«إخوان اليمن».. تاريخ من المؤامرات والحروب

منذ تأسيسها على يد حسن
البنا في عشرينيات القرن الماضي، كثفت جماعة الإخوان من مخططاتها للاستيلاء على السلطة
في اليمن، نظرًا لما يتمتع به هذا البلد من مكانة بالغة الأهمية بين دول الشرق الأوسط،
وشهدت العاصمة صنعاء أول محاولة إخوانية للسيطرة على الحكم عام 1948، عندما أطاح كوادر
الجماعة بـ«الإمام يحيى» (حاكم اليمن آنذاك)، ونصبوا «عبدالله بن الوزير»، خلفًا له؛
إلا أن هذه المؤامرة باءت بالفشل بعد عدة أيام، بسبب هجوم القبائل اليمنية على العاصمة
صنعاء، وسيطرتهم عليها، وقتل منفذي الانقلاب.
وشكلت تلك الحادثة تحذيرًا
بالغ الخطورة للحكام العرب، الذين بدأوا يستشعرون المخططات الخبيثة لجماعة الإخوان،
وتهديدها لأنظمة الحكم في المنطقة.
وعقب فشل الانقلاب الإخواني؛
ظلت الجماعة بعيدة عن التأثير في الساحة اليمنية، حتى فترة الستينيات عندما بدأ عدد
من عناصر الإخوان الانتشار داخل اليمن بإيعاز من «إخوان مصر»، الذين نجحت الحكومة المصرية
في ذلك الوقت في فرض طوق من الحظر والمنع تجاههم، فرأوا في الأراضي اليمنية جبهة جديدة
يمكنهم بدء العمل منها، واستكمال أجندتهم المشبوهة من خلالها.

التجمع اليمني للإصلاح
ومع تولي علي عبدالله صالح، مقاليد الحكم في اليمن، تقرب منه الإخوان وساندوه
في معاركه ضد الاشتراكيين في الجنوب، حتى نجح «صالح» في توحيد البلاد تحت زعامته عام
1990، بعد حروب طاحنة شاركت فيها الجماعة، مما أتاح لهم الوجود في السلطة، وافتتاح
معاهد ومدارس وجامعات هناك، ثم أسسوا ما يسمى بـ«التجمع اليمني للإصلاح»، ليكون مظلة
سياسية للجماعة، وتولى رئاسته «عبدالله بن حسين الأحمر»، شيخ قبائل حاشد.
ولم يمضٍ وقت طويل، حتى تبدلت الأوضاع بين «صالح» والإخوان، ودخل الطرفان في خصومة شديدة؛ فلجأت الجماعة إلى التحالف مع الاشتراكيين (أعداء الأمس)، وكونا معًا في العام 2003 تجمعًا سياسيًّا عرف بـ«اللقاء المشترك».
وعند اندلاع الثورة اليمنية عام 2011، شارك فيها الإخوان، حتى سقط نظام
علي عبدالله صالح، وتنازل عن السلطة لنائبه، عبدربه منصور هادي، وهو ما مثل فرصة ذهبية
أمام الجماعة لتولي عدد من المناصب القيادية والحقائب الوزارية، وتعيين أعضائها في
الجهاز البيروقراطي اليمني إلى أن اقتحم الحوثيون العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014،
وانقلبوا على السلطة.

أهم رموز الإخوان في اليمن
- محمد
عبدالله اليدومي:
ولد «اليدومي»، في «تعز» عام 1947، وعمل ضابطا في الأمن العام، ثم الأمن السياسي أو جهاز
الاستخبارات اليمني، وتولى مناصب ومسؤوليات رفيعة، كما ترقى في الرتب العسكرية حتى
وصل إلى رتبة عقيد، وأثناء عمله في جهاز الأمن حصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ من
جامعة صنعاء، وفي العام 1984 جمد عمله في جهاز الأمن السياسي؛ فأسس في العام 1985 جريدة
«الصحوة» (لسان حال الإخوان في اليمن)، وتولى رئاسة تحريرها حتى سنة 1994.
انتخب «اليدومي»، أمينًا عامًا مساعدًا لحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، بعد
إعلان تأسيسه عام 1990، وفي سنة 1994 انتخب أمينا عامًا، ثم رئيسًا للحزب عام 2007،
وذلك بعد وفاة مؤسس ورئيس الحزب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.

- عبدالمجيد
الزنداني:
يُعد «الزنداني»، الأب الروحي لإخوان اليمن، كما يشغل منصب رئيس مجلس شورى «التجمع اليمني للإصلاح»، وتصنفه الولايات المتحدة الأمريكية ضمن لائحة المطلوبين لأجهزتها الأمنية، وتعتبره «داعمًا للإرهاب».
التحق «الزنداني»، بكلية الصيدلة في مصر عام 1960، ودرس فيها لمدة سنتين،
التقى خلالهما بعناصر جماعة الإخوان في مصر، والقيادات الإخوانية اليمنية المقيمة بالقاهرة،
وعلى رأسهم: محمد محمود الزبيري، وعبده محمد المخلافي، وشكل ما سمي بـ«تحالف طلاب الحياد»،
وأعلن انضمامه للإخوان، فألقت السلطات المصرية القبض عليه، وفُصل من الجامعة، وصدر
حكم بترحيله من القطر المصري.
أسس «الزنداني»، جامعة الإيمان في العاصمة اليمنية صنعاء عام 1994، ومن
خلالها استطاع أن يخرج الآلاف من الإخوان، كما التحق بها عدد كبير من الأجانب، وبعد أحداث
11 سبتمبر أغلقت هذه الجامعة بأمر من الحكومة اليمنية، ليعاد فتحها مجددًا إلى عام
2014 عندما اقتحم الحوثيون صنعاء.

- عبده
محمد المخلافي:
يعتبر «المخلافي»، من أبرز القادة التاريخيين لـ«إخوان اليمن»، وقد درس
في مقتبل حياته بعدد من المدارس العلمية في مكة المكرمة لمدة خمس سنوات، وشارك بكتابة
المقالات في بعض الصحف السعودية، ثم رحل من ميناء جدة إلى مدينة بورسعيد المصرية، ومنها
انتقل إلى القاهرة، حيث التحق بالأزهر الشريف، فواصل تعليمه حتى كاد أن يتم المرحلة
الثانوية لولا أنه ألقي القبض عليه بسبب انضمامه لجماعة الإخوان.
وأثناء إقامته في مصر، التقى «المخلافي»، بالعديد من رموز الإخوان مثل:
محمد الغزالي، وسيد سابق، ومحمد قطب، وصلاح أبو إسماعيل، وارتبط بشكل كبير بالقيادي
الإخواني سيد قطب، فقد كان يمكث معه أوقاتًا طويلة في منزله يسمع منه ويحاوره، ثم تسلم
منه نسخة من كتابه «معالم في الطريق»، وقام بنشرها بين الطلاب اليمنيين.
ثم عاد «المخلافي»، إلى اليمن والتحق بالمركز الإسلامي في مدينة تعز، كما
عمل مدرسًا في إحدى مدارس المدينة ذاتها، ثم مديرا عامًّا للتربية والتعليم عام
1966؛ ليتم اعتقاله في نفس العام، إلا أنه ما لبث أن تم الإفراج عنه.
وفي 1968 عين «المخلافي»،
عضوًا في المجلس الوطني، واختير في لجنة صياغة الدستور، واستقر في مدينة صنعاء حتى
توفي متأثرًا بحادث مروري غامض عام 1969.