يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

الاقتيات على الدماء.. دول تستفيد من بقاء «داعش» في سوريا والعراق

الجمعة 03/أغسطس/2018 - 11:55 ص
داعش في سوريا- أرشيفية
داعش في سوريا- أرشيفية
أحمد لملوم
طباعة
لايزال الصراع الذي نشب في سوريا والعراق -منذ عدة سنوات- مستمرًا؛ حيث جُرّت سوريا والعراق إلى أتون حرب تحمل طابعًا طائفيًّا تأكل الأخضر واليابس، اشتعل فتيلها عام 2011 مع أحداث ما تُسمى «ثورات الربيع العربي»، التي نجحت في تغيير بعض الأنظمة الحاكمة في دول المنطقة كمصر وتونس.

ومع ظهور تنظيم «داعش» في سوريا والعراق عام 2014، أعلنت أغلب دول العالم عن عداوتها الضارية له، حتى إن هناك تحالفًا دوليًّا بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تم تشكيله لمواجهة التنظيم، وتشارك فيه أكثر من 60 دولة بأشكال مختلفة، بينها 5 دول عربية.

وفي محاولة للإجابة عن التساؤل، هل هذا التنظيم الإرهابي بهذه القوة التي جعلته يبقى صامدًا لسنوات في سوريا والعراق أمام القوات الدولية والمحلية التي تحاربه في مواقع سيطرته؟ يُحاور «المرجع» محللين وناشطين سياسيين؛ لمحاولة فهم الأمر، وكيف نجا واستمر التنظيم الإرهابي في الوجود حتى الآن.

للمزيد.. التوغل الإيراني في سوريا.. مشروع استعماري يمتد من العراق إلى لبنان
الاقتيات على الدماء..
قال منصور الأتاسي، الناشط السياسي السوري: إن «تنظيمي داعش والقاعدة هما بالأساس فكرة غربية نفذت للانقضاض على كل حراك يؤدي إلى تحرر المنطقة، وجُرّب هذا النموذج بنجاح في أفغانستان، وأدى -ولا يزال- إلى تدمير أفغانستان، ثم انتقل إلى العراق ثم إلى سوريا».
الاقتيات على الدماء..
مبررات التدخل الأجنبي
وأكد «الأتاسي» -الذي تم اعتقاله مؤقتًا مع بداية الأحداث في سوريا عام 2011، عندما كان يشغل منصبًا قياديًّا في هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي- أن الهدف من وجود تنظيم داعش «تبرير التدخل العسكري للدول الكبرى بهدف حماية مصالحها واستمرار وجودها، إضافة إلى منع حدوث أي تغيير يتناقض مع سياستها ومصالحها في المنطقة».

وأضاف: «في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، لم يكن هناك مبرر لاستمرار وجود القوات الأمريكية، لكن بغرض تسهيل ذلك، تم تشكيل تنظيم داعشي كان أول زعيم له الإرهابي أبومصعب الزرقاوي، ثم تحول فيما بعد إلى تنظيم داعش الذي نعرفه، بما يجعل هناك ما يبرر وجود الإيرانيين والأمريكان في العراق».

وعما حدث في سوريا قال «الأتاسي»: «عندما أصبحت الثورة السورية على وشك دخول دمشق العاصمة، دعمت المجموعات الإرهابية الممثلة في تنظيم داعش وأخواته بالكثير من السلاح والمال، ما أدى إلى ثلاثة أمور، أولها؛ إيقاف تقدم القوى الديمقراطية، وثانيًّا؛ تثبيت الوضع كما هو عليه، وثالثًا؛ تبرير التدخل الخارجي، فتحولت سوريا إلى ساحة صراعات دولية؛ حيث يوجد العديد من القوات الأجنبية، والتي لا يمكن أن توجد دون الحديث عن الإرهاب وضرب تنظيم داعش».

ولفت «الأتاسي» إلى عدم وجود خلفية تاريخية داعمة للجماعات الإرهابية، سواء فكريًّا أو ماديًّا في سوريا، مضيفًا: «غالبية كوادر هذه التنظيمات الطفيلية كداعش أو النصرة أو القاعدة من غير السوريين، فهم أفغان وآسيويون ومصريون وليبيون وغيرها من الجنسيات، ما يؤكد عدم وجود أي أرضية فكرية أو سياسية في سورية أو العراق».
الاقتيات على الدماء..
التوغل الإيراني 
ومن جانبه، يرى مثنى العبيدي، الكاتب والأكاديمي العراقي، أن «هناك دولًا تستفيد من حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في سوريا والعراق، لاسيما إذا كان عدم الاستقرار هذا يأتي من وجود تنظيم داعش»، مؤكدًا أن أهم هذه الدول المستفيدة من زعزعة الأمن هي إيران، التي تُقدم نفسها على أنها من أكثر الدول التي تُحارب الإرهاب في العراق وسوريا، في ظلِّ العقوبات الدولية التي فرضت عليها.

