فشل الإخوان في الحشد.. سبب انتقال الجماعة لـ«العنف المسلح»
الخميس 12/يوليو/2018 - 07:28 م

هناء قنديل
شهدت الفترة التي تلت فض اعتصامي جماعة الإخوان، في ميداني «رابعة العدويَّة» و«النهضة»، حالة من الحشد والتعبئة لأعداد غفيرة من أنصار الجماعة، والتيار الإسلاموي بشكل عام، ونظَّموا عشرات المظاهرات في جميع أنحاء الجمهورية؛ للضغط على الدولة المصريَّة، أملًا في تراجعها عن قراراتها الحاسمة ضد تنظيم «الإخوان»، عقب نجاح ثورة الثلاثين من يونيو 2013 في الإطاحة بـ«الإخوان» من سدة الحكم.


وعندما أدركت جماعة الإخوان وأنصارها أنه لا مجال لتحقيق مآربهم، في ظلِّ صمود الشعب المصري، مدعومًا من قواته المسلحة، في مواجهة أطماعهم؛ فاجأوا العالم، بتطوير العمل الميداني، والتحول من التظاهر السلمي إلى العنف، ومهاجمة مؤسسات الدولة.. لكن بقي السؤال: هل اكتفت الجماعة بذلك؟
قطعًا لم تكتف جماعة الإخوان بمهاجمة مؤسسات الدولة، وتهديد مقدرات الوطن، وإنما اتجهت إلى نوع جديد من الجرائم، التي يمكن وصفها بجرائم «فش الغل»، والتي تعمد فيها أنصار «الإخوان» التنكيل بمن يعارضهم، أو يُبدي مخالفة لما يعتقدونه، وارتكبوا في هذا المجال المئات من أعمال الاعتداء على الأفراد، دون النظر لمكانتهم، أو وظائفهم، أو انتماءاتهم، حتى إنهم لم يتورعوا عن الاعتداء على بعض الإسلاميين، الذين وقفوا معهم طويلًا في خندق واحد؛ لمجرد أنهم استشعروا أن هؤلاء يخالفون كهنة الجماعة الرأي!
زبانية الجماعة
ومرة أخرى يهاجم زبانية الجماعة البسطاء والغلابة من الباعة الصغار وكل من يلجأ إلى الشارع العمل، مرتكبين جرائم بشعة ضد الأفراد، وصلت إلى حدِّ القتل، وفق ما تحفظه أوراق القضايا التي سُجِّلَتْ ضدهم، ولتكن هذه المرة من مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية، التي شهدت ليلة دامية رصدنا تفاصيلها من واقع القضية رقم 9575، التي تجاوزت أوراقها 600 ورقة، وضمت 77 متهمًا، المنظورة أمام دائرة الإرهاب بمحافظة الشرقية، برئاسة المستشار نسيم بيومي، وعضوية المستشارين محمد عبدالغفار، وعلي رجب، وسكرتارية أحمد رزق نباتة.
وتكشف أوراق هذه القضية عن تعمد الاعتداء على المواطنين، وقطع أرزاقهم، بتخريب المحال، وتدمير السوق التجاري بتلك المنطقة، فيما يشبه حرب شوارع، شنَّتها ميليشيات «الإخوان» انتقامًا من المواطنين، مستخدمين الأسلحة البيضاء، وزجاجات المولوتوف الحارقة، كما اعتدوا على المرافق العامة، واشتبكوا مع الأهالي؛ عندما حاول البعض منهم التصدي للهجوم الإخواني، وأطلقوا النار، مسقطين العشرات من المصابين، فضلًا عن 3 وفيات، سجلتهم أوراق القضية، بناء على تحقيقات النيابة، المترتبة على المحاضر التي حررها المجني عليهم.


◄ 11 مواطنًا يشهدون ضد بلطجية مظاهرات الإخوان:
ومن بين تلك المحاضر المشار إليها، نرصد ما تضمنه المحضر رقم 12686، والمحرر بتاريخ 30 أغسطس 2013، والذي تضمن أنه: «حضر إلى ديوان القسم المواطن (عبدالستار. ع)، وأبلغ عن وفاة ابن عمه، (هاني. ب)، وذلك حال وجوده بمدينة الزقازيق في أثناء مظاهرات الإخوان».
