يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

صفحة جديدة.. ردود فعل الفصائل السورية على مشاركة «الأسد» في القمة العربية

الأربعاء 24/مايو/2023 - 12:18 م
المرجع
طباعة

على مدار أكثر من 12 عامًا من الصراع المسلح بين الفصائل والجماعات الإسلامية في سوريا التي انطلقت باسم الثورة السورية في مارس 2011م، لم تفلح أي من هذه الفصائل في تحقيق الهدف الأول لها وهو إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد إلى اليوم، الذي بدأ منذ مطلع العام الجاري سلسلة من التحركات والإجراءات على المستوى العربي والعالمي لتأكيد وجوده، باعتباره مازال ممثلًا عن الشعب السوري في تلك المحافل، وجاءت مشاركته الأخيرة في القمة العربية التي عقدت في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية لتثير حالة من الجدل بين مختلف الفصائل المسلحة، لتلقي السطور التالية الضوء على جانب منها.

صفحة جديدة.. ردود

تحركات موسعة

مع مطلع العام الجاري 2023 بدأ الرئيس السوري بشار الأسد سلسلة من الجولات الخارجية شملت كلًا من روسيا والمملكة العربية السعودية والإمارات بلغت ذروتها بصورة غير مسبوقة في مارس الماضي، فقد زار الأسد، روسيا في 14 من مارس 2023، بشكل رسمي على خلاف الزيارات السابقة التي كانت تتم بشكل سري لا يُعلن عنها سوى بعد انتهاء الزيارة، كما تخللتها بعض الإجراءات البروتوكولية التي لم تكن تحدث من قبل، في إشارة إلى أن هناك نوعًا من التوافق في المنطقة على السماح للأسد بتوسيع تحركاته بصورة أكثر مرونة.

سبقت زيارة الأسد إلى روسيا، زيارة أخرى إلى سلطنة عمان في أول مارس الماضي في إطار مجموعة من التسويات، منها مساعي تمديد صفقة فتح المعابر التركية مع سوريا مقابل تمديد تجميد العقوبات الأمريكية على سوريا، وقد استقبله خلال الزيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان وعقد الطرفا جلسة مباحثات رسمية هي الأولى منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011م.

وجاءت بعد الزيارتين زيارة أخرى إلى الإمارات العربية المتحدة في التاسع عشر من الشهر نفسه ثم زيارة رسمية أخرى للملكة العربية السعودية، وتعبر هذه الزيارات عن أمور تمهد الطريق أمام تحول جديد في التعامل مع بشار الأسد ونظامه.
 الدكتور محمد عبدالرازق
الدكتور محمد عبدالرازق
ردود فعل
ورغم تلك الزيارات والتحركات الرسمية وشبه الرسمية التي تؤكد هذا التحول، فقد جاءت مشاركة الأسد في القمة العربية المنعقدة بجدة في 19 من مايو 2023، لتشكل صدمة لكثير من الفصائل المسلحة في سوريا، والتي لم تكن تتوقع أن يصل الأمر لهذا الحد، وتباينت ردود أفعال هذا الفصائل، خاصة في ظل الحديث عن عودة سوريا مرة أخرى إلى الجامعة العربية بعد تجميد عضويتها لأكثر من 12 عامًا ليعود الأسد ممثلا رسميًّا عن الشعب السوري، وهو ما يشكل صدمة للكثير من تلك الفصائل.

وتعد هذه الإجراءات إعلانًا رسميًّا لفشل الثورة السورية التي لم تحقق الهدف الأول من أهدافها وهو إسقاط الأسد ونظامه، كما اعتبرها البعض انتصارًا للأسد على الثورة، ومن بين تلك الفصائل الغاضبة حركة أحرار الشام.

وأصدرت الحركة بيانا في 19 مايو 2023م على خلفية مشاركة الأسد في القمة العربية عبرت فيه عن استيائها من هذا الحدث، مشيرة إلى أنها لم تستشر أحدًا من الدول العربية ولا غيرها في بدء الثورة على نظام الأسد حتى تراجعها في إنهائها، وأكد البيان أن عداوة الشعب السوري لإيران وروسيا ونظام الأسد متجذرة وعميقة، وأن الثورة باقية ومستمرة، وهي متقدة في قلوب الناس.

كما شهدت مناطق خارج حدود سيطرة نظام الأسد مظاهرات تنديد بمشاركته في القمة العربية، خاصة في شمال غرب البلاد وعادت شعارات "الشعب يريد إسقاط النظام" مرة أخرى في مدينة أعزاز التي تسيطر عليها فصائل موالية لتركيا، كما اشتعلت المظاهرات أيضًا في كل من الباب وعفرين، ورفع المتظاهرون لافتات منددة بمشاركة الأسد في القمة.

بينما لم يصدر أي بيان عن جبهة النصرة التي يتزعمها أبو محمد الجولاني الذي بدا أكثر مرونه مع الحدث تماشيًا مع تحولات جماعته المتوالية، والتي تحاول طمأنة العالم بأنها أصبحت فصيلًا سياسيًّا يمكن أن ينافس على السلطة في وقت لاحق.

ويقول الدكتور محمد عبد الرازق، الباحث المتخصص في الشؤون الآسيوية، إن ردود الفعل الرافضة من الفصائل السورية أمر متوقع وليس مستغربًا، فكثير منها اعتبر أن جهوده على مدار السنوات الطويلة الماضية قد ضاعت هباءً، كما تبخرت أحلامه التي رسمها منذ اندلاع الثورة إلى الآن.

وأكد عبد الرازق في تصريح خاص لـ"المرجع" أن التحولات الدولية انعكست على تصرفات تلك الفصائل في الداخل السوري، مما أدى إلى ضعف نشاطها بصورة ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، وهو ما لا يمكن أن يجعلنا نتوقع أن يصدر عنها ردود أفعال عنيفة في الفترة المقبلة رغم خيبة أملها الكبيرة، مشيرًا إلى أن مشاركة الأسد في قمة جدة لا تعني عودة سوريا بشكل رسمي مرة أخرى إليها، بل هو مجرد تعبير رمزي عن رغبة في انهاء تلك الحقبة السوداء من تاريخ سوريا، وبدء صفحة جديدة تحتاج إلى خريطة طريق واضحة.
"