ad a b
ad ad ad

الصوفي مظفر أوزاك.. مئذنة المحبة وطريق الوصال

الإثنين 22/أكتوبر/2018 - 05:42 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

«بجوار التكية الصوفية ولدتُ»، كلمات بسيطة افتتح بها مظفر أوزاك سيرته الذاتية المكتوبة، والمنشورة عام 1981 تحت عنوان ـ«كشف النقاب عن الحب»، هذا الحب الذي استطاع من خلاله الشيخ التاسع عشر للطريقة الجراحية الهلفيتية نشر تعاليمه الصوفية في أرجاء أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

ولد أوزاك في عام 1916 بمنزل مجاور لتكية الدراويش الجراحية في حي كاراجومروك في أسطنبول، والده أبو حاجي أفندي؛ كان باحثًا إسلاميًّا ومعلمًا في بلاط السلطان عبدالحميد، بينما تعود أصول والدته السيدة عائشة أوزاك إلى عائلة أوزاك ذات الهوى الصوفي.

 

وبعد ستة أشهر فقط من ميلاد أوزاك توفى والده وشقيقه الأكبر  في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) ولم يتبق له سوى والدته وشقيقه الأصغر، ما جعله- حين استوى عوده- يكره الحرب وينشد الوئام ويتعبد بالحب والصوفية.

 

في الخامسة من عمره تولى تعليمه أحد أصدقاء والده، شيخ يدعى عبدالرحمن سميعي سروهاني، كان الشيخ معلمًا صوفيًّا يشرح لتلاميذه تعاليم القادرية، ويحيطهم علمًا بالنقشبندية، ويعرض عليهم مميزات الجراحية ويعدد أمامهم أساليب الهلفيتية وسبل الوصل بكل طريقة، واستمر الشيخ عبدالرحمن في التدريس لأوزاك حتى وصل إلى الثانية عشرة من عمره.

 

وأسهمت تلك التنشئة في اقتراب مظفر للصوفية وتغلغله بها، وحتى بعد وفاة شيخه عبدالرحمن استكمل تعليمه على يد إمام مسجد الفاتح، محمد راسم أفندي، كما درس علوم الحديث والشريعة الإسلامية وحفظ أجزاء من القرآن.

الصوفي مظفر أوزاك..

فتح له صوته العذب في التلاوة والإلقاء باب التعيين كمؤذن لمسجد علي اليازجي، ثم لمسجد سوغان آغا وبعدها أذَّن رسميًّا  في مئذنة المسجد الكبير في حي بايزيد، وأثناء عمله بالمسجد الكبير التقى إمام باكيركوي، حافظ إسماعيل حقي أفندي، المنتهج للمولوية الصوفية التي قام بتعليم أناشيدها وأنغامها لمظفر، وكأن خطوات حياته قد ارتسمت خصيصًا لتجعل منه إمام طريقة.

 

ولكن الطرف الأكثر أهمية في روحانيات التصوف لدى أوزاك ترتبط بماهية العوامل التي دفعته لتبني طريقة الجراحية الهلفيتية (وهي طريقة صوفية انتشرت بتركيا وتنسب إلى الشيخ نورالدين الجراحي) بالإضافة إلى تنصيبه شيخًا للطريقة وليس مريدًا مجهولاً.

 

ومن المفارقات أن أوزاك تبنى هذا المنهج نتيجة تفسير بعض الأحلام التي راودته في ليالٍ متعاقبة، والتي أخبرته ضمنيًّا باتباع هذا المنهج والتدرج به، وبعد هذه الأحلام جاءه مصادفة إلى مكتبته الخاصة الشيخ أحمد طاهر المرعشي الذي كان  آنذاك شيخ الطريقة الهلفيتية.

 

فشعر مظفر أن ما راوده كان رؤيا لا أضغاث أحلام، فذهب للمرعشي وتلقى على يديه هذا المنهج الصوفي وأصبح من دراويش الطريقة وبعدها تولى زمام النهج الهلفيتي ليقوم بنشره في أوروبا.

 

ووفقًا للسيرة الذاتية التي كتبها أوزاك عن نفسه فإنه قد سافر إلى ألمانيا ست مرات، ومرتين إلى إنجلترا، وبعدها إلى هولندا وبلجيكا، وإلى باريس إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية و رومانيا وبولونيا ويوغوسلافيا واليونان، وذلك لنشر التصوف هناك، حيث ذكر  عزيز الكبيطي إدريسي في كتابه التصوف الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية أن مظفر كان له الفضل في نشر التصوف هناك خلال فترة السبعينيات.

 

وداهم الموت مظفر أوزاك في فبراير 1985، بعد حياة متصوفة اعتمدت على نشر التعاليم بالموسيقى والذكر والدعوة للحب والإخاء والمساواة بين البشر وتقبل الآخر، كما ساهم مظفر في إثراء الحياة الثقافية عن طريق نشر عدة كتب مثل أسماء الله الحسنى وخمرة الحب التي تمت ترجمتها إلى الإنجليزية، ويذكر أنه تزوج مرتين وله ابنة واحدة.

 

اقرأ أيضًا: الصوفية في الغرب.. جذور تاريخية بصبغة شرقية

"