزال «احتمالية مطروحة».

«المثلث المرتبك»..

ماذا لو؟


يبقى السؤال الأهم في هذه الإشكالية المحتملة مرتبطًا بماهية تلك القائمة الأمريكية وطبيعة الأوضاع التي سيخلفها هذا القرار، إذ تنضوي القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب على مجموعة من العقوبات يتم فرضها على الدول، التي تعتقد وزارة الخارجية بأنها تقدم دعمًا للإرهاب بشكل متكرر.


فإذا وضعت فنزويلا بالفعل على هذه القائمة ستعاقب من خلال فرض قيود على بيع الأسلحة ومعدات الدفاع لحكومتها –تحسبًا لاستخدامها في دعم الجماعات المتطرفة أو قمع الشعوب- إضافة إلى وضع ضوابط على صادرات الدولة، وحظر المساعدات الأمريكية لها، والمزيد من القيود المالية والمصرفية فيما يشبه مقدمات للحصار الاقتصادي، قد يعرض الدولة لمزيد من الانهيار النقدي بالأخص وسط ما تعانيه أساسًا من تضخم وبطالة وفقر شكلا متغيرات طاردة للمواطنين نحو حدود البلدان المجاورة.


مقدمات محركة


لم تكن هذه الأطروحات وليدة اللحظة الحالية ولكن الجدال بشأنها محتدم منذ فترة طويلة في الأوساط الأمريكية، فالتقرير الرسمي للولايات المتحدة حول مكافحة الإرهاب والصادر في مايو 2016 اتهم فنزويلا بشكل واضح وصريح بأنها تشكل بيئة رخوة تسمح للجماعات الإرهابية بالتنامي.


كما أكد التقرير أن الحكومة لا تتعاون ولا تبذل الجهد الكافي لمكافحة الإرهاب، وأن أنصار حزب الله يرتعون في البلاد بحرية مطلقة، إضافة إلى أن الجماعات الإرهابية المسلحة بدول أمريكا اللاتينية تمتلك مندوبين مشبوهين ينطلقون في أراضي فنزويلا مثل القوات المسلحة الثورية في كولومبيا، وجيش التحرير الوطني وغيرهم.


علاوة على ذلك، فقد سبق واتهمت الحكومة الأمريكية في 2017 عددًا من المسؤولين الرسميين في الدولة وصل عددهم إلى 40 شخصًا بتهم تتعلق بنفس الإطار الداعم للإرهاب، وعلى الرغم من ذلك لم تتخذ الحكومة أي إجراءات رسمية ضدهم أو حتى فتح تحقيقات يكشف صحة أو كذب الادعاءات الأمريكية.


فيما ترفض الدولة بشكل مستمر أغلب الطلبات الخارجية التي تقدمها الدول الأخرى لتسليم مجرمين هاربين لديها، إذ لم ترد فنزويلا بعد على طلب إسبانيا الذي قدمته في 2015 لتسليم غوسيه إغناسيو دي خوانا تشاوس العضو في منظمة إيتا الذي هرب من البلاد في 2010.


ومن التهم الأخرى التي تلاحق فنزويلا عدم تمكنها وضعف إجراءاتها المقررة لحماية المطارات والموانئ ما يتم استغلاله في تهريب المخدرات والسلاح والعناصر الإرهابية.

«المثلث المرتبك»..
جالب التعاسة

وطالما كانت إيران السبب الرئيسي والمحرك الدافع للإدارة الأمريكية نحو اعتبار فنزويلا وكيل طهران بالمنطقة، وذلك بالتوازي مع العقوبات الأخرى التي أعلن الاتحاد الأوروبي في أوائل نوفمبر 2018 تمديدها ضد مسؤولي الدولة المتهمين بالإرهاب والفساد.


فالعلاقة بين طهران وكاراكاس شهدت اتساعًا كبيرًا على مستوى قادة الدول وبالأخص في عهد الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز (1954-2013 )، الذي وثق علاقاته بنظام الملالي، والتقى عدة مرات بنظيره السابق أحمدي نجاد، كما أن العلاقة بينهم تتسق مع الأيدلوجية المعادية لواشنطن التي تبناه النظامان.


ولا يزال الرئيس الحالي لفنزويلا نيكولاس مادورو الذي شغل المنصب منذ 2013 يتبع نفس المنهجية التي تتبعها سلفه، حتى إنه قد اتهم الولايات المتحدة بشكل واضح بتدبير محاولة اغتياله، التي وقعت في مطلع أغسطس 2018 أثناء العرض العسكري الرسمي للدولة، من خلال انفجار طائرة بدون طيار «Drone».

للمزيد: بعد محاولة اغتيال «مادورو» بـ«الدرون».. هل أضحت فنزويلا هدفًا للإرهاب؟

كما أن العلاقة بين بلاد طهران وكاراكاس تشمل أيضًا استثمارًا اقتصاديًّا واسعًا وبالأخص في مجالات النفط والتبادل التجاري والبتروكيماويات والمجالات الزراعية والقطاعات المصرفية ففي عام 2009 افتتحت إيران البنك الدولي لدعم الصادرات في فنزويلا، هذا البنك الذي أشارت له الولايات المتحدة مرارًا على إنه ممول خفي للإرهاب.


وإلى جانب التعاون الاقتصادي، قامت وزارة الخزانة الأمريكية في فبراير 2017، باتهام نائب الرئيس، طارق العاصمي باستغلال المزايا الدبلوماسية لمنصبه في تهريب المخدرات، وهو الاتهام تفسه الذي تم توجيهه من الجهة ذاته في مايو 2018 لحزب الله بالاتجار في المخدرات بمساعدات عصابات القارة الجنوبية.

للمزيد: «أمريكا اللاتينية».. الملعب الخلفي لـ«إيران وحزب الله»

«المثلث المرتبك»..

وعليه فمن المتوقع أن تتأثر طهران بشكل مباشر إذا تم وضع حليفتها اللاتينية على قائمة الدول الراعية للإرهاب، فهي ستخسر شريكًا مهمًا يدفع بشراسة في مؤخرة عدوها الآخر الولايات المتحدة، وبالأخص مع الوضع في الاعتبار أن إيران نفسها موجودة باللائحة الأمريكية ذاتها منذ 1984 وكانت تجد في الدولة الفنزويلية متنفسًا ماليًّا لها من المحتمل أن يغلق، ليضيق الخناق أكثر على النظام الملالي.


وضعية مضطربة


رغم العداء السياسي، تعد الولايات المتحدة شريكًا تجاريًّا رئيسيًّا لفنزويلا إذ بلغ حجم التجارة الثنائية في البضائع بين البلدين في عام 2016 إلى 16.1  مليار دولار، في حين بلغت صادرات السلع الأمريكية إلى فنزويلا 5.3 مليار دولار في العام ذاته.


وتشمل الصادرات السلعية بين البلدين عدة منتجات أبرزها النفط والمواد البترولية والمواد الكيميائية العضوية والمنتجات الزراعية والسيارات وقطع غيار السيارات، ولكن يتركز الاستثمار الأجنبي المباشر الأمريكي في فنزويلا إلى حد كبير في قطاع النفط.

ولذلك تشير الصحف الأمريكية إلى صعوبة تحويل الإطروحات المطالبة بفرض عقوبات اقتصادية على فنزويلا إلى أمر واقع.

 للمزيد: فنزويلا على مفترق الطرق.. ما وراء محاولة اغتيال «مادورو»

"