وأضاف «العبيدي»: «وجود هذا التنظيم يُعطي إيران مبررًا بالوجود المباشر بطلب من الدول المتضررة من داعش؛ من أجل دعم حملتها ضده، فهي تفعّل مبدأ «التخادم» في تعاملها مع وجود تنظيم داعش، كذلك الحال مع النظام السوري الذي حقق مكاسب عدة من وجود التنظيم والجماعات الإرهابية الأخرى في سوريا، فقد تم وصم المعارضة بالإرهاب».

وتابع: «دخول هذا التنظيم الإرهابي بصراعات عديدة مع قوى المعارضة في سوريا، حمل عبء مواجهتها عن القوات الحكومية، فهناك العديد من المناطق والمدن التي كان يستولي عليها داعش من قوى المعارضة، على الأغلب تتم السيطرة عليها من قبل القوات الحكومية بعد مدة وجيزة من الزمن».

وتطرق «العبيدي» إلى تأثير الوضع القلق الذي تواجهه إيران حاليًّا على الصعيدين الداخلي والخارجي، على مدى استفادتها من وجود تنظيم داعش، موضحًا أن ما تقوم به إيران من تدخلات في شؤون الدول العربية والإقليمية دفع خصومها لإثارة المشكلات لها، ما يعني أنها ستكون عرضة لوقوع أحداث أو اضطرابات في المستقبل القريب.

الاقتيات على الدماء..
الفكر الإخواني
على صعيد متصل، قال تركي درويش الشهير بـ«سلامة»، عضو المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي السوري، إنه «يحب علينا ألا ننسى أن قيادات تنظيم داعش مخترقة من قبل أغلب مخابرات الدول الفاعلة في سوريا والعراق»، لافتًا إلى أن فكر داعش هو نفس فكر القاعدة، ولكن بنكهة متطرفة وأكثر راديكالية، والاثنان أتباع الفكر الإخواني المتطرف.

وأكد «سلامة» أن إيران -صاحبة الفكر الإسلامي المتطرف- هي المستفيد الأول من هؤلاء المرتزقة، مضيفًا: «إيران تستعمل هذه المجموعات من أجل مصلحتها؛ لخلق مبرر لدخول سوريا والعراق بحجة محاربة الإرهاب والدفاع عن الشيعة بهدف انتصار مشروعها في المنطقة، والاستيلاء على تلك الدول واستعمالها ورقة ضاغطة للمساومة مع الدول الكبرى، لتهرب من العقوبات في لعبة سياسية بدماء الغير».

وأشار إلى أن هناك مستفيدين -وإن كان بشكل أقل- وهم «أصحاب النزعة الطائفية في العراق لإبقائه دولة هزيلة ومقسمة يسهل السيطرة على القرار السياسي فيها»، لذلك أول من ساعد باحتلال الموصل من قبل تنظيم داعش، هو رئيس وزراء العراق الأسبق نوري المالكي، خاصة عند قرب الاستحقاق الانتخابي في العراق، وتحرك الشعب ضد الفقر والنهب والمحاصصة الطائفية، وضد الوجود الإيراني.

وتابع: «قطر تستخدم تنظيم داعش في سوريا والعراق؛ لمواجهة شعوب المنطقة التي تتوق للحرية خوفًا من انتقال حركة هذه الشعوب إليها، واستعمال تلك المجموعات لإحداث حالة توازن بين النفوذ الإيراني والتركي في المنطقة، وإرضاءً للمصلحة الأمريكية والإسرائيلية، لبقاء المنطقة في حالة اضطراب وتفكك من أجل بقاء السيطرة عليها ونهب ثرواتها».

ويرى عضو المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي السوري، أن هناك استفادة تركية من تنظيم داعش، موضحًا أن «تركيا هي من فتحت حدودها لعبور المتطرفين لاستعمالهم في تغيير توازن المنطقة لصالحها، وتعتبرها ورقة ضغط ضد حكومات المنطقة، وتوسيع مصالحها في سوريا وسيطرتها على الشريط الحدودي بين سوريا والعراق، وإحداث توازن مع روسيا وأمريكا وإيران في سوريا».
"