يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

في فترة رئاسية جديدة.. كيف يدير أردوغان دفة علاقات بلاده الخارجية؟

الخميس 08/يونيو/2023 - 05:33 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
تلقي نتائج انتخابات الرئاسة التركية التي انتهت بفوز رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية جديدة العديد من التساؤلات حول سياسة أنقرة الخارجية في السنوات الخمس القادمة، لا سيما أن الحقبة الأخيرة شهدت تدخلات كثيرة في شؤون دول الجوار مثل سوريا والعراق وليبيا، الذين تعتبرهم تركيا "إرث الأجداد"، كما تقدم خدمات واستشارات عسكرية بالعديد من الدول الإفريقية، بالإضافة لأذربيجان حيث ساهمت أنقرة في دعم الأخيرة في حربها مع أرمينيا وتحرير إقليم ناغورنو قره باغ، ما كبدها أعباء اقتصادية كبيرة، فضلًا عن توتر علاقاتها مع المجتمع الدولي بعد أن تخلت عن سياساتها السابقة بتصفير المشاكل التي كانت تتبعها حتى سنوات قريبة.

سياسات متعارضة

تركيا اكتشفت في الفترة الأخيرة حجم الخسائر التي تكبدتها بسبب سياساتها المتعارضة وتقاربها في أوقات كثيرة مع روسيا، وشراء منظومات الدفاع الجوي S-400 الذي منع أنقرة من تسلم طائرات F-35 الأمريكية المتقدمة وأقصاها من برنامج تصنيعها، فضلًا عن العقوبات التي فرضتها واشنطن بموجب قانون مكافحة خصوم أمريكا ضد أكبر هيئة لتطوير الصناعات الدفاعية التركية، وأيضًا الخلافات المتصاعدة حول ترسيم الحدود في شرق المتوسط، ما قلص أمالها في تحقيق حلم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

أيضًا استمرار دورها المتوازن في الحرب الروسية الأوكرانية دون الانحياز لطرف على حساب الآخر في الحرب الجارية، فضلًا عن محاولتها تحسين العلاقات التجارية مع موسكو إذ تشكل تركيا قاعدة لإعادة التصدير، وبما يسمح لروسيا بالتحايل على العقوبات الاقتصادية والوصول إلى الأسواق الخارجية.


سياسة بزاوية 360 درجة

وأكبر دليل على ذلك تصريحات كبير المستشارين الأمنيين لأردوغان، إبراهيم كالين إذ أكد أن تركيا تحاول إدارة سياسة خارجية بزاوية 360 درجة، موضحًا لا نريد تفضيل أي قضية أو فاعل أو منطقة أو بلد معين على آخر، وكان أردوغان قد أكد في تصريحات قبيل الجولة الثانية أنه يعتزم الحفاظ على نفس السياسة في العلاقات مع روسيا ودول أخرى كما كان من قبل، مضيفًا لن أتحدى روسيا كما فعل حزب الشعب الجمهوري، وكنا على تواصل مع الولايات المتحدة والصين والغرب، وسأستمر على هذا النهج من الآن فصاعدا.

وينذر هذا بفرض واشنطن عقوبات ضد أنقرة، مما يضر في نهاية الأمر بالشعب التركي، وباتت أنقرة مؤخرًا تعيد حساباتها، وتعمل على تحسين علاقاتها مع دول الجوار لخفض حدة الصراعات، وفتح أسواق جديدة لمنتجاتها لإنعاش اقتصادها المنهك بفعل الحروب والصراعات وفيروس كورونا المستجد كوفيد 19، فضلًا عن سياسات أردوغان المالية التي كانت سببًا في انهيار الليرة التركية.


من المنتظر أن تصحح سياسة أردوغان الجديدة في فترته الرئاسية كثيرًا من أخطاء الحقبة الماضية، ولا سيما أن العالم يشهد حاليًّا عمليات إعادة تكوين نظام دولي جديد قد يكون متعدد الأقطاب، لذا تحاول تحسين العلاقات مع دول المنطقة، وذلك قد بدأ تنفيذه بالفعل في الفترة الأخيرة، عبر إعادة العلاقات مع سوريا، ووضع خطة لإعادة اللاجئين، إذ تم عقد لقاءات استخبارية، وعلى مستوى وزراء الدفاع والخارجية، ضمت تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، ونفس الأمر حدث مع دول الخليج مما يساعد في جذب رؤوس الأموال ومنح قبلة الحياة لاقتصاده المنهك.


العلاقات التركية ــ الإفريقية

ومن المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة استمرار العلاقات التركية مع الدول الإفريقية، بعد أن شهدت السنوات الماضية نشاطًا واضحًا لأنقرة في دول القارة السمراء عبر بوابة المنح الثقافية والمساعدات الإنسانية، والتعاون في المجالات الأمنية والعسكرية من خلال شركة سادات التي تُعد ذراعًا عسكريًّا لتركيا، كما ستعمل على حللة الأزمة الليبية بالتنسيق مع مصر هذه المرة لبسط الأمن والاستقرار في هذا البلد المنكوب منذ أكثر من عشر سنوات.
"