وأضاف المحضر أنه «بسؤال (سامح. ح أ)، نجل المصاب (ح. أ)، قال إنه ورد إليه اتصال تليفوني، يخبره بقيام المنتمين لجماعة الإخوان بالتعدي على والده بالضرب، وإحداث إصابة له عبارة عن كسر في الجمجمة، ونزيف داخلي، وغيبوبة دماغيَّة كاملة، وكدمات بالجسم، وأن المريض في العناية المركزة، كما قتلوا (هاني. ب ع)، عمدًا، إذ أطلق مجهول بينهم عيارًا ناريًّا، استقر في رأسه».
وتابع المحضر: «وبسؤال كلٍ من (عادل. س ع، وعمرو. ن د، وأحمد. إ، وعبدالسلام. م، وكريم. ع، وأيمن. م، وأسامة. م ع، ووليد. ا م، ومكرم. أ م، وخالد. ع ك، ومؤمن. ص، وسامي. س)، بمحاضر جمع الاستدلالات، قرروا جميعًا تعدي مجموعة من المنتمين لـ«الإخوان» عليهم بالضرب، وإحداث إصابات بهم، باستخدام أسلحة بيضاء وخرطوش وزجاجات مولوتوف، كما أتلفوا محلات (عبدالسلام. م، ومؤمن. ص، ومكرم. م).
◄ حكاية أول قتيل في أحداث الصاغة كما سجلتها مستندات القضية:
تضم أوراق القضية المذكورة تفاصيل شهادة شقيق أحد ضحايا الاعتداءات التي تعرض لها الأهالي، وهو (حسن. م إ)، والذي توفي إثر إصابته بتهتك في الجمجمة، ونزيف داخلي، وذلك على النحو التالي:
س: اسمك وسنك وعملك؟
ج: «اسمي (محمد. إ أ)، 51 سنة، بالمعاش».
س: ما معلوماتك بشأن الواقعة محل التحقيق؟
ج: «اللي حصل أن ابني جالي بعد صلاة الجمعة، وقال لي إن عمه حسن مصاب وفي المستشفى الأميري بالزقازيق، فذهبت إلى هناك، فطلب مِنى الطبيب إشاعة مقطعية على المخ، وبعد أن رآها قال لي إنه مصاب بتهتك في الجمجمة، ونزيف بالمخ، وبعدها بقليل توفاه الله».
س: متى وأين حدث ذلك؟
ج: الكلام ده حصل يوم الجمعة الموافق 30 أغسطس 2013 بعد صلاة الجمعة، بشارع مولد النبي بمحل الجزارة الخاص بشقيقي.
س: وما الحالة التي شاهدته عليها آنذاك؟
ج: كان في غيبوبة، والدكاتره قالوا إنه مخبوط على رأسه، وكانت رأسه مربوطة في الوقت ده، حضر لي مؤمن نجل الحاج صالح اللي أخويا شغال معاه في المحل، وحكى لي ما جرى.
س: وما مضمون ما أخبرك به سالف الذكر؟
ج: قال إنه كانت هناك مسيرة من الإخوان، وفجأة هاجموا شقيقي، وضربه أحدهم بحجر على دماغه وكسرها، وبعدها فروا جميعًا.
س: وهل تتهم أحدًا بالتسبب في وفاة شقيقك؟
ج: أتهم مسيرة الإخوان اللي كانت معديّة يوم 30 أغسطس 2013 من شارع مولد النبي.
س: على أي أساس تتهم سالفي الذكر؟
ج: لأنه بلغني أنه كانت هناك مسيرة في الشارع، وهاجم أفرادها أخي في محل الجزارة، وضربوه بالطوب على رأسه وهشموها.
س: وما هو مقصد المتهمين من الاعتداء على شقيقك؟
ج: ماعرفش هما كانوا طايحين في الناس ومش على أخويا بس.


