«القائم».. ترياق الحياة لـ«داعش» فى العراق
الأربعاء 29/أغسطس/2018 - 05:49 م
داعش
آية عز- عبد الرحمن صقر
تبنى تنظيم «داعش» صباح اليوم الأربعاء، 29 أغسطس 2018 تفجيرًا إرهابيًّا كبيرًا في مدينة القائم العراقية، على حدود العراق مع سوريا، ما أسفر عن مقتل وإصابة 47 حتى الآن، (لم يصدر بيان رسمي حتى الآن بالعدد الأخير لضحايا التفجير الآخذين في ارتفاع)؛ حيث استهدف التنظيم حاجزًا أمنيًّا للجيش العراقي في قضاء القائم بمحافظة الأنبار غربي العراق.
التفجير الإرهابي الكبير في مدينة القائم العراقية
والقائم أو «حصيبة الغربية» كما يطلق عليها بعض العراقيين، هي إحدى المدن العراقية التابعة لمحافظة الأنبار الواقعة غرب العاصمة على بعد 480 كيلومترًا، وتعد المدينة محاذية للحدود العراقية السورية، وعندها بالتحديد يدخل مجرى نهر الفرات الأراضي العراقية، لذلك هي تعتبر مطمعًا مهمًا بالنسبة لتنظيم «داعش».
وتسكن القائم عشائر«الدليم والراويين والعانيين والهيتاويين»، وذلك بحسب إحصائيات من وزارة البلديات والأشغال العامة العراقية، ويبلغ عدد سكان مركز القائم حوالي 103 آلاف نسمة.
بداية الانهيار
في السابع من مارس عام 2013 سيطرت مجموعة عناصر تابعة لداعش على معظم أحياء القائم، بالتحديد حي الرمان وحي العبيدي ومستشفى العبيدي العام، إضافة إلى ذلك واتخذت من بعض المنازل والدوائر الحكومية هُناك نقاط ارتكاز عسكرية تابعة للتنظيم، وتقوم من خلالها بالعمليات الإرهابية المتكررة، التى أطلقوا عليها في ذلك التوقيت «غزوة عكاشات».
وعندما دخل داعش «القائم» اتخذ مستشفى العبيدي مقرًا رئيسيًّا لمفارزه (تشكيلاته) الإرهابية، وحينها امتلك التنظيم ما يقرب من 640 مفرزة استخدمها في عملياته الإرهابية، التي كان يشنها من حين لآخر، إلى جانب ذلك قام التنظيم في بداية الأمر بفرض السيطرة على القائم وقطع الاتصال نهائيًّا سواء كان هاتفيًّا أو من شبكات الإنترنت على المواطنين حتى لا يستطيعوا التواصل مع العالم الخارجي.
الأهمية الاقتصادية والعسكرية
ولمدينة القائم أهمية اقتصادية كبرى بالنسبة لداعش؛ حيث يقع حقل «عكاز» النفطي في جنوبها وهو من أكبر حقول النفط في العالم؛ حيث ينتج أكثر من 100 مليار برميل من نفط خام، وأكثر من 53 تريليون قدم مكعب من الغاز.
أما بالنسبة للأهمية العسكرية، فهي تقع بين العراق وسوريا، ولهذا السبب استفاد التنظيم من معبرها في تهريب النفط والسلاح والعناصر المسلحة إلى سوريا.
وفي وقت سابق أكدت بعض التسريبات الاستخباراتية، أن أبا بكر البغدادي زعيم التنظيم، مكث لفترة في المدينة، لكنه غادر بعدما استهدفت إحدى الغارات الجوية مقره ما أسفر عن مقتل العديد من قادته ونجا هو رغم إصابته بجروح بليغة.
لذلك فموقعها مهم جدًا بالنسبة لداعش لكونها تتصل بالحدود السورية وتعتبر حلقة وصل بين المنطقة المحيطة في الأنبار ومعبر البوكمال السوري، وتلك الأهمية دفعت التنظيم إلى أن يتخذ المدينة مقرًا سريًا لقياداته في الأنبار.
وخلال الفترة التي مكث فيها التنظيم في القائم، تم العثور على شبكة أنفاق كان يستخدمها عناصر التنظيم للتنقل بين منطقة وأخرى، وتلك الأنفاق ما زالت موجودة.
أسامة الهتيمي،
السبب في العودة من جديد
من جانبه قال أسامة الهتيمي، الباحث المتخصص فى الشأن العراقي والإيراني، إنه على الرغم من الهزائم التي تعرض لها تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق على مدار العامين الأخيرين، فإن التنظيم مازال يسيطر على عددٍ من القرى على الحدود السورية العراقية التي لجأ إليها مؤخرًا بعد الحرب الشاملة التي شنتها العراق على التنظيم العام الماضي وهي المناطق، التي اتخذها التنظيم منطلقًا لتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية والانتقامية الخاطفة خاصة الانتحاري منها أو ما بات يعرف بعمليات «صيد الغربان».
وأكد الهتيمي في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، أن عودة داعش للقائم وقيامه بالعمليات الإرهابية، أصبحت خياره الوحيد ليؤكد استمرار وجوده وبقائه على الساحتين العراقية والسورية، خاصةً أن المنطقة حدودية، وبالتالي فقد كان من المتوقع بطبيعة الحال أن تستأنف الخلايا المتبقية لتنظيم داعش وفلوله عملياتها الإرهابية بشكل أكثر قسوة وفظاعة عما سبق في محاولة لرفع الروح المعنوية لأتباع التنظيم وأنصاره ليس في كل من العراق وسوريا فقط، وإنما أيضًا في كل الدول التي أصبح للتنظيم فيها مبايعون وأنصار.
وواصل: «فضلًا عن أن ميليشيات الحشد الشعبي ربما قللت من وجودها في المناطق التي تنتشر فيه خلايا تنظيم داعش لسببين محتملين أولهما انشغال قيادات الحشد في العملية السياسية بعد أن خاضت الانتخابات البرلمانية التي أجريت مؤخرًا، وثانيًا لما يثيره وجودها بشكل كبير من استفزاز لمشاعر سكان هذه المناطق ذات الأغلبية السنية، التي ترى أن هذه الميليشيات وما قامت به حتى من قبل تأسيس الحشد الشعبي عام 2014 وإدماجه في الجيش العراقي عام 2016 أحد أهم الأسباب وراء وجود مثل هذه التنظيمات الإرهابية.
في هذا الإطار متوقع للأجهزة الأمنية العراقية أنها ستلقى صعوبة كبيرة جدًا في صد هجمات داعش خلال الفترة المقبلة وربما يرجح أن تتصاعد هذه العمليات إلى حد إحداث حالة من الرعب والفزع في مختلف أنحاء العراق.





