التقرير الأمريكي حول الإرهاب: العالم يحتاج لتكاتف حقيقي لمواجهة خطر يهدد الجميع

أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية مطلع مارس 2023 تقريرها السنوي حول الإرهاب، مشيرة إلى أن أحداث 11 سبتمبر كانت محركًا رئيسًا لوضع إستراتيجيات رادعة لتقويض التطرف العنيف بالبلاد، إلى جانب إدراك أهمية دراسة الأبعاد المختلفة للإرهاب دوليًّا للتمكن من التعامل مع الملف.
تطورت التهديدات الإرهابية بصورة كبيرة على مدار السنوات الأخيرة وتنوعت لتشمل الهجمات العنيفة وعمليات الذئاب المنفردة إلى جانب الأمن السيبراني وغيرها من التهديدات التي تضر بالأمن القومي للدول، فيما لفت الإصدار الأمريكي الرسمي عن الإرهاب إلى اتساع البؤر الجغرافية للإرهاب.
الاتجاهات العالمية للرؤى التكفيرية وتأثيرها على الأمن
شكلت الهجمات التي نفذها تنظيم القاعدة في سبتمبر 2001 ضد مركز التجارة العالمي وما خلفته من 2996 حالة وفاة وآلاف الجرحى والمصابين نقطة تحول كبرى في تاريخ الحركات التكفيرية، وكذلك في أولويات الأمن الدولي، ومع الخطبة الشهيرة لمؤسس تنظيم داعش المعروف باسم أبو بكر البغدادي في 2014 وما تمنته من إعلان الخلافة المزعومة على أرض سوريا والعراق بات واضحًا أن أزمة الإرهاب تحتاج إلى تكاتف دولي لإنها تهدد الجميع وليس مناطق نفوذها الجغرافي فقط.
تشير الورقة البحثية الأمريكية إلى أن أفريقيا تأثرت بشكل واسع بالتهديدات الإرهابية خلال السنوات القليلة الماضية، فعلى الرغم من الجهود الدولية المبذولة لتقويض الإرهاب، فإن تنظيم داعش تمكن من تنفيذ هجمات مؤثرة عبر فروعه المنتشرة في تشاد ونيجيريا والنيجر والكاميرون ما تسبب في إنهاك موارد المنطقة.
فيما استطاع تنظيم القاعدة تهديد منطقة القرن الأفريقي عبر فرعه في الصومال والمعروف بحركة الشباب، إلى جانب تهديد أمن مالي بجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، كما تتوسع تهديدات القاعدة في الساحل الأفريقي وفي كوت ديفوار وغانا وبنين وتوغو وكلك شبه الجزيرة العربية.
ولا تزال أفغانستان تمثل تهديدًا أمنيًّا لما تمارسه الجماعات الإرهابية بداخلها من أنشطة، إذ حافظ تنظيم داعش والقاعدة وغيرهما على فروع فاعلة بالمنطقة وذلك على الرغم من الجهود المبذولة لتقويض التطرف في أفغانستان ومحيطها.
الجهود الأمريكية على صعيد مكافحة الإرهاب
استخدمت الولايات المتحدة تقريرها الأخير للتسويق لجهودها في مجال محاربة الإرهاب وملاحقة الجماعات المتطرفة، مشيرة إلى قرارات تصنيف الإرهابيين على لوائحها الخاصة بذلك كأداة لملاحقة هؤلاء، إلى جانب مشروعات مكافحة التطرف العنيف في أفريقيا كتحالف التركيز الأفريقي والمعروف اختصارًا بـ(AFFG)
وحول مسارات الدور الأمريكي في مكافحة الإرهاب؛ وما قد يحمله من واقعية أو دعائية يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق إن الحكومة استطاعت قتل مؤسس داعش أبو بكر البغدادي وتقويض التنظيم في سوريا والعراق، وشكلت تحالفًا دوليًّا يحارب التنظيم تحت قيادتها، ولكن يبقى دورها مختلطًا.
إذ أشار الباحث في تصريح لموقع «المرجع» إلى أن واشنطن تواجه الإرهاب من جهة ومن جهة أخرى فهي ترعى أنظمة استبدادية في مناطق مختلفة من العالم، وتسمح بانتهاك حقوق الإنسان طالما تحافظ على مصالحها، لافتًا إلى أن الإرهاب هو أداة للاستبداد دوليًّا، فالحكومة الأمريكية على سبيل المثال تؤوي بعض المتطرفين لاستخدامهم كأدوات معارضة للضغط على الحكومات لتمرير مصالحها.