◄شاهد عيان على مقتل (حسن. إ) للنيابة: شوفت متظاهري الجماعة بيضربوه بماسورة على رأسه:
أكد شاهد العيان (مؤمن. ص)، نجل صاحب محل الجزارة، الذي كان يعمل به المجني عليه، أنه رأى متظاهري الجماعة، وهم يعتدون على القتيل بالضرب بماسورة على رأسه، مما أسقطه مدرجًا في دمائه، وإلى التفاصيل:
س: اسمك وسنك وعملك؟
ج: (مؤمن. ص ا)، 33 سنة، صاحب مطعم وجزارة.
س: ما معلوماتك بشأن الواقعة محل التحقيق؟
ج: اللي حصل إن إحنا عندنا محل للجزارة ومطعم مشويات، فوجئنا بأن شخصًا لا نعرفه، يأتي بسرعة، ويقول اقفلوا المحلات علشان في مظاهرات جاية في الشارع، لكن إحنا لم نهتم، وفضلنا فاتحين المحلات، وبعد ربع ساعة مرت المظاهرة، وضربوا علينا طوب، وطلع الشباب بتوع المنطقة ردوا عليهم بالطوب، فحصلت دربكة، ودخلوا على محل الجزارة اللي فيه حسن، وضربوه وأنا شوفتهم وهما بيضربوه بماسورة على دماغه، وأخذوا سكينة من المحل، وفي اللحظة دي احنا قفلنا أبواب المطعم، وبعد ما الناس بعدوا عن المطعم، وفتحنا الباب شوية صغيرة، راح حسن مرمي على الأرض سايح في دمه، وفضلنا حوالي ساعة ونص جوه؛ لأننا كنا خايفين من المتظاهرين اللي برا، لأنه كان معاهم خرطوش، وبعد كده أخدناه ورحنا مستشفى الزقازيق العام، وده كل اللي حصل.
س: هل أبصرت أحدًا من المتظاهرين في الاعتداء على المتوفى (حسن. إ) آنذاك؟
ج: كانت في هوجة كبيرة، وناس بتحدف بالطوب وناس معاها مولوتوف وزجاج، وكان في هرج ومرج، بس اللي أنا متأكد منه، أن اللي عملوا كدا ناس من الإخوان، كانوا في المظاهرة.
س: وما الذى أبصرته قبل إغلاق المحل خاصتك؟
ج: أنا شفت ناس كتير متجمعة، وبيقولوا الله أكبر، وبيرموا طوب على شباب المنطقة، والشباب يردون عليهم بالطوب أيضًا، ولقيت الناس بتوع الإخوان بيرموا مولوتوف، وسمعت صوت خرطوش فدخلت وقفلت المحل.
س: من الذي اقترف تلك الأفعال تقريبًا؟
ج: الناس اللي تبع مرسي.
س: هل ثمة اعتداء من سالفي الذكر تجاهك؟
ج: أيوه هما كسروا زجاج وجهات المحل، ومحل الجزارة، اللي كان واقف فيه المُتَوفَّى، وسرقوا منه الفلوس.
س: ومن الذي أتلف تلك المنقولات تحديدًا؟
ج: الناس اللي كانت ماشية في مسيرة تبع مرسي.
س: هل تبينت تحديدًا الأشخاص الذين قاموا بالاعتداء على المتوفى؟
ج: لا عشان كان عددهم كبير.
س: وكم عدد الضربات التي تلقاها المتوفى آنذاك؟
ج: حوالي 3 ضربات أو أكثر، وكلها على رأسه.
س: وما المسافة التي تفصل بينك وبين موقع الجريمة؟
ج: حوالي 5 أمتار تقريبًا.
س: هل تتهم أحدًا بقتل المجني عليه؟
ج: أتهم جماعة الإخوان اللي كانوا في المظاهرة بتاعت مرسي، في شارع مولد النبي بقتل حسن، وأنا شوفتهم بعيني وهما بيضربوه على رأسه.
س: وما قصد المتهمين بذلك؟
ج: موتوه ولولا أهل الحتة تصدوا ليهم كانوا موتونا إحنا واللي في الشارع كله.
