هل يضع التعاون الصيني ــ الأفغاني «طالبان» على طريق الاعتراف الدولي؟

لم تشكل نتائج المباحثات الأممية التي شهدتها العاصمة القطرية الدوحة بداية مايو الجاري، صدمة لحركة طالبان الحاكمة في أفغانستان، والتي كان يأمل بعض قادتها في الحصول على اعتراف بحكومة طالبان، إذ جاءت مخيبة لآمال الحركة، التي تبحث عن بدائل لهذا الاعتراف، من بينها عقد صفقات واتصالات مع دول العالم لتعويض آثار عدم الاعتراف الدولي بها وعلى رأسها الدخول في شراكة مع بعض الدول ومنها الصين التي صعدت مؤخرًا معدلات التعاون مع أفغانستان في عدد من المشروعات.
مبادرة الحزام والطريق
تعتبر مبادرة الحزام والطريق الصينية، امتدادًا لطريق الحرير الذي يربط الصين بمحيطها الإقليمي والدولي واسمها الرسمي هو (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وإستراتيجية تطوير طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين)، وتعرف اختصارًا باسم مبادرة الحزام والطريق منذ عام 2016، وبدأت المبادرة تحركاتها بالفعل في عدد من دول جنوب ووسط آسيا بالمشاركة في مشروعات البنية الأساسية.
وأجرى وزير الخارجية الصيني، تشين جانج في السادس من مايو الجاري، مباحثات ثلاثية مع أمير خان متقي وزير خارجية حركة طالبان خلال وجوده في إسلام أباد، بحضور وزير الخارجية الباكستاني بيلاوي بوتو زرداري، ناقشوا خلالها بعض القضايا المتعلقة بالأمن والتجارة.
وأكد متقي وفقًا لوسائل إعلام أفغانية أن أفغانستان تأمل في تعزيز التعاون مع الصين في تطوير البنية التحتية في إطار مبادرة الحزام والطريق.
فيما قال وزير الخارجية الصيني، إن بلاده مستعدة لتكثيف التعاون الأمني مع أفغانستان في مكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن بكين على استعداد لدعم جهود إعادة الإعمار في أفغانستان بكل نشاط، وأن على «طالبان» الوفاء بالتزاماتها الإقليمية والدولية، كما أنه من المهم أن تأخذ طالبان المخاوف الأمنية لجيرانها على محمل الجد وتتخذ إجراءات أقوى لمواجهة الجماعات المسلحة داخل أفغانستان.
استدعاء الصين
لم تكن المباحثات الأخيرة بين الصين وحركة طالبان، هي الأولى من نوعها لكن سبقتها إجراءات أخرى بدأت بالفعل على أرض الواقع في يناير الماضي، إذ وقعت طالبان أول عقد دولي لها مع الصين لاستخراج النفط من حوض آمو داريا شمالي البلاد بحضور وزير التعدين في حركة طالبان بالإنابة شهاب الدين دويلار.
وحضر مراسم التوقيع السفير الصيني في كابول، وانغ يو، ومسؤولون أفغان رفيعو المستوى، حسبما ذكرت وكالة أنباء «خامه برس» الأفغانية وقتها.
وأشارت الوكالة إلى أن العقد، الذي وقّعته شركة شينجيانغ آسيا الوسطى للنفط والغاز (كابيك)، يهدف إلى توفير نحوالي ثلاثة آلاف فرصة عمل للأفغان، كما يهدف إلى رفع قدرات استخراج النفط من منجم قشقري من (1.4 ألف برميل) إلى (7.1 ألف برميل).
وتعتبر هذه أول صفقة كبيرة لاستخراج موارد أولية توقعها طالبان مع شركة دولية منذ سيطرتها على السلطة في أغسطس 2021.
تخفيف العزلة
وحول هذا الإجراءات من قبل الحركة تجاه المجتمع الدولي، يقول الدكتور محمد عبدالرازق الخبير في الشؤون الآسيوية في تصريح خاص لـ «المرجع»: إن حركة طالبان تسعى للاستفادة من أي مناسبة تتيح لها إجراء أي علاقات دولية، سواء كانت في النواحي الاقتصادية أو غيرها، من أجل تعويض عدم الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة.
وأوضح أن حكومة طالبان بالفعل تضع مجموعة من البدائل لتعويض هذا الأمر الذي يكبل يدها كحكومة للبلاد أو ممثل شرعي للشعب، وقد تنجح في الحصول على ما تريد من خلال هذه البدائل لكنها تبقى في النهاية في أمس الحاجة إلى الاعتراف بها من أجل التحرك بصورة أوسع كحكومة للبلاد.
وأشار إلى أن من بين تلك البدائل استدعاء القوى العالمية، وبالطبع على رأسها الصين وروسيا للاستثمار في أفغانستان، وهي بذلك تستفيد من جهتين هما: دعم الاقتصاد الأفغاني المتهالك، ومن ناحية أخرى تخفيف العزلة الدولية عن أفغانستان وعن الحركة.