3 مسارات مستقبلية لحزب «العدالة والتنمية» في تركيا
الثلاثاء 31/يوليو/2018 - 08:05 م

أحمد سامي عبدالفتاح
منذ وصوله إلى السلطة، عام 2002، وضع حزب «العدالة والتنمية» (الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تركيا) السيطرة على مفاصل الدولة كافة هدفًا له، وعلى الرغم من ذلك، فإنه لم يتمكن من القضاء على المعارضة العلمانية رغم كل محاولاته التي هدفت إلى ذلك.
وقد تبلورت قوة المعارضة في انتخابات يونيو 2015، التي فشل خلالها الحزب في الحصول على أغلبية الأصوات، ما أجبره لاحقًا على خوض مفاوضات مع عدد من الأحزاب من أجل تشكيل حكومة ائتلافية، إلا أن هذا الأمر لم يأتِ بنتيجة إيجابية، حيث رفض حزب «الحركة القومية» التحالف مع «العدالة والتنمية» بسبب سياسة الدمج التي انتهجها الأخير مع الأكراد، والتي ساهمت في حصول حزب «الشعوب» الكردي على نسبة الـ 10% اللازمة للتمثيل برلمانيًّا.

في السياق ذاته، رفض حزب «الشعب» العلماني التحالف مع «العدالة والتنمية» اعتقادًا منه أن ذلك هو الوقت المناسب لإسقاطه. لكن الأمور لم تسر وفق رغبات أحزاب المعارضة آنذاك، حيث بادر حزب «العدالة والتنمية» بإجراء انتخابات مبكرة، في نوفمبر 2015، حقق فيها الأغلبية منفردًا، ليتمكن من العودة إلى السلطة من جديد.
وقد كان انقلاب يوليو 2016 علامة فارقة في مسيرة حزب «العدالة والتنمية»، فرغم قرب هذه المحاولة من الإطاحة بالحزب من سدة الحكم، فإن فشلها في تحقيق ذلك منح حكومة «العدالة والتنمية» مبررًا لشن حملة على الأفراد والكيانات كافة التي لا توافقه الرأي، بهدف ترسيخ حكمه أكثر.
وبعد انتخابات يونيو 2018، أصبح الوضع أكثر استقرارًا لحزب «العدالة والتنمية»، خاصة بعد أن فاز تحالف الحزب مع الحركة القومية بالأغلبية البرلمانية- حقق التحالف نسبة 53.6%، بينما فاز مرشح الحزب- رجب طيب أردوغان- بالانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى بنسبة 52.5 %. ورغم هذا الفوز، يشعر حزب «العدالة والتنمية» بالقلق، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، ما يفتح الباب أمام مستقبل الحزب السياسي وفق عدد من المسارات على النحو التالي:

1) البقاء والتمدد:
وفقًا لهذا المسار، فإن تحالف حزب «العدالة والتنمية» مع الحركة القومية سوف يستمر، خاصة في ظل تنامي التهديدات الكردية في سوريا، والتي بدأت تتعاظم مؤخرًا من خلال مؤشرات على إقامة منطقة حكم ذاتي للأكراد في شمال شرق سوريا، ما قد يدفع أكراد تركيا في منطقة جنوب شرق البلاد إلى تبني المطلب نفسه.
وفي الإطار ذاته، يشترك حزب الحركة القومية مع حزب «العدالة والتنمية» في العديد من السياسات الخارجية، لعل أبرزها الموقف من حركة «عبدالله جولن» المتورطة في محاولة الانقلاب الفاشلة، في يوليو 2016، الأمر الذي يجعل من فكرة الشقاق بين الحزبين غير واردة في الوقت الحالي.

2) تدخل الجيش في الحياة السياسية:
وفقًا لهذا المسار، فإن إزاحة «العدالة والتنمية» من سدة الحكم سوف تتم عن طريق تدخل الجيش في الحياة السياسية، وقيامه بانقلاب ناجح ضد السلطة الحاكمة. ولكن يظل هذا الاحتمال غير وارد، خاصة بعد الإجراءات التي اتخذتها الرئاسية التركية مؤخرًا، التي تم بمقتضاها ضم هيئة الأركان إلى وزارة الدفاع التركية، فضلًا عن المرسوم الرئاسي الذي تضمن إعادة هيكلة مجلس الشورى العسكري- الهيئة التي تختص بترقية وعزل ضباط الجيش- ليحتل المدنيون أغلبية أعضائه.
وفي 18 يوليو 2018، أصدر الرئيس التركي، أردوغان، قرارًا بفصل ما يقارب 18 ألف موظف يعملون بالقطاعات الحكومية، علاوة على المؤسسات الأمنية بما في ذلك الجيش التركي، ما يشير إلى سيطرة مطلقة من حزب «العدالة والتنمية» على مجريات الحياة السياسية كافة، الأمر الذي يجعل من فكرة الانقلاب العسكري غير واردة في الوقت الحالي، أو على المدى القريب.

3) الهزيمة الانتخابية:
يعد ذلك هو الاحتمال الأكثر ورودًا للإطاحة بـ«العدالة والتنمية» من سدة الحكم. ولكي يتحقق هذا المسار، لابد أن تبدأ أحزاب المعارضة في تنحية خلافاتها جانبًا، وتتفق على مرشح رئاسي واحد في الانتخابات المقبلة، فضلًا عن خوضها الانتخابات البرلمانية على قائمة واحدة.
ويمكن أن يتحقق ذلك بسهولة إذا استمرت معاناة الاقتصاد التركي من الإشكاليات الخاصة بهيكلته، فضلًا عن تراجع سعر قيمة العملة المحلية، وانخفاض التصنيف الائتماني لتركيا، الأمر الذي سوف يجعل حزب «العدالة والتنمية» فاقدًا لشرعية الإنجاز الاقتصادي التي اعتاد المراهنة عليها من أجل كسب ثقة الناخبين طيلة فترة حكمه.