س: وما قصد المتهمين من إتلاف وسرقة المنقولات الخاصة بك؟
ج: هما كانوا ماشيين يخربوا في البلد والمحلات والعمارات السكنية، وكل ما كان موجود أو يصادفهم يخربوه.


◄ الإخوان يعاقبون شابًا حمل صورة السيسي بـ«عاهة مستديمة»:
ضحية أخرى لعنف جماعة الإخوان، وسياسة «فش الغل» التي اتبعوها، وهو أسامة سعيد حمدي، الذي أصابه عناصر الجماعة بعاهة مستديمة، عقابًا له على مواجهته عنفهم، برفع صورة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
س: اسمك وسنك وعملك؟
ج: (أسامة. س ح)، وعمري 27 سنة، وأعمل بائع ملابس جاهزة بشارع مولد النبي.
س: ما معلوماتك بشأن الواقعة محل التحقيق؟
ج: اللي حصل أنه في يوم الجمعة 30 أغسطس 2013 وبعد الصلاة، وعند مسجد الخليل بجوار عمر أفندي أنا بفرش بملابس لبيعها، فوجدت تجمعًا من الإخوان أمام المسجد، وفي شيخ بدقن خلع الجلابية ولابس فانلة بحملات، وكان معاه خرطوش، وبعدين جريوا على صورة الفريق السيسي، المعلقة أمام عمر أفندي، لإسقاطها، وإشعال النيران بها، ولما حاولنا منعهم، ضربوا علينا نار، وكانوا مجهزين كراتين فيها مولوتوف، وكان معاهم عصيان، وولعوا في الفرش بتاعي، وكان في واحد صاحبي انضرب بخرطوش، فرحت أحوش عنه ضربوني في أصبعي، فتم بتره، والناس أخدوني على المستشفى العام، وهناك بتروا صابعي، وكان في إصابات كتير في جسمي.
س: وهل تبينت شخص المتعدي عليك تحديدًا؟
ج: واحد بدقن كبيرة من الإخوان وأنا لو شوفته هعرفه.
س: وهل كان مطلق الرصاص قاصدًا تصويبها نحوك؟
ج: أيوه عشان حملت صورة السيسي، وطلبت منهم يخلوا مظاهراتهم سلمية.
س: وهل أبصرت واقعة مقتل كل من هاني بكري وحسن إبراهيم؟
ج: أنا شوفت عمى حسن علشان كان جارنا في المحل، وعارفه، وشوفت واحد ضربه بحديدة على دماغه، وواحد ضربه بسكينة من بتوع مظاهرات الإخوان.
س: وهل تبينت شخص المعتدين تحديدًا؟
ج: أنا لو شوفتهم هاعرفهم.
س: ما عدد هؤلاء المتظاهرين تقريبا؟
ج: حوالي 6000 وكانوا جايين بميكروباصات.
الأقوال ذاتها أيدها عدد كبير من شهود الواقعة، ومنهم على سبيل المثال، المواطن (مكرم. أ م)، 39 سنة، صاحب محل لبيع الملابس الجاهزة بالمنطقة، والذي قال: «كنتُ أقف أمام المحل في شارع مولد النبي، وذلك يوم الجمعة، وفوجئت باتصال تليفوني من واحد بيفرش بشرائط كاسيت أمام محلي، يقول لي تعالى بسرعة؛ لأنه في تكسير في الشارع، فنزلت لقيت كل الشوارع فيها ضرب، ووصلت لمحلي فلقيت فيه تجمهر كبير، وتكسير مصابيح المحل، واليافطة المضيئة، والتكييف متكسر، وكانوا بيكتبوا على الجدران، وأبواب المحلات عبارات مسيئة للجيش، والشرطة، وتطالب بعودة الرئيس المعزول مرسي، ومعاهم خرطوش، وأسلحة بيضاء، وشوم، وشوفت أهل الشارع بيحاولوا يمنعوهم، ومسكنا مجموعة منهم وسلمناهم للشرطة».