بعد انسحابها من الجنوب السوري.. إيران تشنّ حملات تشيُّع في درعا
بعد انسحاب قواتها العسكرية من الجنوب السوري، تسعى إيران لبناء قاعدة شيعية لها في جنوب سوريا، وذلك عبر نشر حملات تشيُّع الأهالي، وإغرائهم على الانضمام إلى ميليشياتها العاملة في الساحة السورية.
وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، قد أعلن انسحاب القوات الإيرانية لـ85 كيلومترًا من مواقعها السابقة في الجنوب السوري بعيدًا عن القوات الإسرائيلية، التي تتمركز في منطقة الجولان المحتل على الجانب الآخر من خط الحدود.
وقال لافرينتييف، في حديثه لوكالة «إنترفاكس» الروسية، في نهاية يوليو الماضي: إنه تم سحب القوات الإيرانية من هذه المنطقة؛ استجابة للرغبات الإسرائيلية، لاسيما بعدما لجأت إلى شنِّ ضربات على الإيرانيين في الجنوب السوري.
ونفذت إسرائيل في وقت سابق من العام الحالي سلسلة واسعة من الغارات الجوية على المواقع العسكرية الإيرانية داخل سوريا؛ ما أوقع عددًا من القتلى والجرحى في صفوفهم.
محاولات تشييع درعا
وعوضًا عن الانسحاب العسكري المحدود، الذي نفذته القوات الإيرانية مُكْرَهة، حاولت عبر الميليشيات التابعة لها تجنيد أكبر قدر ممكن من شباب منطقة درعا في الجنوب، معتمدةً في ذلك على بعض العائلات ذات الأصول الشيعية، فمدينة حوران على سبيل المثال كانت تضم عددًا من أتباع المذهب الشيعي يطلق عليهم اسم «المتاولة»، وترجع أصول غالبيتهم إلى الجنوب اللبناني، لكنهم وفدوا إلى منطقة حوران منذ نحو قرن ونصف القرن، واندمج بعضهم في الأهالي السنّة بالقرى التي أقاموا فيها.
وقد أسَرَّت العائلات الشيعية بانتمائها الديني لفترة طويلة قبل أن تكشف عنه بعد ذلك؛ تجنبًا لإثارة حفيظة الأهالي الذين يدينون بمذهب أهل السنّة والجماعة، لكن بمرور الأيام أعلنوا هويتهم بعد الدعم الذي تلقوه من إيران قبل وأثناء الثورة عام 2011، ففي بصرى الشام، شكل قادة الطائفة منذ بداية الثورة ميليشيات شيعية مسلحة شاركت في قمع التظاهرات الشعبية التي نظمها أهالي درعا، والتي اشتهرت آنذاك بتسمية «مهد الثورة السورية»؛ إذ خرجت منها أولى المظاهرات ضد النظام.
واشتعلت الاحتجاجات في الوقت الذي كان الإيرانيون يحاولون فيه نشر مذهبهم بتلك المنطقة بالاعتماد على العائلات ذات الأصول الشيعية، وباستخدام وسائل عديدة، كبناء مساجد في المناطق النائية التي لا تنتشر فيها المساجد؛ بهدف استقطاب العدد الأكبر من المصلين، ثم تتحول المساجد بشكل تدريجي إلى حسينيات، لكن الثورة السورية عمدت إلى إغلاق هذه الحسينيات، وتحوّل بعضها إلى مساجد يصلي فيها أهل السنّة.
وتعتمد إيران على حزب الله والميليشيات المسلحة لنشر التشيع مثل، لواء «أبوالفضل العباس»، ولواء الإمام الحسن، وفرقة الرضوان، كما افتتح الحزب اللبناني مكاتب تابعة له في درعا؛ لتجنيد وتشييع الشباب من أهالي المنطقة، عبر إغرائهم بالأجور المرتفعة التي قد تصل إلى 350 دولارًا أمريكيًّا، وهو مبلغ كبير هناك قياسًا على مستوى الدخل المنخفض بسبب الحرب، وبالرغم من رعب الأهالي من بطش النظام والميليشيات الشيعية فإن محاولات نشر التشيع قُوبلت برفض شعبي شديد، وتعرض بعض أتباع حزب الله والميليشيات للطرد من أكثر من بلدة في منطقة ريف درعا الشرقي، بحسب تقارير إعلامية، إلا أن ذلك لا ينفي نجاحهم في تشيُّع بعض الشباب من المنطقة، وضمهم إلى صفوفهم.
وقد وجه أدهم كراد، قائد فوج الهندسة والصواريخ السابق لدى الفصائل السورية بالجنوب، والتي وقّعت صلحًا مع النظام في الفترة الأخيرة، اتهامات على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إلى حزب الله بمحاولة التهام مناطق الجنوب السوري، في وقت سابق من هذا الشهر.
من جانبه، قال محمد عبادي، الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية: إن ما يحدث في الجنوب هو جزء من مخطط التغيير الديموغرافي في عموم الأراضي السورية، والذي يأتي بهدف تثبيت أقدام إيران في البلاد بشكل دائم لا يتأثر بالتقلبات الدولية والتوازنات الإقليمية عن طريق نشر المذهب الشيعي بنسخته الاثني عشرية؛ لضمان ولاء الأهالي للولي الفقيه في إيران.
وأضاف في تصريحات للمرجع، أن النظام السوري وعبر تحالفه مع إيران فتح لها باب نشر التشيع على مصرعيه مقابل حمايته، والتصدي للفصائل المسلحة منذ عام 2011، وقد أدى ذلك الى تغيير ديموغرافي في العاصمة دمشق نفسها وما حولها حتى منطقة الحجر الأسود ومنطقة المطار، عبر تجنيس مسلحي الميليشيات، وطرد السكان السنّة والاستيلاء على بيوتهم وممتلكاتهم، وفي الجنوب يحاول الإيرانيون خلق بؤرة تابعة لهم؛ لتشكيل ميليشيات شيعية محلية على غرار حزب الله اللبناني على الحدود مع الجولان المحتل.





