«عمليَّة القسيمة».. الإرهاب يلفظ أنفاسه الأخيرة
الثلاثاء 17/أبريل/2018 - 10:43 م

صورة أرشيفية
أحمد كامل البحيري
شهدت منطقة القسيمة، التابعة لمركز الحَسَنَة بوسط سيناء، السبت 14 من أبريل الحالي، واحدةً من أخطر العمليَّات الإرهابيَّة، منذ بدء العملية العسكرية الشاملة (سيناء 2018)؛ حيث استهدفت عناصر تنظيم بيت المقدس معسكرًا لقوات الجيش بمنطقة القسيمة؛ أسفرت عن استشهاد 8 وإصابة نحو 14 من قوات الأمن، ومقتل منفذي العملية الإرهابية وعددهم 14، منهم 4 عناصر انتحارية، جاء هذا في بيان المتحدث العسكري للقوات المسلحة.
تطرح هذه العملية الإرهابية بعض التساؤلات حول توقيتها، واستهدافها معسكر القسيمة لقوات الجيش تحديدًا.
(1)
تأتي العملية الإرهابية بعد أكثر من شهرين، على بدء (سيناء 2018)، في 8 من فبراير الماضي، والتي شاركت فيها الأسلحة والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة كافة، بالتعاون مع قوات الشرطة، وهي الأولى من نوعها منذ ثورة 25 من يناير 2011، من حيث عدد القوات وطبيعة الأسلحة، التي جعلتها تختلف عن العمليات العسكرية الست السابقة، بدايةً من (نسر1 ونسر2) مرورًا بــ(حق الشهيد) بمراحلها الأربع، ولذلك كانت نتائجها -حتى وقوع العملية الإرهابية (القسيمة)- أكثر فاعلية؛ حيث أسفرت عن مقتل العديد من قيادات تنظيم بيت المقدس وعناصره، فوصل عدد القتلى من التنظيم خلال تلك المدة إلى 193 عنصرًا إرهابيًّا، بين قيادات بالصفين الأول والثاني وأفراد التنظيم.
على جانب آخر تمكنت قوات الأمن، من تدمير البنية التحتيّة للتنظيم، مثل أماكن تخزين السلاح والأوكار، مع قطع مسارات تحرك أفراده، فخلال تلك المدة تمكنت القوات من تدمير نحو 3686 وكرًا وملجأً ومخزنًا للعناصر الإرهابية، بمنطقة شمال ووسط سيناء.
هذه النتائج الإيجابية أضعفت قدرات تنظيم بيت المقدس بشكل كبير، ما دفع قياداته للبحث عن هدف يمكن من خلاله تنفيذ عملية إرهابية كبرى، تُساعد في رفع الروح المعنوية لأعضاء التنظيم من ناحية، وبث رسالة خارجية مفادها أن التنظيم مازال موجودًا، فهل نجح في تحقيق هدفه؟
بتحليل طبيعة العملية الإرهابية وتكتيكاتها، نلاحظ ثلاثة أمور تدل على أنها مجرد محاولة لإثبات الوجود، ولم تتم نتيجة لقوة التنظيم:
أولًا: اعتماد «بيت المقدس» الإرهابي، في العمليات الأخيرة على تكتيكات بسيطة بالدفع بثلاث مجموعات مسلحة؛ حيث يبدأ الهجوم الإرهابي بإطلاق قاذفات «آر بي جي» تجاه نقاط الحراسة، ثم تشتبك بقية العناصر الإرهابية مع قوات الأمن بالأسلحة الخفيفة.
ثانيًا: تنامي اعتماد التنظيم استخدام العناصر الانتحارية، في محاولة لتحقيق نتائج أكبر في سقوط ضحايا وإحداث دمار، وذلك لضعف عناصر وقدرات التنظيم في الاستهداف والسيطرة المباشرين، كما حدث في عمليات إرهابية أخرى مثل (كرم قواديس 1/2، والفرافرة 1/2.. إلخ).
ثالثًا: دفع تنظيم بيت المقدس الإرهابي ما يُسمى عناصر «انغماسية» -وهي ما تُعادل قوات النخبة بالجيوش- لهو دليل على صعوبة المواجهة خلال المرحلة الجارية مع قوات الأمن، وفقدان تنظيم بيت المقدس العديد من عناصره خلال المرحلة الفائتة.
(2)
شهدت «القسيمة» نحو 10 عمليات إرهابية، منذ يوليو 2013، تنوعت بين استهداف قوات الأمن، مثلما حدث باستهداف كمين القسيمة في 9 من أبريل 2016؛ ما أسفر عن استشهاد ضابطين وجنديين، مرورًا باستهداف مواقع أمنية مثلما حدث بتفجير قسم شرطة القسيمة بالعبوات الناسفة في 15 من يوليو 2013، واستهداف مقر المخابرات بالقنابل، في 17 من أغسطس 2016، وكانت أبرز تلك العمليات الإرهابية استهداف 9 سيارات نقل لمصنع الأسمنت التابع للقوات المسلحة في 10 من نوفمبر 2017؛ ما أسفر عن مقتل 9 سائقين وحرق السيارات، ولذلك تُعتبر «القسيمة»، وبعض مناطق مركز الحسنة بوسط سيناء، من المناطق التي يستهدفها تنظيم بيت المقدس، ويرجع اهتمام التنظيم بهذه المنطقة لثلاثة أسباب:
أولًا: قربها من أماكن اختباء العناصر الإرهابية بجبال الحلال والقسيمة والحسنة، ومنطقتي صدر الحيطان والجفجافة الجبليتين الوعرتين، التي يصل عمق بعض الكهوف بها إلى ما يقرب من 300 متر، ما يجعل الانتقال من مناطق الاختباء لمناطق تنفيذ العمليات أمرًا سهلًا، ويُساعد على تنفيذ العملية والهروب والاختباء بشكل سريع.
ثانيًا: تُعتبر مناطق تمركز لقبيلة «التياها» التي ينتمي بعض عناصر التنظيم الإرهابي لبعض عشائرها، ما سهَّل على أفراد التنظيم معرفة ممرات وطرقات ومدقات المنطقة، وساعد على تنفيذ بعض العمليات بدقة وسهولة الاختباء.
ثالثًا: تقع المنطقة وسط الطريق الرابط بين وسط وشمال سيناء، مع قربها من طريقي العريش والشيخ زويد الحيويين لحركة قوات الأمن، ومن جهة أخرى توجد في هذه المنطقة بعض المنشآت الاقتصادية.
هذه الأسباب الثلاثة جعلت من منطقة القسيمة، بل ومركز الحسنة بمناطقه المختلفة، أحد مواقع تنفيذ العمليات الإرهابية لتنظيم بيت المقدس، الذي لم يستهدف موقعًا عسكريًّا بشكل خاص بل لكونه جزءًا من إحدى المناطق التي يمتلك التنظيم الخبرة في تنفيذ العمليات الإرهابية فيه، ورغم ذلك أسفرت المواجهة عن مقتل العناصر الإرهابية المنفذة كافة.
المراجع:
1 - الصفحة الرسميَّة للمُتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية على صفحة الفيسبوك.
2 - «مقتل 3 عناصر تكفيرية خلال مُداهمة بؤرة إرهابية بوسط سيناء»، جريدة المصري اليوم 08 /01 /2018.
3 - القبض على الإرهابي «أبو العرانيس» في القسيمة بشمال سيناء
http://www.vetogate.com/1782127 25 من أغسطس 2015.
4 - بيان تنظيم بيت المقدس، أعماق، تيليجرام الإثنين، 29 أبريل 2018.