ad a b
ad ad ad

كان يمكنه تفادي الكارثة.. مصير أردوغان السياسي بعد الزلزال المدمر

الخميس 16/فبراير/2023 - 02:57 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
أصبح مصير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المحك بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في 6 فبراير 2023، والذي يعد الأعنف منذ عام 1939، إذ بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، وتجاوز عدد قتلاه 31 ألفًا و643 شخصًا، بخلاف المصابين، وتضرر أكثر من 12 ألف مبنى، وأضرت بنحو 20 مليون مواطن ولا سيما بعد اعتراف الرئيس التركي بالتقصير في استجابة الدولة للأزمة، قائلا: «هذه الأشياء دائمًا ما تحدث، إنها جزء من مسار القدر، وجهود الإغاثة لا تتم بالسرعة المأمولة.»، مما ينذر بانتهاء حكمه الذي تجاوز العشرين عامًا وفشله في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها خلال الأشهر القليلة المقبلة.

الرئيس التركي سبق له الاستفادة من استجابة الحكومة للزلزال الذي ضرب مدينة أزمير عام 1999، وأدى إلى مقتل 17 ألف شخص، ووصل به في نهاية الأمر إلى قيادة تركيا، مستغلًا عدم كفاءة حكومة بولنت أجاويد رئيس الوزراء وقتها، والذي تعرض لانتقادات حادة قادت حزبه العدالة والتنمية إلى الوصول إلى الحكم بعد 3 سنوات فقط، مما ينذره بنفس المصير حال إجراء الانتخابات في صيف 2023.

رد الفعل المتأخر للرئيس التركي على كارثة الزلزال زادت من السخط الشعبي ضده، إذ أمر بنشر عناصر ومعدات الجيش بعد 48 ساعة مما أدى إلى زيادة عدد الضحايا التي كان من الممكن إنقاذها لو تدخلت القوات المسلحة التركية بمعداتها وقدراتها الكبيرة فور حدوث الزلزال المدمر، ولكن إردوغان وحكومته يسعيان إلى الحد من سلطات الجيش في المجتمع.

ربط الشعب التركي بين دور المجتمع المدني الفعال في التعاطي مع أزمة زلزال 1999، إذ قدم العديد من المساعدات للمواطنين، وتراجعه في زلزال كهرمان مرعش، بسبب حملة القمع وغلق العديد من المنظمات بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، مؤكدين أن أردوغان لم يُضعف مؤسسات الدولة فحسب، بل أضعف كذلك المجتمع الأهلي التركي.

الكارثة والآثار المدمرة التي لحقت بتركيا جراء زلزال 6 فبراير 2023، أظهرت فشل الحكومة في تطوير إستراتيجية التعامل مع الزلازل التي تم إقرارها عقب زلزال 1999 الذي كان له دور كبير في وصول الرئيس التركي إلى السلطة عام 2002، وعدم الالتزام بأكواد تأمين المباني ضد الزلازل القوية، وأكبر دليل على ذلك تحذيرات المهندسين المعماريين والمخططين الحضريين لسنوات عدة من أن القواعد لا يتم اتباعها بدقة كافية، لكن دون جدوى في الوقت الذي وصف فيه أردوغان صناعة البناء بأنها جوهرة تاج الاقتصاد، مما شجع على الافتقار الضمني إلى الرقابة، بينما تميل العقود العامة الكبيرة في تركيا إلى الذهاب إلى المقربين أنفسهم من الحكومة.

تساؤلات المعارضة التركية، حول طريقة التعامل مع الأموال الطائلة التي جمعت بموجب ضرائب تضامنية ضد الزلازل، منذ عام 1999، والتي تبلغ حصيلتها أكثر من 40 مليار دولار، فضلًا عن تصالح الحكومة مع المخالفين لقواعد البناء، والتي تسمح بالإبقاء على المخالفة وإلغائها مقابل دفع غرامة مالية، أدى إلى الإبقاء على 6 ملايين مبنى مخالف دون تغيير، تضرر عدد كبير منها من الزلزال الأخير، الأمر الذي يؤدي بلا شك إلى تآكل شعبية الرئيس التركي الذي يعاني منذ فترة من أزمات اقتصادية بعد وصول التضخم إلى 57%، مما أدى إلى ارتفاع صاروخي في تكلفة المعيشة في البلاد، جعلت الكثيرين من مؤيديه رفع شعار المطالبة بالتغيير.

منحت كارثة الزلزال أحزاب المعارضة السلاح الذي كان ينقصها لمهاجمة النظام التركي، إذ أكد كمال كيليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، إن البناء غير المطابق للمواصفات ساهم في ارتفاع عدد الضحايا وإن تركيا، الدولة المعرضة للزلازل، لم تتعلم دروسًا من الماضي، متهمًا الحكومة بإهدار أموال دافعي الضرائب المخصصة لمواجهة مثل هذه الكوارث.

كما قالت ميرال أكسينر رئيسة حزب أيي المعارض إن السبب الرئيسي لهذه الفوضى اليوم هي حكم الرجل الواحد، زاعمة أن انهيار المؤسسات حدث في البلاد بعد أن حوّل أردوغان مكتب الرئيس إلى حلقة وصل للسلطة التنفيذية.

كما أعرب أحمد داود أوغلو رئيس حزب المستقبل عن حزنه لانكماش قدرات الدولة، في مواجهة آثار الزلزال، وتراجع دور الهلال الأحمر التركي.

المعطيات السابق ذكرها تؤكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواجه انتخابات رئاسية صعبة في صيف 2023، بسبب الفشل الحكومي في التعامل مع آثار الزلزال حتى الآن فضلًا عن الأزمات الاقتصادية، ولاسيما أنه كان دومًا يردد أنه صاحب طفرة البناء والمعمار في تركيا في السنوات الماضية، لذا من الممكن أن يحاول استغلال الكارثة في محاولة تأجيل الانتخابات لمدة عام عملًا بالمادة 78 من الدستور التي تسمح بتأجيل الانتخابات لمدة عام واحد فقط بسبب الحروب والأزمات، وإن كان ذلك قد يخلق جدلًا دستوريًّا حول السلطة المخولة باتخاذ القرار بما يعمّق من الاستقطاب السياسي والمجتمعي.
"